تسارع إجلاء آلاف الأجانب من السودان ووصول أول دفعة إلى برلين
٢٤ أبريل ٢٠٢٣هبطت أول طائرة إجلاء عسكرية ألمانية في برلين وعلى متنها 101 شخص قادمين من السودان المنكوبة بالصراع، وفقاً لما ذكرته وزارة الخارجية الألمانية في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين (24 نيسان/ابريل 2023). وقالت الوزارة إن الطائرة كان على متنها مواطنين ألمان وأفراد أسرهم، بالإضافة إلى رعايا دول شريكة.
وقال الجيش الألماني إنه قام بإجلاء 311 شخصا من السودان، وذلك دون أن يقدم تفاصيل حول جنسياتهم. وقال الجيش في تغريدة " اقلعت ثالث طائرة من طراز إيرباص إيه 400 ام التابعة للجيش من السودان خلال ساعات الليل وهبطت بسلام في الساعات الأولى من صباح اليوم". وأضاف " حتى الآن، تم ضمن عملية الإجلاء نقل 311 شخصا إلى الأردن التي منها يتم تنظيم السفر بعد ذلك".
وسوف تستمر الرحلات الجوية طالما سمح الوضع الأمني، حيث تتم المغادرة من مطار قريب من الخرطوم يخضع لحماية الجيش؛ حيث تم نشر نحو ألف جندي.
وكغيرها من الدول، بدأت ألمانيا إجلاء عسكرياً يوم الأحد. وحلق ما إجماليه ثلاث طائرات تابعة للقوات المسلحة الألمانية من طراز إيرباص /إيه 400 إم إس/ إلى السودان لنقل الأشخاص المزمع إجلاؤهم.
وتتطلع القوات المسلحة الألمانية ووزارة الخارجية لنقل ما مجموعه أكثر من 300 مواطن ألماني مسجلين في قائمة الأزمات بالإضافة إلى مواطني دول شريكة إن أمكن.
ويشارك في المهمة ما إجماليه أكثر من ألف عنصر من قوات الجيش الألماني.
من ناحيته قال مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثين أن أكثر من ألف من رعايا الاتحاد غادروا السودان في عمليات إجلاء تمت خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأوضح بوريل لصحافيين "كانت عملية معقدة وناجحة". وأكد بوريل أن 21 دبلوماسيا من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم أخرجوا فيما غادر سفير الاتحاد الأوروبي الخرطوم وانتقل إلى منطقة أخرى من السودان.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي لوكالة فرانس برس الجمعة أن عدد المواطنين الذين ينتمون إلى دول الاتحاد يقدر بنحو 1500 في الخرطوم.
وتسارعت الأحد عمليات إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب من السودان من قبل دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا، في وقت تتواصل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من أسبوع.
عمليات معقّدة
وتسببت الاشتباكات منذ 15 نيسان/أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، بمقتل أكثر من 420 شخصا وإصابة 3700 بجروح، ودفعت عشرات الآلاف الى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الإثنين أنها أجلت الى الآن نحو 400 من رعاياها وحملة جنسيات أخرى. وأوضحت في بيان أن "هذه الرحلات سمحت بإجلاء 388 شخصا بينهم مواطنون فرنسيون أعربوا عن رغبتهم بذلك، فضلا عن عدد كبير من رعايا دول أخرى، أوروبيون خصوصا فضلا عن أفارقة ومن القارة الأميركية وآسيا".
وحمل الذين تم اجلاؤهم جنسيات كلّ من ألمانيا والنمسا والدنمارك وفنلندا واليونان والمجر والمملكة المتحدة والسويد وسويسرا وجنوب إفريقيا وبوروندي وإثيوبيا وليسوتو والمغرب وناميبيا والنيجر وأوغندا ورواندا، فضلا عن السودان والولايات المتحدة وكندا والهند واليابان والفيليبين.
وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأحد إجلاء جميع مواطنيها الذين طلبوا مغادرة السودان. وكان وزير خارجيتها أنطونيو تاياني قد ذكر في وقت سابق الأحد أن الجيش الإيطالي أجلى "نحو 200 شخص بينهم مواطنون سويسريون وأعضاء في السفارة الرسولية".
