دراسة الطلبة العرب في ألمانيا – حلم محفوف بالتحديات
٨ ديسمبر ٢٠١٢لا يدرك الكثير من الراغبين في القدوم إلى ألمانيا بهدف الدراسة بأن هذه التجربة مليئة بالمصاعب والتحديات. تتمثل هذه الصعوبات أولاً في اختلاف نظام الدراسة في ألمانيا اختلافاً كلياً عن نظيره في الدول العربية، من حيث التعامل مع المنهاج التعليمي هناك، انتقالاً إلى صعوبة التأقلم والاندماج مع المجتمع الألماني بسبب اختلاف العادات والتقاليد، مما يؤدي إلى صعوبة إقامة علاقات صداقة مع الطلبة الأجانب بشكل عام والألمان بشكل خاص. إضافة إلى ذلك يواجه بعض الطلبة العرب صعوبة تعلم اللغة الألمانية التي تُشكل بحد ذاتها تحدياً قد يكون الأصعب على الإطلاق من بين هذه التحديات.
وبالرغم من الدراسة شبه المجانية في ألمانيا تُشكل مشكلة تأمين تكاليف المعيشة عقبة أخرى في وجه الطلبة، حيث يتوجب على البعض أحياناً ممارسة بعض الأعمال الجانبية طوال فترة الدراسة من أجل تأمين المصاريف الشهرية مثل الأجرة والضمان الصحي والطعام والشراب وإلى آخره من هذه الأمور.
وإذا كان هذا هو الحال فمن الوارد أن يتأخر الطالب في إنهاء دراسته، بعض الطلبة مثلاً يضطرون لمغادرة مدنهم لمدة فصل دراسي كامل من أجل إيجاد عمل يقتاتون منه، وليس من السهل التنسيق بين والعمل في الوقت ذاته. وعلى الرغم من وجود هذه المصاعب والتحديات مازال حلم الطالب العربي بالالتحاق بأحد الجامعات الألمانية يراود الكثيرين وسائد في كثير من الأذهان. لكن وللأسف سُرعان ما يتبخر هذا الحلم حين يصطدم بهذه الصعوبات، مما يدفع البعض حتى إلى الانقطاع الكُلي عن الدراسة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن،ما هي الأسباب الكامنة وراء تصميم الكثير من الطلاب العرب على الإقبال على الدراسة في الجامعات الألمانية رغم هذه التحديات.
ارتفاع المستوى العلمي
من خلال سؤال بعض الطلبة العرب الجدد في ألمانيا تبين لنا أن هناك الكثير من العوامل التي تدفع هؤلاء الشباب باتخاذ قرار الدراسة في ألمانيا. فعلى سبيل المثال يُمكن للطالب في ألمانيا الحصول على مقعد دراسي في الفرع أو الكلية التي يرغب الطالب الدراسة فيها مقارنة بصعوبة هذا الأمر في الجامعات العربية. هذا ما دفع الطالب مالك إبراهيم للقدوم من الأردن إلى ألمانيا بهدف دراسة طب الأسنان. عن ذلك يقول مالك: "أنهيت الثانوية العامة بمعدل 91 بالمائة لكني وبسبب ارتفاع معدلات القبول الجامعي في الأردن لم أستطع الحصول على مقعد دراسي في كلية الطب في أحد الجامعات هناك".
ومن جانبه يشار الطالب شادي حسن إلى إمكانية الدراسة في الجامعات الخاصة هناك، لكن تكاليف الدراسة المرتفعة في هذه الجامعات تشكل عائقاً كبيراً للطلبة. أحمد مر بالتجربة نفسها، ويقول عن ذلك: "كان بإمكاني للالتحاق بأحد الجامعات الأهلية في الأردن، لكن عدم القدرة على دفع الرسوم الجامعية حال دون ذلك".
أما رانيا غ.، وهي طالبة من فلسطين، فتؤكد على أن تكنولوجيا التعليم المُتطورة في ألمانيا وخاصة في مجالات الطب والهندسة والعلوم الطبيعية، كانت وراء قدومها إلى ألمانيا لدراسة الهندسة المعمارية. وتقول عن ذلك: "لا تستطيع الجامعات في فلسطين توفير أجهزة حديثة ومُتطورة، مثل التي توفرها الجامعات الألمانية للطالب في هذا المجال من أجل تهيئة وتعداد الطالب بشكل ملائم على حياته المهنية مستقبلا".
أوضاع سياسية واقتصادية
من جهة أخرى يلعب الوضع السياسي والاقتصادي الراهن في العالم العربي والمُتمثل بعدم وجود استقرار أمني رافق تغييرات الربيع العربي، وما يرتبط بذلك من تدهور للحالة الاقتصادية، دوراً أساسياً في هجرة الطلبة العرب إلى ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.
كان قرار السفر إلى الخارج ليس فقط بهدف الحصول على شهادة جامعية من أجل تقوية الحظوظ في الحصول مستقبلاً على وظيفة يستطيعون من خلالها تأسيس حياتهم وتأمين مستقبلهم، بل من أجل العيش في أمان واستقرار، كما يقول الطالب أحمد عبد الله: "لم تكن الدراسة وحدها هي السبب الرئيسي في قدومي إلى ألمانيا. فبعد الأحداث التي يمر بها العالم العربي قررت الذهاب إلى أي دولة تنعم باستقرار سياسي وتتمتع بقوة اقتصادية، فاخترت المجيء إلى ألمانيا".
أما محمد يونس فيرى أنه لو كانت الدول العربية تنعم باستقرار سياسي واقتصادي، لما اضطر الكثير من الطلبة العرب من اتخاذ قرار الهجرة. ويقول يونس: "من منا يُفضل العيش في الخارج على العيش في بلده وبين أفراد أسرته وأصدقائه؟ فكل منا يُمني النفس بتوفر مثل هذه الظروف في بلده من أجل الاستفادة من مواهب وقدرات هؤلاء الطلبة في تطوير المجتمعات العربية والرُقي بها". وكثير ممن أنهوا دراستهم في ألمانيا مثل الأطباء والمهندسين وغيرهم من الأكاديميين العرب وحصلوا من بعدها على وظيفة، يرفضون فكرة العودة إلى بلدانهم رفضاً تاماً، لعدم توفر الظروف الملائمة من أجل العمل بشكل جيد وتحقيق النجاح في المجالين الشخصي والعملي.