تزايد اهتمام طلاب الطب المصريين بالتدريب في ألمانيا
١ يناير ٢٠١٣في مستشفى غروس هادرن الكبير الواقع في قلب مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا، نلاحظ أن كثير من الأطباء الأجانب يعملون هناك، ليس هذا فقط، بل وزيادة عدد المتدربين العرب في السنوات النهائية من كليات الطب، الذين يقضون فترة تدريب هنا. كما ارتفعت أعداد طلاب الطب المصريين المتدربين في مستشفيات بافاريا، وهم يأملون بعد إنهاء الدراسة الجامعية والفترة التدريبية في الحصول على فرصة عمل كأطباء في المستشفيات الألمانية.
في ظل التراجع الكبير في عدد الأطباء الألمان، والذي تعاني منه المستشفيات الألمانية، أصبحت فرصة عمل أطباء عرب شبان في المستشفيات الألمانية ليست بعيدة المنال، فألمانيا تعاني عجزاً في عدد الأطباء يصل إلى 5500 طبيب. وأغلب المستشفيات التي تعلن عن شغل وظائف أطباء فيها في الوقت الحالي، لا يتم شغل تلك الوظائف على الفور بالنظر إلى هذا العجز، حتى أن طلبات بعض المستشفيات لشغل وظيفة فيها يبقى موجوداً على صفحتها على الإنترنت لمدة تفوق الخمسة أشهر، وفي النهاية تلجأ تلك المستشفيات إلى طلب أطباء من خارج ألمانيا.
أطباء من مصر
في أروقة مستشفي غروس هادرن الضخم التقيت طالب الطب المتدرب محمد مصطفى من جامعة الإسكندرية بمصر، والذي يرى أن ألمانيا في الوقت الحالي هي حلم للأطباء الشبان في مصر. ويضيف بالقول: "نعرف أن ألمانيا تعاني نقصاً حاداً في عدد الأطباء، لذلك فإن الكثير من الأطباء المصرين المتخرجين حديثاً يحاولون الحصول على فرصة عمل في المستشفيات الألمانية التي تقدم رواتب جيدة علاوة على الخدمات الطبية الفائقة الجودة، والأجهزة الحديثة التي تساعد الطبيب كثيراً في عمله".
لكن كيف يحصل المتدربون من الأطباء أو طلاب السنوات النهائية في الكليات الطبية المصرية على فرصة التدريب في ألمانيا؟ محمد طارق، متدرب مصري آخر، يجيب على هذا السؤال بالقول: "الأمر غاية في السهولة، إذ يكفي أن تراسل المستشفيات المختلفة لتحصل في النهاية على رد على طلبك، وهو أمر سهل ويسير خاصة إذا اقتنعت المستشفى بكفاءتك والجامعة التي تدرس فيها". ويستطرد طارق، وهو طالب في طب الإسكندرية أيضاً، قائلاً: "هذا الرد الإيجابي، الذي حصلنا بمقتضاه على فرصة تدريبية لمدة شهرين نتحمل فيه نفقات السفر والسكن مقابل التدريب المجاني، هو فرصة لم نكن نتوقعها على الإطلاق، فغالباً ما يتم إهمال هذا النوع من المراسلات في بلادنا العربية ولا يهتم بك أحد، ولابد أن تطرق الأبواب بنفسك. لهذا كان إعجابنا كبيراً بالأطباء الألمان الذين اهتموا بالأمر ووافقوا على الفترة التدريبية دون أن يكلفنا ذلك شيء. وهذا عكس لدينا الجدية المتناهية لدى الشعب الألماني وكان بمثابة تجربة شخصية رائعة لنا".
مكاتب لتسفير الأطباء إلى ألمانيا
المفارقة الغريبة أن الأطباء الألمان هم أنفسهم يهاجرون إلى دول أخرى تعطيهم رواتب ضخمة مثل سويسرا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية، حتى أن عدد الأطباء الألمان المهاجرين يصل إلى 19 ألف طبيب، مقابل 25 ألف طبيب يحملون جوازات سفر أجنبية يعملون الآن في ألمانيا .من جهة أخرى فإن كليات الطب الألمانية لا تتسع لأكثر من 10 آلاف طالب في العام، ينجح منهم في الوصول إلى الشهادة النهائية 9 ألاف طالب والباقي يعملون في مهن أخرى أو يذهبون للخارج. وهذا ينذر بعجز قد يصل إلى 37 ألف طبيب بحلول عام 2019 وفق تقرير صادر عن نقابة الأطباء الألمانية.
وفي هذا السياق يقول طارق إن معظم الطلاب المصريين في الجامعات الكبرى يعرفون هذا النقص في عدد الأطباء بالمستشفيات الألمانية، لذلك باتت "توجد الآن مكاتب تقوم بدور الوساطة في تسفير الأطباء المصريين إلى ألمانيا. عندما علمنا بهذه الوسيلة بدأنا نبحث ونسأل ونراسل المستشفيات لمزيد من المعلومات، ثم أكملنا الأوراق المطلوبة وعرفنا فيما بعد أن التدريب ممكن في فترة الإجازة. في نهاية الفترة التدريبية سيصبح بحوزتنا شهادة من مستشفى ألماني كبير وهذا بالطبع سيساعدنا فيما بعد في الحصول على فرصة عمل جيدة سواء في ألمانيا أو في أي مكان آخر".
آفاق ومصاعب
أما عن آفاق العمل في ألمانيا بعد إنهاء الدراسة الجامعية فيقول طارق: "ألمانيا قريبة جغرافياً منا وهي من الدول المتقدمة طبياً، لذلك فإن فرصة التدريب أو العمل فيها مناسبة لنا بالمقارنة بأمريكا وكندا واستراليا"، لكن العقبة الوحيدة التي تقابل هؤلاء المتدربين هي اللغة الألمانية التي يجب توافرها في الطبيب الذي يصرح له بالعمل في المستشفيات الألمانية، كما يقول طارق. ومن يحصل على شهادة B2 في اللغة الألمانية من معهد غوته بمصر يسمح له بالعمل، لذلك "سأواصل تعلم اللغة الألمانية بالتوازي مع ما تبقى لي من دراسة الطب حتى أصبح مؤهلاً للعمل في ألمانيا إذا جاءتني الفرصة في المستقبل".
من جهته يرى محمد مصطفى أن الفروق بين النظام الطبي في مصر ونظيره في ألمانيا مختلفة بشكل كبير. ويقول عن ذلك: "طبيب الأسرة في ألمانيا له دور كبير في رعاية المرضى، ويهتم بعمل ملف للحالة الصحية لمرضاه منذ أول زيارة. أما في مصر ففي كثير من الحالات يكتفي المريض بزيارة الصيدلية وسؤال الصيدلي عن دواء دون مراجعة الطبيب المختص". وهذه الفروق تمتد لتشمل الأبحاث الطبية أيضاً.