حزب الله اللبناني والسلفيون: التشابه والاختلاف
٧ يونيو ٢٠١٣طرح القتال الدائر في سوريا بين حزب الله والسلفيين "الجهاديين" إشكالية التشابه والاختلاف بين الإسلام السياسي الشيعي ونظيره السني، نظراً لتماثل الرؤية على مستوى السلوك التحريمي وفي هدف إقامة "دولة العدل الالهية"، بيد أن شريحة واسعة من اللبنانيين وإن كان بعضها يقف ضد سياسات حزب الله في مسارات معينة، خصوصاً تدخله العسكري في الأزمة السورية، لكنها لا ترى صحةً للمقارنة بين الفصيلين المتقاتلين.
هذا ما تراه الكاتبة الدكتورة نهلة الشهال، إذ تؤكد لـ DWعربية أن حزب الله والسلفيين "قد يتشابهون في السياسة لكن على المستوى الفكري لا أعتقد أن حزب الله حركة سلفية، فالسلفيون يستعيدون السلف وهناك شيعة سلفيون، لكن حزب الله ظاهرة جديدة ضمن التشيع تنتمي لولاية الفقيه، وقد نشأ في الأصل على فكرة سياسية حتى لو كان لها أصل ديني. وهو يشكل حالة تجديد للوضع الاقتصادي والاجتماعي للشيعة في لبنان". وتلفت الى أن السلفيين في الأصل حركة لا تعمل في السياسة، بل دخلت لاحقاً في هذا المعترك. وتضيف، أن "المقارنة قد تكون بين الإخوان المسلمين وحزب الله كونهم يعملون بالسياسة منذ انطلاقتهم.
مقارنات اختزالية
وفي نظر الكاتبة الصحافية أن حزب الله استعاد فكرة تاريخية وقام بتحديثها، "لذلك ينبغي عدم استسهال المقارنات الإختزالية لأن لكل ظاهرة خصوصيتها وسياقها واستناداتها التاريخية".
بدوره الباحث الإسلامي وائل نجم، يرى أن المنطقة العربية تعيش مخاضاً وتبرز فيه قوى جديدة لم تكن معروفة من قبل ترفع شعارات دينية مع اتفاقها واختلافها في العديد من العناوين والأهداف والآليات.
ويرى أن "حزب الله والسلفيون يتفقان في إقامة دولة دينية تحتكم إلى القرآن، ويرفضان الحدود المصطنعة بين الدول، ويشتركان في التضييق على الحريات العامة، ولا يتورعان عن استخدام السلاح لتحقيق الأهداف، ويحمل كل منهما مشروعاً "دعوياً" عابراً للقارات".
وعن أوجه الاختلاف يوضح نجم أن "رأس الدولة عند الحزب هو الولي الفقيه الذي يكاد يكون معصوماً، بينما عند السلفيين هو الخليفة الذي قد يكون منتخباً. والحزب انخرط في مؤسسات الدولة الحديثة، بينما ظل السلفيون يرفضون ذلك إلا في بعض الدول. حزب الله رفع شعار تحرير فلسطين، بينما رفع بعض السلفيين شعار مواجهة الأنظمة".
"فرق بين من يذبحني ويذبح عدوي"
يذهب الروائي عصام حمد، بعيداً في رفض المقارنة، موضحاً لـ لـ DWعربية، أن" الفرق بين السلفيين وحزب الله كالفرق بين من يذبحني ومن يذبح عدوّي".
ويقول "حزب وُلد حزباً مقاوماً للاحتلال الإسرائيلي ، ونشأ مقاوماً، ويستمر مقاوماً- وها هي أعماله وإنجازاته تشهد بذلك".
في المقابل ينظر الكاتب اللبناني إلى أن غاية السلفيين الأولى من الخوض في السياسة هي نشر الدين أو التبشير به باعتباره الحل الأوحد لكافة مشاكل المجتمع السياسية والاجتماعية. "فإذا سألتهم عن إسرائيل؟ أجابوا: العودة إلى الإسلام هي الحل".
ويشدد حمد على أن "السلفيين يتسلَّحون للفتك "بالكفار" من بني قومي، فيفّجرونهم أشلاءً، أو يذبحونهم بهتاف "الله أكبر" ويقطعون أطرافهم ورؤوسهم ويشوهونهم".
النقاب والتشادور
الطالبة في كلية الآداب التي رفضت ذكر إسمها "خوفاً من الانتقام نظراً لسيطرة العناصر الدينية على الجامعة" تخالف هذا التوجه، معتبرة أن المثل القائل "حبة فول وانقسمت" تنطبق على هذه الظاهرة الإسلامية بشقيّها السني والشيعي. وتتساءل: "ما هو الفرق بين حزب الله والسلفيين. هل يختلف النقاب عن التشادور؟".
كذلك أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتور باسل صالح، لا يرى فارقاً بين أي طرح ديني وطرح ديني آخر، خصوصاً من ناحية الإسلام السياسي. ويوضح لـ DWعربية "أنهما على المستوى الكيفي متشابهان إلى حد بعيد. أما من ناحية السلوك، والفارق الكمي، فهذا ما لا يمكن التأسيس عليه إطلاقاً. إذ ان الانتقال من طرح الدولة الطائفية أو الدينية الى طرح الدولة المدنية، التي تساوي بين جميع أفرادها، هو انتقال كيفي ثوري إلى حد بعيد، يحتاج إلى إعادة تأسيس فعلي للدولة بدايةً من العقد الاجتماعي مروراً بالدستور وجميع القوانين".
ويخلص صالح الى القول "إن الفارق بين سلوكيات الجماعات الأصولية والسلفية وبين حزب الله هو فارق كمي وليس أبداً فارقاً نوعياً"، مشيراً الى ما مر به جنوب لبنان وبعض مناطق نفوذ حزب الله من تفجيرات لمحلات بيع الكحول وللثقافة التي يعززها الحزب يومياً في ذهنيات أفراد طائفته؛ في هذا الفصل بينهم وبين بقية المواطنين من الطوائف اللبنانية الأخرى".
الجمود والاجتهاد
ويختلف الصحافي "جمال" (اسم مستعار)، عن الدكتور صالح، معتبراً خلال حديثه لـ DWعربية، بأنه "إذا كانت الحركات السلفية تلتقي مع حزب الله في ممارسة الأصولية الدينية الإسلامية، فإن هذه الممارسة تختلف بينهما إلى حد النقيض، بحيث تدافع الأولى عن جمود وثبات في عقيدة الدين وتفاصيله، بينما ينتمي الثاني إلى مذهب يقبل بالاجتهاد الديني مع الحفاظ على العقيدة. وهذا الاختلاف يمنح حزب الله مرونة تميّزه عن السلفيين، خصوصاً على صعيد التواصل السياسي والاجتماعي، ما ينعكس على القدرة في الانخراط بفعالية في نظام الدولة المدنية، مع ما يتبع ذلك من ميزات تفتقدها الحركات السلفية، حتى تلك المنظمة منها".
ويرى أن ما يزيد من هذا الاختلاف، هو أن السلفيين لا يتبعون بشكل واضح، دولة معينة تمنحهم التنظيم وتفرض عليهم الدخول في علاقات سياسية واجتماعية، محلية وإقليمية ودولية، كما هو الحال مع "حزب الله" الذي يتبع الجمهورية الإسلامية في إيران.