تصعيد النزاع النووي مع إيران: هل ستلجأ طهران إلى استخدام النفط سلاحا؟
٥ مايو ٢٠٠٦
إن إلقاء نظرة سريعة على أسواق النفط يظهر بوضوح مدى تأثر أسعار "الذهب الأسود" في هذه الأسواق بالنزاع النووي مع إيران. وبحسب المراقبين، فإن المستقبل لا يبشر بالخير في هذا الخصوص، فإذا توقفت إيران عن أيقاف ضخ النفط ولو جزئيا، لوصل سعر البرميل الواحد في الأسواق العالمية إلى أكثر من 100 دولار.
وكلنا نتذكر قبل بضعة سنوات تصريحات الزعيم الروحي الإيراني التي طالب الدول الإسلامية من خلالها بإيقاف ضخ النفط إلى الدول الغربية، وذلك بسبب السياسة التي تنتهجها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. ولكن نداءه هذا لم يأت بثماره، لأن الدول العربية لم تشترك آنذاك في هذه المقاطعة. وهكذا فقد ظل ذلك مجرد كلام لم يتعدَ حدود إيران. واليوم، ومع ازدياد حدة النزاع حول الملف النووي الإيراني، صرح وزير النفط الإيراني، قائلا: "النفط ليس سلاحا ونحن لن نقوم بخلط النفط بالسياسة." أما سياسيون إيرانيون آخرون، مثل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، فيحرصون على عدم استبعاد لعب ورقة النفط. فقد قال الرئيس الإيراني مجيبا على سؤال مباشر في هذا السياق بالقول:" لدينا كل الإمكانيات اللازمة من أجل الدفاع عن مصالحنا القومية. وأنا أعتقد أن هؤلاء الذين يوجهون كلامهم إلى الشعب الإيراني بهذه اللهجة الخشنة هم بحاجة إلينا عشرات المرات أكثر مما نحن بحاجة إليهم."
الموقف الإيراني من تسييس النفط
ويتابع أحمدي نجاد بالقول:" لا ضير من أن يدفع الغرب السعر الحقيقي للنفط،" فيما يفكر وزير النفط الإيراني برفع السعر إلى مائة دولار كسعر للبرميل الواحد ـ ما يشكل ارتفاعا بقيمة ثلث السعر الحالي. إن واردات النفط الإيرانية هائلة. فإيران هي رابع أكبر دولة مصدرة للنفط وهي تملك 11 بالمائة من إجمالي واردات النفط في العالم ـ وحتى 15 بالمائة من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم بأسره ـ وهي بهذا تحتل المركز الثاني بعد روسيا، ما يدفع البعض في شوارع طهران على استعراض قوة الإيرانيين في هذا المجال، كما هو الأمر لدى مواطن إيراني يقول:" إذا ما هددنا الأمريكيون بالحرب فإن سعر النفط سيرتفع ليصل إلى 100 دولار على أقل حد. ولهذا السبب بالذات فلن يتمكن الأمريكيون من الوقوف في وجهنا ولن يتمكنوا كذلك من تهديدنا بالغزو، فمثل هذا العمل لن يجدِ بشئ."
إن ما يدعو للطمأنينة بعض الشيء هو أن صادرات النفط الإيرانية لا تشكل سوى 3 بالمائة من الاستهلاك العالمي. فألمانيا مثلا تكاد لا تستورد من إيران أي نفط تقريبا. ولكن وعلى الرغم من ذلك، فإن هنالك ثمة قلق كبير يخيم على أسواق الطاقة الدولية: إذا ما توقفت إيران عن تصدير النفط ولو بشكل جزئي فقط، لتجاوز سعر البرميل الواحد حد المائة دولار وهذا أمر لا يختلف عليه إثنان. ليست إيران بحاجة إلى الحد من تصديرها للنفط بمحض إرادتها، بل يكفي أن يترجم الغرب بمشاركة الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران إلى واقع. على أي حال من الأحوال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يتوقع مثل هذه العقوبات ويهيأ شعبه لها، فهو يقول:" حسنا، لا تبيعوا لنا أي شيء إن أردتم! عندها ستكون شبيبة هذا البلد التي تعلمت التحكم بالتقنية النووية وإجراء أبحاث متعلقة بالخلايا الثابتة دون أن يكون بأيديها أي شيء على الإطلاق، سنكون قادرين بلا شك على الإيفاء بكل ما يلزمنا في حياتنا اليومية، وذلك على نحو أفضل منكم."
قدرة الغرب على مواجهة غياب النفط الإيراني
جاءت إعصاير كاترينا وويلما وريتا لتثبت أن قدرة الدول الصناعية في التغلب على أزمة تعطل منشآت تكرير النفط الكبيرة وذلك عن طريق وضع احتياطياتها الاستراتيجية تحت التصرف." في حال غياب الموارد الإيرانية كليا، سيكون باستطاعتها تحمل هذه الأزمة لمدة سنة ونصف إذا ما وضعت الاحتياطيات تحت التصرف." هذا ما أسفرت عنه تقديرات الوكالة الدولية للطاقة. غير أن هذه التقديرات ساذجة للغاية، فإذا بلغت الأزمة أوجها فعلا، فمن المحتمل أن تقوم إيران بتلغيم مضيق هرمز الذي يمر عبره من 20% إلى 40% من مستلزمات النفط العالمي، فهذه الكميات الضخمة لا بد لها من الولوج عبر ثقب الإبرة هذه الواقعة على الخليج الفارسي ـ وستكون هذه مأساة لأسواق الطاقة.
دويتشة فيله
إعداد: مصلح حسين