حلب السورية تبدأ حملة نظافة بلوحات إعلانية عامة تثير الصدمة
٣٠ أبريل ٢٠٠٩على مداخل مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية تطالعك لوحات إعلانية كُتب عليها عبارة "بدون تعليق" وهي تعرض صورا لأوساخ وقمامة من شوارع حلبية مختلفة، بداية قد يُصدم المرء بصور الأوساخ، قبل أن يعرف أنها جزء من مشروع حملة نظافة مستدامة تشمل المدينة تحت عنوان "مدينتنا". وقد تم إطلاق هذا المشروع أواخر آذار/ مارس الماضي على أن يتم إنجازه بحلول العام القادم 2010.
وسبق الإطلاق حملة مشاورات استمرت سنة، وشارك فيها متطوعون من أهالي المدينة وخبراء محليين وأجانب. وفي هذا الإطار استعان مجلس مدينة حلب التي يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة بمشروع يحمل نفس الاسم، أي "مدينتنا"، وهو جزء من برنامج استراتيجية تنمية المدن CDS التابع لتحالف المدن العالمي الذي يضم شيكاغو وهانوي ومدنا أخرى من مختلف دول العالم. ويشرف على تنفيذ المشروع الحلبي مجلس مدينة حلب والوكالة الألمانية للتعاون التقني GTZ التي تموله بشكل جزئي كذلك.
ومن ميزات هذا المشروع الأول من نوعه في الشرق الأوسط أنه سيعتمد في تنفيذه على تعاون سكان المدينة مع بلدية المدينة في مختلف مراحله بدءا بالتخطيط وانتهاء بالإنجاز. وينبغي أن يتم ذلك على أساس إيجاد حلول مستدامة لمشكلة النظافة على مدى العشرين سنة القادمة من خلال إيجاد دور أكبر لمجتمع المدينة من دور بلديتها على هذا الصعيد.
إشراك المواطن لتجاوز ضعف الإمكانيات
ويأتي إطلاق المشروع على ضوء المشاكل المتزايدة التي تعاني منها حلب على صعيد التخلص من القمامة لأسباب عديدة من أهمها نقص العمال والمعدات والآلات اللازمة لعملهم حسب فراس المصري منسق حملة النظافة في حلب/ "مدينتنا". ومن الأسباب الجوهرية لذلك أيضا النقص الكبير في وعي الناس لأهمية النظافة. وهو الأمر الذي يظهر على سبيل المثال من خلال عادات رمي القمامة من شرفات المنازل وفي كل مكان بعيدا عن الأمكنة المخصصة لها. وقال المصري في لقاء مع موقعنا إن المدينة تفرز في الوقت الحاضر 1700 طنا من النفايات المنزلية يوميا، وهي كمية تزيد بنسبة 30 بالمائة عما كان عليه الحال قبل 8 سنوات. يضاف إلى ذلك نفايات طبية وصناعية لا تقل حجما عن ذلك. ولكي يتم التخلص من هذه النفايات تحتاج بلدية المدينة حسب المصري إلى 5000 عامل بدلا من 2500 يعملون حاليا. كما أنها بحاجة إلى 2500 ضاغطة نفايات، مع أنه ليس لديها سوى 90 حاليا. ومن هنا وعلى ضوء عدم توفير إمكانية توظيف عمال جدد وشراء معدات إضافية، برزت ضرورة إشراك المواطن في تخطيط وتنفيذ المشروع بهدف تجاوز هذه الثغرات.
ثلاثة مراحل تنتهي بتعميم الخبرات الأفضل
يتضمنالمشروع ثلاث مراحل تشمل الأولى إظهار حجم المشكلة لأهالي المدنية والقادمين إليها وصناع القرار من خلال التواصل مع السكان وعبر وسائل الإعلام والجمعيات الأهلية والدينية حسب نهاد الأميري الخبير المعتمد من قبل وكالة التعاون التقني الألمانية. وقال الأميري في لقاء خص بها موقعنا: "في هذا الإطار يأتي عرض اللوحات لتكون بمثابة صدمة للناس لإشعارهم بحجم المشكلة وخطورة القذارة التي يشتركون في المسؤولية عنها إلى جانب الجهات الأخرى المعنية". وتشمل المرحلة الثانية من المشروع حسب الخبير القيام بتجارب ميدانية عن طريق الاستعانة بشخصيات دينية وفنية ورياضية تعتبر قدوة لدى الناس. وتتضمن هذه التجارب عرض صور من حياة هؤلاء في المنازل والدوائر الحكومية وهم يقومون بأنفسهم بوضع أكياس القمامة داخل الأمكنة المخصصة لها. أما المرحلة الثالثة فستكون مرحلة عرض النتائج على ضوء التجارب التي تم القيام بها. وعلى ضوء ذلك سيتم تعميم الأكثر نجاحا منها. ويتخلل مراحل المشروع توعية الكبار والصغار بأهمية النظافة في مدينة تعد من أقدم وأعرق مدن العالم قاطبة. وفي إطار ذلك سيكون هناك محاضرات عامة ودروس لتلاميذ المدارس في صفوفهم، إضافة إلى معرض متنقل بهذا الخصوص.
وعلى ذلك تعميم التجارب الناجحة فإن الأمر لن يقتصر على التي تم اكتسابها من خلال المشروع، بلا سيشمل تجارب سابقة مثل تجربة ضاحية "هنانو" التي نجحت في تحويل المنطقة إلى مكان رائد في مجال النظافة العامة بفضل تعاون سكانها مع عمال النظافة حسب غادة الرفاعي مديرة المرصد الحضري في مجلس مدينة حلب. وقالت الرفاعي لاحظنا توجه متزايد نحو رمي القمامة في الأمكنة المخصصة لها أسوة بما يحدث في "هنانو"، وبعد حملة اللوحات التي تعرض الصور السيئة عن القمامة في الشوارع.
الكاتبة: عفراء محمد - حلب
المحرر: ابراهيم محمد