أما إسبانيا فقد أجلت نحو 100 شخص على متن طائرة عسكرية، من بينهم 30 إسبانيا، حسب ما أفادت وزارة الخارجية ليل الأحد.
وأفادت وزارة الخارجية المصرية مساء الأحد عن "إجلاء 436 مواطناً من السودان عبر الإجلاء البري بالتنسيق مع السلطات السودانية" الأحد.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك انجاز لندن "عملية إجلاء سريعة ومعقدة" لدبلوماسييها وعائلاتهم.
والأحد، أعلنت السويد إرسال زهاء 150 عسكريا لإجلاء دبلوماسيين ورعايا، في حين أكدت النروج إجلاء سفيرها واثنين من الدبلوماسيين.
وأتى ذلك بعد ساعات من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أن قوات بلاده "نفّذت عملية" لإخراج موظفين حكوميين أميركيين، طالت أكثر من مئة شخص بينهم دبلوماسيون أجانب. واستخدمت هذه القوات مروحيات انتقلت من جيبوتي الى إثيوبيا فالخرطوم حيث بقيت في المطار لأقل من ساعة.
إلى ذلك، أعلنت كندا أنها علّقت موقتا نشاطها الدبلوماسي، وأن بعثتها تعمل من "مكان آمن خارج البلاد".
السودانيون يواجهون مصيرهم
وفي حين استخدمت أطراف عدة الإجلاء جوّاً، اعتمدت أخرى الخيار البرّي. وأظهرت لقطات مصوّرة حصلت عليها وكالة فرانس برس قافلة من سيارات رباعية الدفع عائدة للأمم المتحدة، تغادر الخرطوم نحو مدينة بورتسودان بشرق البلاد. وأفاد مصدر كان ضمن القافلة أن من كانوا فيها يحملون جنسيات دول أوروبية وآسيوية وإفريقية وغيرها. وتابع المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "أنا من سيراليون. في الواقع، العالم كله كان على متن هذه القافلة".
وأعلنت تركيا أنها ستعيد مواطنيها "براً عبر المرور بدولة أخرى".
وكان الانتقال برّاً الى بورتسودان الطريق الذي اعتمدته السعودية في أول عملية إجلاء معلنة للمدنيين السبت، قبل نقلهم عبر البحر الأحمر إلى جدّة. وأوضحت الرياض أنها أخرجت أكثر من 150 شخصا من رعاياها ورعايا 12 دولة على متن سفن تابعة للبحرية السعودية.
وأثارت عمليات الإجلاء مخاوف على مصير السودانيين العالقين وسط القتال.
وباتت مغادرة الخرطوم هاجسا يؤرق سكانها البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي ونقص المواد التموينية والمياه.
الا أن المغادرة ليست سهلة خصوصا في ظل الحاجة الى كميات كبيرة من الوقود لقطع المسافة نحو الحدود المصرية شمالا (زهاء ألف كيلومتر)، أو بلوغ بورتسودان (850 كيلومترا الى الشرق) على أمل الانتقال منها بحرا لدولة أخرى. وبات الوقود عملة نادرة ومكلفة في الخرطوم التي كانت تعاني أصلا من تضخم كبير يطال معظم المواد الأساسية.
وحذرت الأمم المتحدة من أنه "في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساسا في السودان".
واضطرت الكثير من وكالات المنظمة الدولية لتعليق نشاطها في السودان.
ويرى الباحث حميد خلف الله أن "المطالبة بممرات إنسانية آمنة لإجلاء مواطنين أجانب من دون المطالبة في الوقت نفسه بوقف الحرب، أمر رهيب". ويقول "سيكون للاعبين الدوليين ثقل أقل بعد مغادرة مواطنيهم البلاد"، متوجهاً إليهم بالقول "لا تتركوا السودانيين من دون حماية".
ومن الفاتيكان، اعتبر البابا فرنسيس الأحد أن الوضع "يبقى خطراً في السودان، ولهذا أجدد دعوتي لوقف العنف في أسرع وقت ولاستئناف الحوار".
ويقول الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" آلان بوزويل "للأسف، كان التركيز والزخم الأساسي لمحاولة وقف إطلاق النار خلال العيد في السودان منصباً على إجلاء الرعايا الأجانب وليس على أعمال الإغاثة الإنسانية أو دبلوماسية السلام".
خ.س/ع.ج.م (د ب أ، أ ف ب)