"جيوش بلا سلاح"..حرب إلكترونية شرسة في سوريا
٣٠ يوليو ٢٠١٢"نضع بين أيديكم العناوين الإلكترونية وكلمات المرور لموظفي الجزيرة..السيطرة على موقع الجزيرة التركي بالكامل..اختراق 40 موقعا إخباريا بريطانيا و150 موقعا أمريكيا"..هذه بعض نماذج التحديثات التي ينشرها موقع ما يطلق عليه "الجيش السوري الإلكتروني".
ويجزم نشطاء المعارضة في سوريا بأن أصابع النظام هي من يحرك هذا الموقع الذي ينشط بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي ويقول إن مهمته هي "التصدي لمن ينشرون أخبارا ملفقة عن حقيقة ما يجري في سوريا".
وعلى صفحتهم في موقع الـ"فيسبوك" يطلب القائمون على الصفحة من أعضائها الدخول إلى بعض المواقع الإخبارية وكتابة تعليقات كثيرة يهاجمون فيها الأخبار التي تبثها هذه المواقع "المتآمرة". وتشمل قائمة هذه المواقع العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية منها موقع DW عربية.
الحظر وسيلة للحل؟
قام موقع الفيسبوك أكثر من مرة بغلق صفحة "الجيش السوري الإلكتروني" إلا أن الصفحة تعود دائما للظهور. وفي الوقت نفسه يتزايد عدد المؤسسات الدولية التي تطالب إدارة الموقع بإغلاق الصفحات السورية التي تنشر موادا مصورة أو مكتوبة تحض على العنف.
وفي رد فعل من قبل موقع التواصل الاجتماعي الشهير قال داستن موسكوفيتز الإداري بالموقع إنهم اتخذوا قرارا بإغلاق جميع صفحات سواء المعارضة أو الداعمة للثورة السورية بشكل تدريجي بسبب صور العنف والقتل التي تبثها.
ويدرك الناشطون السوريون سعي النظام السوري من أجل التصدي للمعارضة على شبكة الإنترنت وهو أمر يوضحه الناشط السوري عامر مطر قائلا:"النظام السوري هو من يرعى هذه المواقع التي تهدف لتدمير صفحات المعارضة وهو أمر جلي للجميع، إذ سبق وتقدم بشار الأسد في أحد خطاباته بالشكر للقائمين على موقع الجيش الإلكتروني".
لكن مع مرور الوقت وتزايد أعداد القتلى الذين يسقطون في سوريا، لم يعد هذا الموقع وأشباهه الشغل الأكبر للمعارضة ولا حتى للمهتمين بالشأن السوري.
المعارضة ومهارة متراكمة في التعامل مع الإنترنت
يواجه نشطاء المعارضة مهمة ليست بالسهلة في بلد يفرض قيودا عديدة على استخدام الإنترنت. فقبل اندلاع الثورة السورية بفترة طويلة اعتاد السوريون على استخدام البرامج المخصصة لفك الحظر على المواقع الإلكترونية الأمر الذي أكسبهم كما يبدو خبرة واسعة في كسر قيود الحظر التي يفرضها النظام.
ويرى المعارض السوري مطر الذي يعيش في ألمانيا أن النظام السوري يفتقر للمهارات الإلكترونية المتوافرة لدى المعارضة وهو أمر لمسه بنفسه إذ يقول:"اعتقلتني السلطات مرتين وكانوا دائمي السؤال عن كلمة المرور الخاصة بي مما يعني أنه لا يمكنهم معرفتها بنفسهم. لم يكن لديهم سوى التعذيب للحصول على المعلومة التي يرغبون فيها".
وبالرغم من أن مطر يعيش خارج سوريا منذ ثلاثة أشهر إلا أنه دائم التواصل بشكل يومي مع النشطاء في سوريا إذ يرى أن الإنترنت والفيسبوك بشكل خاص سهل من عملية التواصل بين النشطاء.
المعايير المهنية الصحفية على المحك
"التحقق من المعلومة أكثر من مرة ومن عدة مصادر" من القواعد الأساسية للصحفي المحترف إلا أن الوضع في سوريا جعل معظم وسائل الإعلام حتى ذات المهنية الكبيرة، في مأزق. فعدم السماح لمراسلي وسائل الإعلام بتكوين صورة عن الوضع في مكان الحدث، جعلهم يعتمدون بشكل كبير على فيديوهات تبث على شبكة الإنترنت دون توافر إمكانية التأكد من صحتها. وتكتفي الكثير من وسائل الإعلام التي تبث هذه المواد بعبارة "لم يتسن التأكد من صحة الشريط" في محاولة للحفاظ على الحد الأدنى من المهنية المطلوبة.
من ناحية أخرى لا يتحدث الإعلام الرسمي السوري إلا عن "المؤامرة الدولية" التي تحاك ضد البلاد. ويستخدم نشطاء المعارضة أحيانا بعض تغطيات الإعلام الرسمي الإخبارية كـ"فواصل فكاهية" للسخرية من الطريقة التي يصفوها بالساذجة في تغطية بعض الأحداث.
ولعل الإعلام الرسمي السوري لا يختلف كثيرا عما قام به الإعلام العراقي الرسمي قبيل دخول القوات الأمريكية لبغداد أو الإعلام الرسمي المصري الذي وجه كاميراته خلال تغطية أحداث الثورة المصرية صوب النيل الهادئ متجاهلا التظاهرات العارمة في ميدان التحرير.
ولا يجد المعارضون وسيلة أكثر فاعلية من الإنترنت لنشر الفيديوهات التي يقومون بتصويرها وكذلك لتنسيق العمل فيما بينهم.
هو جينتاو بدلا من بشار!
بالرغم من أن معظم صفحات المعارضة السورية تحرص على نشر لقطات القصف والقتل والعنف إلا أن روح الفكاهة لم تغب عن بعض هذه الصفحات حتى في أحلك الظروف. وأشهر الأمثلة على ذلك صفحة "الثورة الصينية ضد طاغية الصين" والتي تحاول استخدام روح الفكاهة في التعبير عن الغضب عما يحدث في سوريا. فبدلا من توجيه النقد المباشر للرئيس السوري بشار الأسد تتحدث الصفحة عن "الطاغية الصيني هو جينتاو".
وتتطرق الصفحة إلى جميع اللاعبين الأساسيين في الثورة السورية لكن بصورة ساخرة فهي ترمز للشبيحة بـ"سلاحف النينجا" كما يطلق بعض رواد الصفحة العنان لخيالهم ويعتقدون أن "هو جينتاو" ربما يستعد حاليا ليغادر إلى جدة.
ابتسام فوزي
مراجعة: عبده جميل المخلافي