تعليق: "عواقب الانسحاب من أفغانستان ستكون وخيمة"
٢٣ يوليو ٢٠٠٧تظهر عمليات الإختطاف الاخيرة في أفغانستان براعة حركة طالبان في استخدام الدعاية لتحقيق أغراضها. وحتى الآن لم يتأكد ما إذا كان متطرفون إسلاميون هم الذين يقفون وراء اختطاف المهندسيّن الألمانيين ومرافقيهما مؤخرا. ففي أفغانستان هناك أطراف عديدة تقوم بهجمات وعمليات اختطاف تشهدها البلاد.
وإلى جانب طالبان هناك مجموعات متطرفة اخرى تنشط في جنوب وجنوب شرق البلاد. وحتى مقاتلو طالبان أنفسهم لا يخضعون دائما لقيادة الحركة، كما أن عصابات الجريمة المنظمة تستغل غياب القانون في بعض الولايات للقيام بعمليات ذات أهداف مادية.
استهداف ألمانيا عسكريا وإعلاميا
وبغض النظر عن الجهة التي قمت باختطاف المهندسيْن الألمانيين فإن حركة طالبان جيرت عملية الخطف لصالحها. وقد تكون أيديولوجية الحركة من عصر ما قبل الحداثة، إلا ان آلتها الدعائية حديثة جدا. فهي تدير شبكة اتصالات دولية من وتجمع معلومات حتى عن النقاشات في ألمانيا عن الجيش الألماني في أفغانستان. لذا فان المفتش العام للجيش الألماني فولفغانغ شنايدرهان لا يبالغ أبدا حين يحذر من استهداف الطالبان لألمانيا.
ليس المقصود هنا استهداف ألمانيا عسكريا فقط، بل إحداث بلبلة في المعلومات أيضا، كما هو الحال منذ أيام : فبعد نفي طالبان أنها اختطفت المهندسيْن، أدركت الحركة أهمية عملية الخطف هذه لخدمة أهدافها، حتى وإن كانت جهة أخرى هي من قام بها.
ففي الخريف القادم سيقرر البرلمان الألماني مصير الجنود الألمان في أفغانستان ويعرف المتطرفون الإسلاميون أن ثلثي الألمان لا يؤيدون بقاءهم هناك. وكان الألمان ومنذ البداية قد نظروا بعين الشك إلى أهداف الحملة ضد الإرهاب في أفغانستان والمتمثلة في تحقيق السلام وتصدير الديمقراطية ودعم هياكل المجتمع المدني، والآن فان من تبقى من مؤيدي هذه الأهداف في ألمانيا بدؤوا يشكون فيها وخاصة بعد الهجمات وعمليات الخطف الأخيرة وذلك رغم النجاحات الكبيرة التي تحققت على صعيد التنمية السياسية في أفغانستان.
وحركة طالبان والقاعدة تصبان الزيت على النار بالهجمات والاختطاف وإشاعة معلومات كاذبة والدعاية المغرضة مستهدفة زيادة مخاوف الألمان من تزايد قوة طالبان رغم وجود القوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان. حتى أن خلايا طالبان بدأت بالتكاثر في مناطق انتشار القوات الألمانية والتي تتسم بالهدوء إلى الآن.
رغم زيادة المخاطر: "لا خضوع للإرهابيين"
تقارير الجيش الالماني عن الوضع مثيرة للقلق وتتحدث عن تهديدات أمنية واستخدام المدنيين كدروع بشرية وعن ازدهار تجارة المخدرات، كما تتحدث التقارير عن الحاجة إلى مائة ألف جندي لتحقيق الأمن في أفغانستان بدلا من الأربعين ألفا الموجودين حاليا هناك والذين تم تجنيدهم بصعوبة. فهل على الناتو والولايات المتحدة التسليم والانسحاب الآن؟
كلا، لأن العواقب ستكون وخيمة: أولا لسمعة ألمانيا الدولية، وثانيا للشعب الأفغاني الذي يحتاج إلى قوات أجنبية لمنع عودة حكم طالبان الرهيب، وثالثا لأن المتطرفين الإسلامويين سيعتبرون انسحاب القوات الألمانية نصرا على الغرب وقد يعمدون إلى تصدير الإرهاب إلى الخارج. إن الانسحاب من أفغانستان سيكون بالتأكيد أكبر مساعدة للإرهاب على النصر.