حزب الله اللبناني يفتح جبهة جديدة في الصراع مع إسرائيل
١٢ يوليو ٢٠٠٦تحاول إسرائيل منذ أسبوع ونصف العثور على الجندي المخطوف جلعاد شليت في قطاع غزة. ورغم هجماتها المكثفة على المناطق الفلسطينية منذ ذلك الحين، لم تثمر محاولاتها عن أي حل لهذه المشكلة، بل على العكس فهاهي تتورط مرة أخرى في أزمة جديدة وفي عمليات اختطاف جديدة. فقد قام عناصر من حزب الله اليوم الأربعاء باختطاف جنديين إسرائيليين على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وأسفر الهجوم عن مقتل 7 جنود إسرائيليين على الأقل. ويحاول تلفزيون المنار التابع لحزب الله تبشير المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية باقتراب يوم الإفراج عنهم، مشيرا إلى إصرار حزب الله على تبادل الأسرى، الامر الذي ترفضه إسرائيل رفضا باتا حتى الآن. الخبير في شؤون الشرق الأوسط بيتر فيليب يعتبر أن إسرائيل في موقف لا تحسد عليه بوقوعها بين جبهتين، واحدة في قطاع غزة وأخرى في جنوب لبنان، كا يظهر ذلك في تقريره التالي:
فتح حزب الله اللبناني اليوم الأربعاء النيران على مستوطنات إسرائيلية في شمال إسرائيل أسفرت عن قتل وإصابة العديد من الجنود الإسرائيليين بجروح، كما وتمكن عناصر من الحزب من اختطاف جنديين إسرائيليين على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وتعقيبا على هذه الحادثة أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إن إسرائيل "تعيش أوقات عسيرة" لأنها تتعرض للاعتداءات من الجنوب ومن الشمال. وأضاف إن "ثمة أشخاص لا يزالون يحاولون المس باستقرارنا وزعزعة عزيمتنا، لكنهم سيهزمون وسيدفعون ثمنا غاليا لأفعالهم." غير أن هذه الحادثة الجديدة على الحدود اللبنانية تجعل معاقبة المسؤولين عن هذه الاختطافات بالنسبة لإسرائيل أكثر تعقيدا، حيث تزداد الخطورة في تورط إسرائيل بمغامرات عسكرية، اعتقدت أنها أضحت في عداد الماضي بعد سحب قواتها من قطاع غزة في أيلول / سبتمبر من العام الماضي ومن جنوب لبنان في أيار/ مايو عام 2000 بعد تواجد عسكري دام سنوات طويلة، آملة بذلك الحصول على قسط من الهدوء في شمال البلاد. ولكن ذلك يبقى حلما لم يتحقق، فحزب الله يحتفل منذ ذلك الحين بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان معتبرا إياه نصرا عليها.
دور سوريا وإيران
وبهذا "النصر" على إسرائيل، يكون حزب الله قد عزز مكانته على صعيد السياسة الداخلية اللبنانية، وكمنظمة للمقاومة تمكن الحزب في الوقت ذاته من تفادي تجريد عناصره من السلاح. يشار الى أن الحكومة اللبنانية كانت تعتزم نزع السلاح من الميليشيات المختلفة ودمجها في قواتها العسكرية، الا أن حزب الله تمكن أكثر من مرة من تفادي تنفيذ هذه الخطة، حتى بعد انسحاب سوريا من لبنان التي يعتبرها الكثيرون راعية للحزب. كما ولا زال بامكان حزب الله الاعتماد على مساعدة سوريا وإيران. إن ما لا يختلف عليه اثنان هو أن خبراء من كلا البلدين يقدمون المشورة للحزب في عملياته، وحتى أنهم يعطونه الأوامر لتنفيذ هذه العمليات. وهكذا فإن قيام حزب الله بعد هدوء دام شهرا ونصف بنشاط من هذا النوع في وقت تتورط فيه إسرائيل أكثر فأكثر في مسألة تحرير الجندي المخطوف في قطاع غزة، لا يمكن أن يكون صدفة. فالجناح العسكري لحركة حماس المسئول عن اختطاف الجندي جلعاد شاليت يتلقى أوامره من دمشق، وأحمدي نجاد في إيران لا يضيع حتى فرصة واحدة من أجل الدعوة إلى مقاومة إسرائيل. وفي ضوء كل هذه الحقائق فإنه لا بد من النظر إلى حادثة اليوم على أنها عمل يستهدف دعم حماس.
تصعيد للهجمات العسكرية ولا نتيجة
باختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين اليوم الأربعاء تكون إسرائيل قد دخلت في أزمة جديدة وهي على ما يبدو ليست قادرة على إتخاذ إجراءات مناسبة كفيلة بحلها. فالكثير من الخطوات التي تتخذها إسرائيل من أجل الرد على الحادثة الأخيرة تذكر بأعمالها العسكرية في قطاع غزة في الآونة الأخيرة. ففي البداية قامت بقصف جسور مهمة لتحول دون قيام مقاتلي حزب الله بنقل أسراهم الى داخل الاراضي اللبنانية. كما تواصل إسرائيل قصفها الجوي والبري لبنى لبنان التحتية ومواقع لحزب الله، ما أسفر عن قتل مدنيين لبنانيين وجرح خمسة آخرين. ولكن ذلك من شأنه ألا يثمر عن أية نتيجة في جنوب لبنان، كما انه لم يثمر عن أي نتيجة في قطاع غزة. وقيام اسرائيل بمعالجة الأزمة عسكريا في قطاع غزة يشير إلى أنها ستستخدم نفس الوسائل في جنوب لبنان أيضا. ومن الممكن ان لا تتمكن إسرائيل من تحرير جنودها المختطفين إلا عن طريق الصدفة، ولكن بعد أن تكون اسرائيل قد جرت المنطقة الى وضع يشبه الى حد بعيد الحرب.
أن إسرائيل ستتراجع في النهاية عن استخدامها للقوة الحربية هذه المرة أيضا، كما تراجعت مرارا في السابق تجاه حزب الله ووافقت بالتالي على حل مثل هذه الأزمات عن طريق تبادل الأسرى. وحزب الله يصدق في قوله هنا أيضا لأنه يدرك أكثر من حركة حماس كيفية إجبار إسرائيل على تقديم التنازلات. المعاناة ستصيب حتما الجميع، إلا ان أكثر المعانين هم السكان المدنيين، ناهيك عن تراجع الآمال بإيجاد حل نهائي للصراع في الشرق الأوسط.