جيل جديد من فيروسات انفلونزا الطيور
حذرت تصريحات خبراء العدوى التابعين لمنظمة الصحة العالمية من خطر تفشي مرض انفلونزا الطيور القاتل عبر العالم. وأوضح الخبراء أن هناك إشارات على إمكانية ظهور جيل جديد من فيروسات الانفلونزا ناشئ عن اندماج الفيروسات المسببة للمرض عند الطيور بمثيلاتها عند البشر. ورغم ما عُرف عن حرص المسئولين العاملين في المنظمة الدولية على تحري الدقة دائما في تصريحاتهم حتى لا تتسبب في نشر الذعر في العالم، إلا أن لهجة التحذيرات التي استخدموها جاءت هذه المرة دقت ناقوس الخطر بشكل واضح، حيث أوضحوا أن تفشي العدوى سيؤدي حتما إلى القضاء على أعداد تقدر بالملايين من البشر.
وقد أكدت التقارير ظهور حالات أنفلونزا الطيور في فيتنام، حيث انتقل الفيروس القاتل كما هو معروف من الطيور والدواجن إلى الإنسان. ويؤكد خبراء المنظمة على أن منع انتشار المرض يتطلب القضاء على الفيروس في مناطق انتشار الطيور المصابة كمزارع الدواجن، خصوصاً ذات الأراضي الرطبة أو الطينية منها. يذكر أن نوعاً قاتلاً من الأنفلونزا يدعى "الانفلونزا الأسبانية" ظهر في عام 1918 وراحت ضحيته أعداد مهولة من البشر.
ألمانيا تستعد لإجراءات وقائية
تسعى الحكومة الألمانية في الوقت الراهن إلى وضع خطة وقائية لمواجهة خطر انفلونزا الطيور في حالة تفشيها بشكل مفاجئ على المستوى المحلي أو الدولي. غير أن المسئول عن تنسيق هذه الخطة "فرنر شنبَّوف" حذر من نشر الذعر بين المواطنين، لأن منظمة الصحة العالمية أصدرت من قبل عدة تصريحات تتعلق باحتمال ظهور موجة انفلونزا قاتلة، ولكن توقعاتها لم تُصب. في المقابل يرى "شنبَّوف" أنه يجب دائماً الاستعداد لانتشار هذا الوباء، لاسيما أن موجات الانفلونزا تجتاح العالم بشكل دوري كل عدة عقود. ورغم الخلاف حول بعض النقاط المتعلقة بالخطة الألمانية، خصوصا فيما يتعلق بمصادر التمويل والوسائل المتبعة في إجراء التطعيمات اللازمة، لكن من المتوقع الوصول إلى تسوية نهائية حول هذه النقاط قريبا. وفي هذا السياق تسعى الحكومة الألمانية إلى الحصول على مزيد من الأمصال من شركة "روخا" السويسرية التي تعمل في هذا المجال، لأن الكم المحلي في ألمانيا لن يكون كافيا في حالة وقوع الخطر.
ويؤكد خبراء الصحة في ألمانيا أن الدول الفقيرة تسقط ضحية سهلة لهذه الأوبئة بسبب نقص الإمكانيات. فمن المعروف أن الاستعدادات الوقائية لمجابهة انفلونزا الطيور تتطلب تمويلا ضخما مقارنة بتكاليف مجابهة موجات الأنفلونزا الموسمية. لذلك يخشى أن تصل الخسائر التي تسببها انفلونزا الطيور في الدول الفقيرة إلى حصد أرواح مئات الآلاف من البشر وتدمير اقتصاد دول بأكملها.
أخطر وباء قاتل منذ 50 عاما
صرح "راينهارد كورت" مدير معهد "روبرت كوخ" الشهير للأبحاث العلمية أن العالم قد يواجه وباء انفلونزا الطيور بشكل غير مسبوق، وأن هذا الوباء يمكن أن يشكل خطرا على حياة عدة ملايين من البشر في حالة تفشيه. ونادى "كورت" بتكاتف الجهود المحلية والدولية لمجابهة انتشار المرض وتطوره حتى لا تقع الكارثة الكبرى، تماما كما حدث في عامي 1957 عندما أدى وباء انفلونزا إلى موت أكثر من عدة ملايين معظهم من الشيوخ والأطفال.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الألمانية رصدت أكثر من 100 مليون يورو للاستثمار في مجال البحوث الطبية المتعلقة بهذا الوباء وكذلك 400 مليون يورو لإنتاج أمصال ضد انفلونزا الطيور. غير أن لجنة رسمية من الخبراء أشارت إلى أن العديد من دول العالم ومنها ألمانيا ليست على استعداد كاف لمواجهة خطر كهذا. ونصحت بزيادة التعاون الدولي لمواجهة الأوبئة القاتلة، إضافةً إلى تحديد خطط طارئة لعمل المستشفيات والهيئات الحكومية للتصدي للوباء قبل فوات الأوان.