خبراء ألمان: "الخطة الأمنية الجديدة لن تفلح في حل مشاكل العراق"
١٦ فبراير ٢٠٠٧مع بدء تطبيق الخطة الأمنية الجديدة في بغداد قامت الحكومة العراقية بإغلاق المنافذ الحدودية مع سوريا وإيران لمدة ثلاثة أيام. ويأمل المسؤولون العراقيون حسب تصريح اللواء الركن عبود كنبر أن يساهم هذا الإجراء في إحكام السيطرة على الحدود للحيلولة دون تسلل الجماعات المسلحة ومهربي الأسلحة إلى العراق. وأعلن قنبر أيضا أنه سيتم، في إطار الخطة الأمنية الجديدة، فرض حضر التجوال في منطقة بغداد بالإضافة إلى منع المدنيين من حمل السلاح دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل عن نقاط الإستراتيجية الأمنية التي ترغب الحكومة العراقية في وقت لاحق كشف المزيد من تفاصيلها. لكن الإعلان عن الخطة أثار من ناحية أخرى ردود فعل دولية متباينة، إذ أبدى عدد من الخبراء والمراقبين للتطورات السياسية والأمنية في العراق تحفظهم إزاء نجاحها في حل المشاكل الأمنية التي يتخبط فيها هذا البلد. هذا ما حذا بالخبير الألماني في الشؤون العراقية لدى مؤسسة العلوم والسياسة غيدو شتاينبرغ إلى التشكيك في نجاعة الإغلاق المؤقت للحدود. فمثل هذا الإجراء المؤقت، وإن تم تمديده، لن يحل في نظره المشاكل التي يتخبط فيها العراق، حيث قال في هذا السياق: "لا يمكن القضاء بمثل هذه الإجراءات على مهربي الأسلحة".
التدهور الأمني يقوض جهود نزع السلاح
أما ما يخص تجريد المدنيين العراقيين من الأسلحة فلا يعتقد المحللون السياسيون أن يتم إحراز تقدم كبير في هذا الجانب. ورغم أن نزع السلاح من قبضة المدنيين يعد خطوة هامة، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع يعد في نظر خبير الشؤون السياسية لدى مؤسسة التنمية والسلام التابعة لجامعة دويسبورغ-إيسن يوخن هيبلر بعيد المنال. وعن ذلك يقول: "ليس هناك من يرغب في تسليم أسلحته طوعا، حتى الأشخاص المدنيين العاديين". ويعزي الخبير الألماني عزوف المواطنين العراقيين عن تسليم أسلحتهم وعدم تجاوبهم مع نداء الحكومة العراقية إلى عدم قدرة هذه الأخيرة على بسط سيطرتها الأمنية في البلاد، ناهيك عن قدرتها على حماية المواطنين. وفي ظل استمرار التدهور الأمني يرى هيبلر أنه ليس أمام المواطنين العراقيين من خيار آخر سوى حماية أنفسهم بأنفسهم.
زيادة عديد الجنود لا يحل المشكلة
أما فيما يخص زيادة عدد القوات الأمريكية المرابطة في العراق بنحو 20000 فيرى بعض الخبراء أن تعزيزها يدخل ضمن استراتيجية عسكرية جديدة تتوخى استتباب الأمن في العراق وتطهير البلاد من الجماعات المسلحة. وفي هذا السياق يعتقد شتاينبيرغ أن هذه القوات ستحاول في المرحلة الأولى بسط السيطرة الأمنية في العاصمة العراقية لأن "الأمريكيين يروا أن بسط الأمن في بغداد يفتح الباب أمام بسط الأمن في العراق" حسب تعبيره. لكن تأمين المدن العراقية وتمشيطها يحتاج إلى قدرات عسكرية أكبر. ويذكر شتاينبيرغ في هذا السياق بأن القوات الأمريكية قامت في السابق بعمليات عسكرية مكلفة شملت تطويق بعض أحياء المدن لتمشيطها. وهذا ما دفعها إلى خوض حرب شوارع شرسة والقيام بعملية تفتيش منزل بمنزل ما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى. هذا النوع من العمليات العسكرية يظل في نظر شتاينبيرغ غير مجد إذا لم يتم توفير عدد كاف من الجنود من أجل القيام بعمليات تطهير مختلف أحياء المدن بشكل متزامن. وعليه فهو يرى أن الحل يكمن في "ضرورة تمكن العراقيين أخيرا من بناء قواتهم الأمنية، وهو الأمر الذي لم يتم بعد" على حد تعبيره.
مستقبل العراق ما زال غامضا
تفاؤل الحكومة العراقية بخطتها الأمنية الجديدة على وضع حد للانفلات الأمني في البلاد يقابله تشاؤم بعض الخبراء والمحللين السياسيين في ألمانيا تجاه مستقبل العراق في ضوء غياب استراتيجية واضحة المعالم لإنهاء الاقتتال فيه. فالمحلل السياسي هيبلر أعرب في معرض حديثه مع موقع دويتشه فيله عن انعدام رؤية واضحة فيما يخص العراق ويقول في هذا الصدد: "ليس بمن الضروري أن يكون هناك دائما حل. بالنسبة للعراق لايوجد في الوقت الراهن أي حل". ونبه في هذا السياق إلى أنه في خضم الظروف الراهنة التي يمر بها البلد يصعب التحدث عن حلول لأزمات عويصة. فاستقرار العراق يحاتج في نظره إلى مرور بضع سنوات إلى أن تُنهك قوى المقاتلين أو تتمكن إحدى الجماعات من فرض نفسها هناك.
إغلاق الحدود وتداعياته
يسود نوع من الجزم في أوساط الخبراء بأن إغلاق الحدود العراقية كجزء من الخطة الأمنية الجديدة لن يقود إلى الهدف المنشود. فقد اعتبر غيدو شتاينبيرغ في معرض حديثه عن الإستراتيجية الأمنية الجديدة في العراق أن النقاش الدائر حول الأسلحة المهربة من إيران إلى داخل العراق عبارة عن نقاش وهمي يتجنب الخوض في لب المشاكل التي يتخبط فيها بلد يعاني من انقسامات عميقة وفلتان أمني. أما المحلل السياسي هيبلر فقد أعرب من جانبه عن أمله أن لا تحاول الحكومة الأمريكية من خلال عملية إغلاق الحدود العراقية نسب المسؤولية عن الوضع الكارثي الذي يعيشه حاليا العراق إلى جهات خارجية مشيرا إلى أن الطريق الأمثل لتجنب الهزيمة في العراق هو انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية مصحوب بدعم اقتصادي للشعب العراقي.
فيرا مولر-هولكمب/ إعداد: طارق أنكاي