بولندا وورطة التعاون مع "سي آي إيه"
١٢ ديسمبر ٢٠١٤بعد صدور تقرير الكونغرس الأمريكي حول أساليب التحقيق التي كانت تتبعها وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" مع متهمين بالإرهاب، يحاول الرئيس البولندي السابق الكسندر كفاسنيفسكي تسوية الأمر، حيث يقول: "وافقنا على التعاون مع وكالات الاستخبارات لأننا كنا مقتنعين بأن الولايات المتحدة تتعامل كدولة ديمقراطية في إطار القوانين. ولم يكن لدينا أي سبب للاعتقاد بأن المسؤولين الأمريكيين يقبلون بالقيام بأنشطة غير قانونية، أو دعمها أو إخفائها".
مكان هادئ في بولندا رهن إشارة الأمريكيين
طلب رجال الاستخبارات الأمريكية من بولندا أن توفر لهم مكاناً هادئاً تقوم فيه بأنشطتها على الأراضي البولندية، وتم اختيار ستارا كيجكوتي، البلدة الصغيرة في شمالي شرق البلاد. والتي تقع بين بحيرتين وسط منطقة مازوري. في نفس المكان الذي كان يدرب فيه موظفي أجهزة الاستخبارات للكتلة الاشتراكية أيام النظام الشيوعي ببولندا. المكان كان قاعدة عسكرية لمكافحة التجسس.
ويبدو أن ذلك المكان بدا وبشكل واضح مثالياً لوكالة الاستخبارات الأمريكية. ولهذا وُضعت إحدى بناياته رهن إشارة الأمريكيين، على حد قول كفاسنيفسكي، الذي يضيف أن السلطات البولندية لم تأذن في أي وقت للأمريكيين بممارسة التعذيب.
ومع مرور الوقت أصبحت الشكوك تراود الكسندر كفاسنيفسكي بشأن أساليب استجواب الاستخبارات الأمريكية، على حد قوله. ويضيف أنه لم يكن في السابق يفكر أن بمقدور وكالة الاستخبارات المركزية الكذب على رئيس بلادها. ويضيف: "اليوم، ثبت أن المخاوف لها ما يبررها، لكنها لم تُظهر إطلاقاً أن الأمريكيين تعمدوا انتهاك القانون المعمول به. غير أن كون تلك الأنشطة التي يقوم بها الأمريكيون عندنا، تتم في واقع الأمر في سرية تامة، أثار لدينا القلق. ولهذا جاء قرار قيادة الدولة البولندية بوقف تلك الأنشطة".
إغلاق مركز الاعتقال السري عام 2003
وحول قرار وقف أنشطة وكالة الاستخبارات الأمريكية في بولندا، قال الكسندر كفاسنيفسكي إنه كان قد أبلغ شخصياً الرئيس الأمريكي جورج بوش (الإبن) أثناء إحدى زيارته إلى البيت الأبيض بالقرار، وطالب منه بشكل غير مباشر إغلاق مركز الاعتقال في بولندا، وهو ما حدث عام 2003.
من جانبه لا يزال رئيس الوزراء البولندي الاسبق ليزيك ميلر، من الحزب الديمقراطي الاجتماعي ، يتمسك بموقفه. "قلت مرات عديدة، إنني لم أكن أعرف شيئاً عن الأمر. لكن في الوقت الذي يشعر المرء بالغضب تجاه الأعمال الإرهابية، فلا يجب عليه الرد بوسائل إرهابية. وعندما أنظر إلى الأعمال الوحشية التي تُرتكب باسم الدولة الإسلامية، فأنا أرى أنه يجب محاربة الإرهاب، سواء في السابق، مباشرة بعد الهجمات في نيويورك، أو "الآن". ولهذا آمل، أن بولندا كانت ولاتزال في الجانب الصحيح".
بولندا تطلب الوثائق
ويمكن لرئيسة الوزراء البولندية الحالية إيفا كوباش أن تشعر بالاطمئنان لاستخدام مصطلح "الآن" الذي جاء على لسان رئيس الوزراء السابق ليزيك. غير أنه من الواضح أنه لا يمكنها بالضرورة قبول قرارات الماضي. ولهذا أمرت رئيس الوزراء السلطات البولندية المختصة طلب الوثائق من الولايات المتحدة على الفور واختبارها بدقة، للتمكن من القيام بالخطوات المناسبة.
غير أن الخبير البولندي في مجال حقوق الإنسان جوزيف بينيور، يرى إن تلك الخطوة غير كافية. "نريد إعادة تقييم المسألة كما يقوم الأمريكيون بذلك. ونحن نتخذ وبشكل كبير الولايات المتحدة نموذجا يحتذى به". غير أنه يجب الإنتظار، ما إذا كان البرلمان البولندي والنيابة العامة التي تحقق منذ ست سنوات في هذه القضية، يرون الأمور كذلك أيضاً.