حلم الجزائريين بالتوجه إلى أوروبا ـ ملف الهجرة الساخن
١٩ فبراير ٢٠١٧عندما تسافر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى الجزائر الإثنين (20 فبراير/ شباط)، فإنها تحمل في حقيبتها طلبات رؤساء حكومات بعض الولايات الألمانية ورؤساء البلديات، الذين يريدون أن تستقبل دول شمال إفريقيا، ومن بينها الجزائر رعاياها المرفوضة طلبات لجوءهم في ألمانيا.
فقبل أيام تحدث كارستن زيلينغ، عمدة مدينة بريمن، عن وجود صعوبات بهذا الشأن بالقول إن دول المغرب العربي غير مستعدة لاستقبال رعاياها. ومن بين 15 شخصا مطالبين بالرحيل لم تتمكن مدينة بريمن من إبعاد سوى شخص واحد. وأضاف كارستن زيلينغ :"هذا ليس بسببنا، وبالتالي وجب على الحكومة أن تتولى المشكلة." ميركل تريد السفر إلى المغرب والجزائر وتونس ونحن نتمنى للجميع النجاح الكبير، يؤكد زيلينغ.
وضع اقتصادي ضعيف
وتسافر ميركل إلى بلد يواجه تحديات كبيرة: فنسبة الأمية في الجزائر أكثر من 20 في المائة، ونسبة البطالة نحو 10 في المائة. ووصلت مديونية الحكومة في عام 2016 إلى 13 في المائة أما الديون الخارجية كانت في حدود 5.8 مليار دولار، ويُتوقع أن ترتفع خلال 2017 إلى 8.7 مليار دولار. وتوجد لدى الجزائر صناعة ضئيلة، مبنية خصوصا على الموارد الطبيعية. ففي 2015 ساهم قطاع الغاز الطبيعي بـ 42 والنفط بـ 34 في المائة من حجم الصادرات. وبجانب البيتروكيماويات لا تتوفر البلاد على قطاعات صناعية أخرى تُذكر، وبالتالي فإن اقتصاد البلاد مرهون بسعر سوق مواد الطاقة. فانهيار سعر النفط منذ 2014 أثر بقوة على الجزائر: ففي الوقت الذي حققت فيه البلاد في 2013 زيادة في العائدات بنحو 11 مليار دولار سجلت في عام 2015 نقصا بقيمة 17 مليار دولار.
وهذا يؤثر بقوة على نفقات الدولة والاستثمارات ودعم المواد الغذائية الرئيسية. وعلى هذا الأساس فإن الوضع جد صعب بالنسبة لسكان البلاد الذين يبلغ عددهم نحو 41 مليون نسمة. وتحتل الجزائر، طبقا لتصنيفات دولية المرتبة 108 في سلم الدول التي تعاني من الفساد من بين مجموع 176 بلدا، وعليه فإن الشركات الأجنبية قلما تفكر في الاستثمار في هذا البلد الواقع بشمال إفريقيا.
أوضاع سياسية هشة
سياسياً، تواجه الجزائر وضعا لا تُحسد عليه. فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يشغل منصبه منذ 1999 يعاني من وضع صحي سيء وقلما يظهر للعلن. ويقول رشيد أوعيسى، خبير العلوم السياسية بجامعة غوتنغن الألمانية إن البلاد ودعت على الرغم من ذلك أوقات الحكم المتسلط التقليدي "هناك مثلا صحافة منتقدة جريئة. ولا توجد خروقات حقوق الإنسان الفادحة، كتلك التي عهدناها في السبعينات".
فيما تقول منظمة العفو الدولية إن وضع حقوق الإنسان غير مرض. فالأشخاص الذين يُتهمون بدعم الإرهاب يتم اعتقالهم في أماكن سرية ويتعرضون للتعذيب. كما أن مصير أكثر من 6000 "مختف" مازال غير معروف.
وتنتقد منظمة العفو الدولية النقص في حرية التعبير. وانتقاد مسئولين كبار وعناصر قوى الأمن يؤدي بصاحبه إلى عقوبة، لاسيما وأن قوى الأمن لا تخضع لمراقبة كافية، حسب ما ذكر الصحفي الجزائري المقيم في فرنسا محمد سيفاوي في كتابه "القصة السرية للجزائر المستقلة". وتحتل أجهزة الاستخبارات مكانة تحميها من أية متابعة قانونية، علما بأنها هي من يدير القرارات الرئيسية في البلاد، وتقرر منذ أكثر من 20 عاما الحياة السياسية في الجزائر، حسب سيفاوي.
ويؤكد رشيد أوعيسى أن هذا الضغط له تأثير معرقل بالنسبة للأوضاع السياسية، فصحيح أنه توجد أحزاب معارضة، لكن إمكانياتها تبقى محدودة جدا، "ليتم تجريد القوى السياسية من أهميتها".
تحدى الإرهاب
كما أن الجزائر ماتزال تواجه أعمال الإرهاب، علما بأن الدولة حققت نجاحات في مكافحة هذه المعضلة. لكن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد تشعل نقمة الشباب بسبب نظام متحجر في البلاد. والأربعاء الماضي (15 فبراير/ شباط 2017) قتلت قوى الأمن الجزائرية بالقرب من العاصمة خمسة مشتبه بهم بالإرهاب.
حلم أوروبا
ونظرا للوضع الكارثي في البلاد يريد الشباب الجزائري المغادرة إلى الخارج. فالعديد منهم يشعرون بخيبة الأمل ولا يرون آفاقا، وبالتالي "فإن أوروبا تبقى حلمهم"، كما يقول رشيد أوعيسى.
وفي المقابل فإن ألمانيا ليست على استعداد لاستقبال هؤلاء الشباب الجزائريين. ومن المنتظر أن تعرض المستشارة ميركل خلال زيارتها للجزائر مقترحات للحد من الهجرة غير القانونية. وبذلك ستقف الحكومة الجزائرية أمام مشكلة كبيرة، لأنها تواجه تحديات في محاربة أسباب الهجرة، على كافة المستويات.
كرستين كنيب/ م.أ.م