حركة الاحتجاجات التركية تحت مجهر صحف أوروبية
١٠ يونيو ٢٠١٣رفض المتظاهرون الأتراك التراجع أمام تحذير رئيس الوزراء، رجب طيب اردوغان، من أنهم "سيدفعون ثمنا" لمظاهراتهم المستمرة. وقد انطلقت هذه الاحتجاجات لمنع سلطات إسطنبول من تحويل حديقة إلى مشروع بناء كبير، لتتحول المظاهرات إلى مطالب باستقالة رئيس الوزراء اردوغان. وعلى هذا الأساس تساءلت صحيفة زوددويتشه تسايتونغ عن مستقبل حركة الاحتجاج في تركيا، وكتبت تقول:
"حركة الاحتجاج في تركيا شابة وغير متحزبة. وهذا لا ينعكس فقط من خلال مشاهدة ما يحصل في ساحة تقسيم وسط إسطنبول. تحقيق أجرته جامعة بلغي بإسطنبول أكد أيضا هذه الحقيقة. فالخبراء أجبروا في ضيق من الوقت على الاكتفاء بإجراء استطلاع للرأي عبر الانترنيت كشف أن 40 في المائة من مجموع المحتجين تقل أعمارهم عن 25 عاما، كما أن أكثر من 50 في المائة لم يشاركوا قبلها في أية مظاهرة، و70 في المائة لا يشعرون بانتمائهم لأي حزب. واعتمادا على هذه النتائج يكون من الصعب على أي قوة سياسية قائمة في تركيا ضم هذه الحركة من الغاضبين إلى صفوفها. وأن تتحول موجة الغضب هذه إلى حزب سياسي جديد، فهذا ليس مؤكدا بعد. لكن مطالب شباب تقسيم تكشف ما ينقص تركيا: قوة اجتماعية ليبرالية واعية بالبيئة غير متحصنة في خندق الإيديولوجيات القديمة".
صحيفة "دي فيلت" استنتجت هي الأخرى أنه من الصعب على حركة الاحتجاج ضد مشروع البناء الذي أعلنت عنه حكومة رجب طيب أردوغان أن تتحول يوما ما إلى ثورة حقيقية تبعثر أوراق المشهد السياسي القائم في تركيا، وكتبت تقول:
"حركة الاحتجاج التركية تثير رجات في البلاد، ويسود شعور في الأجواء، يوحي بأن تركيا لن تعود أبدا من جديد إلى ما كانت عليه من قبل. ولكن سيكون من الصعب تحويل تلك الحركة إلى ثورة حقيقية، إنها حركة كبيرة لا يمكن لها الفوز في انتخابات، لأنها لا تشعر بالانتماء لأي حزب. وبما أنها بلا قيادة ومتنوعة التركيبة وتقف أمام جهاز سلطة قوي وثابت، كما أنه مصر كما يبدو على تركيعها، فلا أحد يعرف كيف يمكن لهذه الحركة أن تنجح.... بالنسبة إلى المستقبل القريب يمثل تنوع تركيبة حركة الاحتجاج وفقدانها لقيادة موحدة، موطن قوة وضعف في آن واحد. فهي ترفض أن يتم الاستيلاء عليها. كما أنها غير قادرة على فرض نفسها. فزعيم حزب الخضر الألماني، جيم أوزدمير، تحسس لنشأة حزب جديد بروح حزب "الخضر" وجب أولا انتظار بزوغ معالمه. ويمكن لذلك الحزب الاهتمام بموضوعات لم تلق إلى حد الآن تغطية في تركيا، وقادرة في الحقيقة على الإتيان بتغييرات".
