"حقوق الإنسان في اليمن في ترد متزايد مع زيادة وتيرة العنف"
٢٥ أغسطس ٢٠١٠أصدرت منظمة العفو الدولية يوم الأربعاء (25 آب / أغسطس) تقريرا تحت عنوان "القمع تحت الضغط" حول وضع حقوق الإنسان في اليمن، اتهمت فيه الحكومة اليمنية "بالتضحية بحقوق الإنسان بذريعة مكافحة الإرهاب والتمرد". وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن وضع حقوق الإنسان في اليمن قد تردى عما كان عليه في السابق. حول هذا الموضوع أجرت دويتشه فيله حوارا مع الناشط الحقوقي عبد الرحمان برمان، من منظمة هود اليمنية، الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات وسألته في البداية عن وضع حقوق الإنسان في الوقت الراهن، فأجاب يقول:
عبد الرحمان برمان: ارتفعت وتيرة الانتهاكات إزاء المواطنين بذرائع متعددة، مثل الحرب على الإرهاب، المتمثل في تنظيم القاعدة، وكذلك الحرب ضد ما يسمى بالتمرد الحوثي في شمال اليمن وكذلك ما يمسى بالحراك الجنوبي في الأقاليم الجنوبية. السلطة تعاملت مع هذه الملفات بعنف مفرط، وأحيانا كانت السلطة تختلق بعض القضايا لكي تمارس العنف ضد هذه الجهات. كما سجلنا عملية اعتقال الكثير من الأبرياء في إطار هذه الحملة. كما شملت حملة الاعتقالات أجانب، حتى الذين يحملون جنسيات أوروبية، على غرار طلاب، جاؤوا إلى اليمن لدراسة اللغة العربية والدين الإسلامي. هناك عشرات الأشخاص، الذين زُج بهم في السجون، حيث أننا تولينا الدفاع عن الكثير منهم. ولم تدل السلطات بما يبرر اعتقالهم، كما ليس هناك أي مخالفات قاموا بها.
دويتشه فيله: منظمة العفو الدولية تقول إن الحكومة اليمنية تضحي بحقوق الإنسان من أجل السيطرة على البلاد؟ وتقول إن السلطات قد ارتكبت عمليات قتل غير قانونية بذريعة مكافحة الإرهاب والتمرد؟
هذه حقيقة واضحة جدا، والدليل على ذلك الضربة الجوية، التي نرجح بأنها أمريكية، والتي راح ضحيتها 47 شخصا، معظمهم من الأطفال والنساء، إذ أبيدت أسر بأكملها، هناك أسرة تتكون من أب وأم وخمسة أطفال قضوا جميعهم خلال هذه الضربة الجوية. وهناك من يقول إن هذه الصواريخ قد أطلقت من قبل بارجة أمريكية. هناك أيضا ما حصل في مأرب، في محاولة اغتيال مجموعة من القاعدة، اغتيل فيها مسؤول حكومي عن طريق الخطأ. وليس هناك أي رادع بما أن هناك دعم أوروبي وأمريكي للحكومة المركزية في صنعاء، فلم يبق إلا المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والتي تعمل على فضح هذه الانتهاكات. كما سجلت عملية اغتيال أشخاص لا يحملون أي سلاح داخل بيوتهم. هناك عميد في الجيش اليمني متقاعد ومن المناضلين في الثورة اليمنية اغتيل داخل منزله أمام أطفاله. وبعد ذلك بررت السلطات اليمنية أنها أخطأت في البيت. سجلنا كذلك الكثير من حالات عملية القتل خارج إطار القانون. هناك ضحايا مدنيين يسقطون يوميا في النزاع القائم بين السلطة وما يسمى بالتمرد الحوثي، وفي المواجهات بين السلطة والقاعدة وبين السلطة وما يسمى بالحراك الجنوبي. وأكثر ضحايا القتل هم خارج إطار القانون.
الحكومة اليمنية تقول إنها تخوض حربا على ثلاث واجهات: التمرد الحوثي في شمال اليمن والحراك الانفصالي في الأقاليم الجنوبية والإرهاب. فعلى أي أساس تتهم منظمتكم الحكومة اليمنية بانتهاك حقوق الإنسان؟
نحن لدينا راصدين موجودين في كل المحافظات: فمنظمة "هود" لديها 17 فريق عمل في 17 محافظة مدربين على آليات الرصد لهذه الانتهاكات. نحن نلتقي بأسر الضحايا، لدينا صور تعذيب أشخاص حتى الموت من قبل الأجهزة الأمنية، على غرار قضية أحمد درويش في عدن، الذي تم تعذيبه في قسم شرطة، حتى توفي. ولدينا صور توضح آثار التعذيب. ففي حال انتشرت هذه الصور في أقاليم الجنوب، فمن غير المستبعد أن تكون ردة فعل الجنوبيين عنيفة، كما أنه من غير المستبعد أن تزيد حدة المواجهات ضد الحكومة. هل أن العنف من شأنه أن يدعم الأمن والاستقرار في الأقاليم الجنوبية؟ نحن نستغرب من أساليب الحكومة المستخدمة بهدف استتباب الأمن ودعم الاستقرار، هل أن القتل هو الذي سيؤدي إلى استتباب الأمن والاستقرار؟ هل أن اعتقالات الأشخاص والزج بهم في السجون وتعذيبهم من شأنه أن يساهم في استتباب الأمن والاستقرار؟ نحن نطالب الحكومة اليمنية باتباع نهج الحوار بدلا عن لغة العنف.
منظمة العفو الدولية تقول في تقريرها إن وضع حقوق الإنسان قد تردى في اليمن، فهل كان في السابق أفضل حالا؟
وضع حقوق الإنسان في اليمن يزداد كل يوم سوءا، في ظل مشكلتين رئيسيتين في اليمن: أولها تجميد القوانين النافذة، التي تحمي حقوق الإنسان، فالدستور معطل والقوانين معطلة. الأمر الآخر يكمن في تزايد تأثير السلطة التنفيذية على أجهزة القضاء وخضوع النيابة العامة لأجهزة الأمنية وعسكرة المجالس المحلية، وبالتالي من شأن ذلك أن يزيد من تدهور الأوضاع.
عبد الرحمان برمان، محام وحقوقي من منظمة هود، الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات في صنعاء.
أجرت الحوار شمس العياري
مراجعة: طارق أنكاي