تغييرات في سياسة الهجرة في السويد والدنمارك.. فما تأثيرها؟
٢١ يناير ٢٠٢٣بدد تولي السويد رئاسة الاتحاد الأوروبي، الآمال في أي تقدم في وضع سياسة الهجرة على مستوى الاتحاد الأوروبي رغم الحاجة الكبيرة لذلك. الاتحاد الأوروبي الذي وصل إلى طريق مسدود منذ عام 2015 بسبب عدم التمكن من إشراك كل الدول في إدارة أزمة طالبي اللجوء وتقاسم المسؤوليات، ليتخلى عن فكرة حصة إلزامية للاجئين لكل بلد. والآن يواجه الاتحاد مزيداً من العقبات والتحديات.
في السويد، أوضح تحالف يمين الوسط المكون من ثلاثة أحزاب في البلاد موقفه المناهض للهجرة، ويعتمد التحالف المكون من المعتدلين والديمقراطيين المسيحيين والليبراليين، على أصوات من الديمقراطيين السويديين اليمينيين المتطرفين من أجل تمرير قوانينهم.
واقترحت الحكومة السويدية الجديدة أيضًا تغييرات كبيرة في سياسة الهجرة على المستوى الوطني، وألغت فكرة منح اللجوء الدائم للاجئين، وتعهدت بتقليل عدد اللاجئين المقبولين في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، قالت الحكومة إنها تخطط لمضاعفة الحد الأدنى للدخل المطلوب لهجرة العمالة ثلاث مرات، من أجل استبعاد "العمال المهاجرين الفقراء".
التغييرات الداخلية والتأثير على سياسة الاتحاد الأوروبي
في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، شاركت زعيمة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، إيراتكسي غارسيا بيريز، مخاوفها مع العموم عبر تغريدة على تويتر بشأن "التأثير السلبي الذي سيحدثه الديمقراطيون السويديون اليمينيون المتطرفون" على رئاسة الاتحاد الأوروبي. وأضافت "يبدو أن الدفاع عن سيادة القانون في جميع أنحاء أوروبا، وتعزيز المساواة والتقدم في سياسة الهجرة واللجوء المشتركة أمر صعب مع حكومة سويدية يغلب عليها اليمين المتطرف".
وفي الدانمارك، يمكن أن تقود الحكومة الائتلافية الجديدة، والتي تجمع تحالفًا سياسيًا يساريًا يمينيًا بين المعتدلين والديمقراطيين الاجتماعيين والليبراليين، إلى إحداث تغيير في سياسة الهجرة في البلاد.
بعد 43 يومًا من المفاوضات المكثفة التي أعقبت الانتخابات الوطنية في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تمكنت مجموعة واسعة من الأحزاب، بما في ذلك الليبراليون وحزبان من يمين الوسط والمعتدلون ، من تشكيل ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي بقيادة رئيس الوزراء ميت فريدريكسن.
ترأس فريدريكسن الحكومة اليسارية السابقة المكونة من حزب واحد، والتي تعرضت لانتقادات على نطاق واسع بسبب سياسة الهجرة القاسية، خاصة فيما يتعلق بخطة اللجوء في رواندا المثيرة للجدل والتي اعتمدتها المملكة المتحدة الآن. كما تعرضت الدنمارك أيضًا لانتقادات بسبب خططها لترحيل طالبي اللجوء السوريين.
إعادة طالبي اللجوء إلى سوريا
منذ عام 2019، اتخذت الدنمارك سياسة متشددة بشأن سياسة الهجرة حيث حدد رئيس الوزراء ميت فريدريكسن هدفًا تمثل في "عدم وجود أي طالبي لجوء" في البلاد. دفع هذا الحكومة إلى مراجعة تصاريح الإقامة لما لا يقل عن 800 سوري ممن حصلوا على تصاريح إقامة قانونية في الدنمارك. المراجعة شملت القادمين من دمشق والمنطقة المحيطة بها، والتي اعتبرتها الدنمارك دون غيرها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "مناطق آمنة"، وكانت الشابات السوريات الأكثر تضررا.
نتيجة لذلك، أُجبر اللاجئون الذين يعيشون في البلاد منذ سنوات، بما في ذلك العديد من الأطفال الصغار على العودة إلى سوريا التي مزقتها الحرب. وفقًا لأرقام المفوضية الأوروبية في يونيو/حزيران 2022، مُنح أكثر من 34000 لاجئ سوري الحماية المؤقتة في الدنمارك منذ اندلاع الحرب في سوريا في عام 2011.
اتُهمت الدنمارك بمعاداة المهاجرين واللاجئين في السنوات الأخيرة، وبالإضافة إلى عودة اللاجئين إلى البلدان التي لا تزال في حالة حرب، فقد أدخلت الحكومة بقيادة فريدريكسن عددًا من السياسات الأخرى المثيرة للجدل مثل الحد من عدد "غير اللاجئين الذين يعيشون في مناطق معينة"، وقدمت مقترحات لتعهد معالجة طلبات اللجوء إلى رواندا.
استثناءات للعمال المهرة
تحاول الحكومة الدنماركية إنشاء استثناءات لنهجها السابق في توفير الحماية المؤقتة، لكن هذا لن يؤدي بالضرورة إلى تحسين الوضع العام للاجئين في الدنمارك. من المرجح أن تفيد هذه الاستثناءات بشكل أساسي العمال المهرة، أي الأشخاص الذين يدرسون أو يشغلون وظائف رئيسية و "يساهمون" في الاقتصاد الدنماركي.
ذكرت وكالة الأناضول التركية أن الخطط التي أعلنها التحالف الجديد أثارت موجة من الانتقادات من قبل المنظمات الحقوقية بشأن نهجها الانتقائي في توفير الحماية. يركز النهج الجديد على المساهمة الاقتصادية المحتملة للاجئين، بدلاً من حاجتهم إلى الحماية بموجب القانون الدولي للاجئين.
مثل دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بما فيها ألمانيا، تواجه الدنمارك نقصًا في العمالة الماهرة، والآن يحاول التحالف الجديد جعل قوانين البلد أكثر جاذبية للعمال الأجانب المهرة من أجل تعزيز اقتصاد البلاد.
خلال العام الماضي، واصلت كل من الدنمارك والمملكة المتحدة خططهما التي أثارت جدلا حقوقياً بعد قرار تعهد معالجة طلبات اللجوء إلى رواندا. حتى أن رئيس الوزراء ميت فريدريكسن وقع اتفاقًا أعلن أن الحكومتين "تستكشفان معًا" إمكانية إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا للنظر في طلب اللجوء الخاص بهم هناك، وإمكانية جعل استقرارهم هناك دائم.
على الرغم من أن الحكومة الدنماركية الجديدة زعمت أنها تسعى إلى تنفيذ الخطة بشراكة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنه إلى الآن لا يوجد دعم للفكرة داخله. كما يرفض العديد من الخبراء والحقوقيين في الدنمارك هذا المشروع بحدة.
نقلت وكالة الأناضول أن إيفا سينجر، مديرة قسم اللجوء وحقوق اللاجئين في المجلس الدنماركي للاجئين (DRC) قد انتقدت جدوى الخطة قائلة إن "الدنمارك لن تفعل ذلك بمفردها، وتسعى إلى محاولة القيام بذلك مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، لكن لا يمكن لهذه الدول المشاركة في الخطة لأنها تتعارض مع قانون الاتحاد".
ناتاشا ميلرش/ م.ب