صحيفة "لاريبوبليكا" الايطالية ذهبت في تعليقها إلى حد بعيد واعتبرت أن حركة الاحتجاج التي تقودها مجموعة من الشباب ضد حكومة رئيس الوزراء التركي، طيب رجب اردوغان، قد تهدد باندلاع حرب أهلية، وكتبت تقول:
"يبدو أن فترة التقاط الأنفاس الهشة التي توصل إليها بصعوبة رئيس الدولة، عبد الله غول، خلال جولة اردوغان في الخارج لمدة ثلاثة أيام قد فشلت الآن. وحتى تحذيراته الموجهة للمتظاهرين لم تفلح في إبعاد المحتجين عن الساحات. ويبدو أن الحركة تكبر يوما بعد يوم. كما أنه من المثير للانتباه ملاحظة توحد مشجعي الفرق الكبيرة لكرة القدم الذين ينظرون إلى بعضهم البعض في الأصل كخصوم. وهذا يكشف إلى جانب بعض المؤشرات الأخرى كيف نشأت هذه الحركة بعفوية كرد فعل أولي بعد عشر سنوات على وجود الإسلاميين في السلطة. والآن هناك خطر اندلاع حرب أهلية".
صحيفة "دير تاغسشبيغل" أثارت في تعليقها مخلفات الحرب في سوريا التي حجبت الأنظار عن مشكلة الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكتبت تقول:
"تمثل سوريا كارثة، وذلك بفقدان أكثر من 80 ألف من الأرواح. وملايين الأشخاص بدون وطن اختاروا طريق الهجرة. والمدن مدمرة، ولا وجود لمواطن عمل والاقتصاد منهك. أضف إلى ذلك الغضب والحزن والخوف وانعدام الثقة. أكثر من سنتين والحرب الأهلية الدموية متواصلة بين نظام الأسد والمتمردين. وليس هناك سبب يدفع إلى الاعتقاد، بأن هذه الأوضاع قد تتغير في مستقبل منظور. العكس صحيح، لأن انعدام الآفاق يتسع من يوم إلى آخر. أكثر من ذلك هو أن النزاع تجاوز منذ مدة حدود البلاد. فالمنطقة كلها تعيش فترة غليان. نيران خطرة اشتعلت ليس فقط بسبب خلافات دينية بين السنة والشيعة.
وبنفس القدر الذي يتابع فيه الرأي العام بقلق الأحداث الجارية بين دمشق وحمص، فإنه يفقد الاهتمام بصراع دائم آخر، وهو النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وهذا النقص في الاهتمام يخدم على ما يبدو أطراف النزاع، لأنه يجلب أرضية التفكر فيما هو أساسي ـ ضمان تعايش مقبول..."
صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" اهتمت في تعليقها بقرار النمسا سحب جنودها ضمن قوة الأمم المتحدة المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار في هضبة الجولان، وكتبت تقول:
"النمسا سحبت قبعاتها الزرق من الجولان، حيث كانوا يسهرون طوال 40 سنة تقريبا على ضمان وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل. انتشار 900 جندي من مختلف بلدان العالم بينهم نحو 400 من النمسا في تلك البقعة قلما أثار اهتمام أحد، فالمنطقة الحدودية كانت هادئة. ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية تغير الوضع: إطلاق قاذفات وعمليات اختطاف واقتتال بين متمردين وقوات نظامية على الحدود جعلت من ذلك الانتشار مجازفة خطرة. بعض الدول سبق وأن سحبت قبعاتها الزرق من هناك، والجنود المتبقون كانوا يحمون بالأخص أنفسهم. وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار تعليل حكومة فيينا التي تتحجج فجأة بمخاطر جديدة محدقة بجنودها نفاقا. الحقيقة هو أن الانسحاب كان مبرمجا منذ مدة. ويتمثل أحد الأسباب في إخفاق النمسا أثناء محاولتها الأخيرةبالتهديد بالانسحاب في فرض تمديد حظر الأسلحة المفروض على سوريا. والأهم من ذلك هو أن النمسا مقبلة على انتخابات. ولا أحد من بين الأحزاب الحكومية يرغب في أن يكون مجبرا على تفسير عودة أحد الجنود في نعش. وعلى ما يبدو لا أحد فكر في فيينا في انعكاسات إصدار الأمر بالانسحاب. وروسيا تحديدا، الحليف القوي للنظام السوري هي التي تريد الآن إرسال جنود للتعويض. فهل سيحصل ذلك؟، هذا غير معروف. لكن العرض الذي قدمته موسكو يمثل فضيحة لفيينا".