الخبير الألماني في الشؤون العراقية يوخن هبلر: "إعدام صدام لن يجلب الأمن للعراق"
٢٩ ديسمبر ٢٠٠٦ازدادت التوقعات بقرب تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين مع إعلان مسؤول كبير في الإدارة الاميركية عن أن البيت الأبيض يتوقع تنفيذ حكم الإعدام بصدام حسين في وقت قريب جدا. وتتزامن هذه التوقعات أيضا مع تأكيد رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أن الجانب الامريكي طلب من محاميه استلام الأغراض الشخصية المتعلقة بصدام أو تخويل أي شخص باستلامها. وكانت قناة "العراقية" الفضائية الناطقة باسم الحكومة العراقية قد نقلت عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قوله بأنه "لا أحد بامكانه نقض حكم الإعدام بحق صدام حسين". كما أكد المالكي "لا مراجعة ولا تأخير في تنفيذ الحكم ضد صدام حسين"، حسبما أفادت قناة "العراقية" الفضائية.
ومن جهة أخرى ورغم تزايد أشارات قرب تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس المخلوع صدام حسين، إلا أن مسؤولين عراقيين بارزين أكدوا أن حكم الإعدام قد لا ينفذ بحقه خلال الشهر القادم، مما يلقي بشكوك حول الكيفية التي قد يفسر بها حكم محكمة التمييز، الذي قالت فيما يبدو أنه ينبغي أن يعدم خلال 30 يوما. وفي هذ الصدد قال كبير المتحدثين باسم المحكمة، رائد جوحي، إن هناك "سوء فهم" للقانون وان صدام قد لا يعدم قبل فبراير/ شباط أو بعد ذلك. جدير بالذكر أن دائرة التمييز في المحكمة الجنائية العراقية العليا قد أصدرت حيثيات حكمها بالتصديق على إعدام الرئيس المخلوع شنقا لارتكابه "جرائم ضد الإنسانية".
"إعدام صدام لن يجلب الأمن للعراق والعراقيين"
وفي ضوء هذا التناقض في المعلومات والإشارات الواردة حول قرب تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام وتعجل الحكومة العراقية بتنفيذ ذلك، يرى يواخيم هبلر، محاضر في العلوم السياسية في معهد "أبحاث التطور والسلام" التابع لجامعة دويسبورغ- أسن الألمانية وباحث مختص في الشؤون العراقية في مقابلة مع موقعنا بأن الأمر"لا يتعلق بتعجل الحكومة العراقية وإنما مرده إلى رغبتها في عدم الإعلان عن موعد محدد لتنفيذ حكم الإعدام بهدف الحيلولة دون وقوع احتجاجات منظمة ضده وتأجيج الموقف في هذا اليوم وحشد الجهات العراقية المعارضة لتنفيذ الحكم لطاقاتها وتوجيها ضد أهداف عراقية وأمريكية محتملة." وفي رده على سؤال لموقعنا فيما إذا كان إعدام صدام سيغير شيئا في الأوضاع الأمنية العراقية، أوضح الباحث هبلر بأن ذلك "لن يؤدي إلى إحداث تغيير نوعي في المشهد الأمني العراقي ولن يؤدي إلى جلب الأمن والأمان للعراق والعراقيين."
وفضلا عن ذلك فإن تهديدات بعض الجماعات السنية بشن المزيد من الهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق ليست جديدة ولن تغير الكثير، وإن اختلفت في شدتها ووجهتها، كما أوضح هبلر، الذي أضاف قائلا: "عندما يستحضر المرء حجم ردود الأفعال على اعتقال صدام حسين، حيث تحدث الجميع عن نتائج خطيرة وكبيرة. لكن حضور صدام في المشهد السياسي العراقي يكاد يقتصر على تأثيره السيكولوجي البحت، فصدام لا يلعب دوراً مؤثرا على الساحة السياسية في عراق اليوم."
هل سيترك إعدام صدام آثارا إقليمية؟
يرى عدد من المحللين بأن إعدام صدام، لاسيما تحت مظلة لا تملك الشرعية من وجهة نظر مجمل الشارع العربي، قد يجد له أصداء كبيرة في الشارع العربي قد تتمثل بالاحتجاج والمهرجانات الخطابية. غير أن المحلل هبلر يرى أن "صدام أصبح ضربا من الماضي وفقد شرعيته بشكل كامل، لأن يداه ملطخة بالدماء." لكن نفوذ الشيعة المتزايد في العراق يثير مخاوف دول إقليمية مثل السعودية والأردن وهو نتاج مباشر لسقوط نظام صدام والاحتلال الأمريكي واستمرار عمليات المقاومة وأعمال العنف"، وفقاً لتحليل هبلر.
"ممارسة الضغوط على الحكومة العراقية غير مجد"
وفي غضون ذلك توالت ردود الفعل المنددة بقرب تنفيذ حكم الإعدام، وطالب العديد من الأصوات السلطات العراقية بالتروي والتريث، وذلك في ضوء الثغرات القانونية التي واكبت محاكمة صدام. فقد دعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لوي أريور العالم إلى التأكد من توافر محاكمة عادلة وأدلة وقرائن نزيهة. أما رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي فاعتبر أن إعدام صدام لن يخدم السلام والأمن في العراق. وفي سياق متصل، وحول موقف الاتحاد الأوروبي المشكك بسير محاكمة صدام وبحكم الإعدام اعتبر الباحث الألماني هبلر أنه "ربما من غير المجدي ممارسة الضغوط على الحكومة العراقية التي هي أصلا في موضع الضعف، إذ يجب أن توجه مثل هذه الضغوط إلى الإدارة الأمريكية بوصفها من يمسك بخيوط هذه القضية." كما اعتبر في الوقت ذاته أنه"على الرغم من سياسة صدام الداخلية والخارجية ويده الملطخة بالدماء فإن عقوبة الإعدام تبقى عقوبة كبيرة ذات نتائج وخيمة."
ومن جهة أخرى، فإن مواقف الأوروبيين الرافضة لعقوبة الإعدام بوصفها تخالف مبدأ أساسيا من المبادئ التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي يصعب على العراقيين فهمها أو قراءتها في سياقها الصحيح. فغالبية العراقيين يعتبرون من "يرفض إنزال عقوبة الإعدام بحق صدام مؤيدا له وأعماله"، على حد تعبير هبلر، الذي عزى ذلك إلى"غياب دولة القانون والأطر الحقوقية في العراق التي تنظم مثل هذه المحاكمات وتضمن نزاهتها." كما أضاف هبلر قائلا: "نقمة العراقيين الكبيرة بسبب ممارسات صدام تدفعهم نحو عدم تفهم الموقف الأوروبي."