الأسبوع الألماني - السوري للبيئة: استخدام المواد العازلة يوفر استهلاك الطاقة
٦ ديسمبر ٢٠٠٨أجمع المشاركون في الأسبوع الألماني - السوري للبيئة الذي عُقد في دمشق على أن خسارة الطاقة في المباني السكنية منها والصناعية تتم بالدرجة الأولى عن طريق فتح النوافذ والأبواب. كما أن جدران المباني ذات العزل الضعيف تتسبب هي الأخرى في ضياع الطاقة، خاصة منها الجدران المبنية من طوب الخرسانة المجوف الذي يتسرب عن طريقه الهواء والحرارة الخارجية إلى داخل المباني على حد تعبير جورج ويليام مانيكا، أستاذ فيزياء البناء والعناصر الإنشائية بجامعة روستوك. وعلى ضوء ذلك يرى مانيكا في حديث مع موقعنا أن سحب الهواء من الخارج عن طريق أنابيب عازلة وتبديله بالهواء الداخلي أفضل طريقة للاحتفاظ بالحرارة داخل المنازل. أما توزيع الهواء المسحوب في الداخل فيمكن أن يتم عن طريق شبكة أنابيب داخلية على غرار شبكات المياه والكهرباء. وقد أثبت تطبيق هذه التقنية في ألمانيا نجاحاً كبيراً في التقليل من استهلاك الحرارة اللازمة للتدفئة في فصل الشتاء. أما في فصل الصيف فإنها تساعد على تقليص درجات الحرارة العالية في المباني من خلال التجديد المستمر للهواء كما يقول الخبير مانيكا.
"مبدأ الدب القطبي" للتدفئة
يتطلب إنشاء أبنية تمنع تسرب الهواء والرطوبة الاعتماد على عناصر إنشائية قادرة على العزل يمكن الحصول عليها من الطبيعة، كالقنب والقطن والصوف الحيواني والألياف الصناعية العضوية pes-fibers . " هذه المواد ينبغي استخدامها كحبيبات يتم صبها داخل الحجارة المستخدمة في البناء" على حد تعبير ماينكا. وهناك مواد أخرى طبيعة وذات كلفة منخفضة لا تقل أهمية كحبيبات الطين والمادة البركانية والقصب الموجود على ضفاف الأنهار.
وتُستخدم هذه المواد في ألمانيا وخاصة في المناطق الريفية والشمالية. ومن ميزاتها الاحتفاظ بدرجات الحرارة التي تمتصها خلال النهار بشكل يساعد على الاحتفاظ بأجواء معتدلة في داخل المنازل خلال الليل حين تنخفض درجات الحرارة في الخارج. ويطلق على مبدأ دخول الحرارة إلى داخل المواد دون خروجها مبدأ "الدب القطبي" الذي يعني تدفئة داخلية رغم برودة الجو في الخارج.
ضعف القوانين والرقابة
أثبتت طريقة البناء التي تستخدم المواد العازلة كفاءة كبيرة في توفير الطاقة على حد قول الدكتور سعد البرادعي عضو نقابة المهندسين الألمان. فمن خلال مقارنة استهلاك الطاقة في سوريا وألمانيا تبين أن معدل استهلاك الفرد لمصادر الطاقة بمدينة حلب أعلى من مثيله في المدن الألمانية خلال فصل الشتاء رغم أن طقس ألمانيا أكثر برودة بكثير من طقس سوريا. ويعود السبب في ذلك إلى نوعية الأبنية الحلبية التي لا تتمتع بجودة عالية تساعد على عزل الهواء والرطوبة. ويرى الدكتور البرادعي أن للمشكلة عدة أوجه أبرزها أن قوانين البناء في سوريا والدول العربية عامة ليست صارمة على صعيد التقيد بالمواصفات الجيدة كما هو عليه الحال في ألمانيا. يضاف إلى ذلك مخالفة التقيد بهذه المواصفات بسبب ضعف رقابة الجهات الرسمية المعنية.
ومن جهة أخرى يبالغ المهندسون في الدول العربية بتصميم المباني بشكل يعتمد على مواد قليلة الكلفة دون إعطاء الأولوية للنوعية. وعلى ضوء ذلك يرى البرادعي أن هناك حاجة لتحسين مستوى تشريعات البناء في الدول العربية اعتمادا على خبرات دول أخرى مثل ألمانيا التي تتمتع بقوانين متكاملة يتم تطبيقها بصرامة. كما أن تعتمد قوانين تشجع على الأبنية التي تعتمد على المواد الطبيعية والطاقات المتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية.
تعزيز تبادل الخبرات العلمية
ومن بين الموضوعات التي تطرق إليها المشاركون في الأسبوع الألماني - السوري للبيئة، موضوع مياه الشرب ومياه الصرف الصحي والطاقات المتجددة، بالإضافة إلى موضوع اقتصاديات النفايات الصلبة. وإلى جانب جامعتي دمشق ورستوك، شاركت في فعاليات الأسبوع الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي DAAD والوكالة الألمانية للتعاون الفن. كما شاركت فيه أيضا هيئة التطوير ومتابعة التأهيل الدولي الألمانية InWent.
وفي إطار نشاطات هذه الأسبوع أكد الدكتور وائل معلا، رئيس جامعة دمشق، على ضرورة الارتقاء بنوعية الحياة والأداء البيئي في سورية، وتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك المخلة بالبيئة وحماية الموارد الطبيعية. كما دعا إلى تبني مبدأ الاستدامة في توظيف واستغلال هذه الموارد عبر المسؤولية المشتركة لقطاعات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي. ومن جهته أشار الدكتور أندرياس رانييكه سفير جمهورية ألمانيا في دمشق إلى أهمية التعاون القائم بين جامعة دمشق والمؤسسات والهيئات العلمية الألمانية، حيث أكد على ضرورة العمل من أجل تطوير هذا التعاون من خلال تبادل الطلاب والخبرات العلمية والتواصل العلمي في مختلف المجالات الأخرى بين الجانبين. وأبدى السفير الألماني من ناحية أخرى استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم من أجل تفعيل هذا التعاون.