بولندا تتولى الرئاسة الأوروبية والتركيز على الأمن وأوكرانيا
٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤في مطلع يناير/ كانون الثاني 2025، من المقرر أن تتولى بولندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، تحت شعار "الأمن، أوروبا". وتتولى إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (27 دولة) رئاسة التكتل، كل ستة أشهر بالتناوب، حيث تقود النقاشات السياسية. وقد تولت بلجيكا ثم المجر الرئاسة خلال عام 2024.
نهاية الصدام المجري
ويعد انتهاء الرئاسة المجرية بمثابة "نهاية ستة أشهر مضطربة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. فبدلاً من العمل كوسيط محايد، ذهب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى مسار تصادمي مع بروكسل وأبعد شركاءه عن طريق "مهمة سلام" غريبة". كما قام أوربان بزيارات إلى موسكو وكييف وبكين دون التشاور مع الزعماء الأوربيين.
الأمن بكل مفاهيمه وأبعاده
وتدور قائمة أولويات وارسو خلال رئاستها للاتحاد حول مفهوم الأمن- بكل ما تحمل الكلمة من أبعاد- الأمن الداخلي والخارجي، والأمن الاقتصادي، وأمن الطاقة، والأمن الغذائي والصحي. وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إن وارسو سوف تتولى الرئاسة الأوروبية في خضم العديد من الأزمات- في أوكرانيا وجورجيا والشرق الأوسط.
كما تعتزم بولندا التركيز على تعزيز القدرات التنافسية للشركات الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بخفض تكاليف الطاقة، والحد من البيروقراطية والروتين. كما تريد وارسو التعامل مع مسألة توسيع الاتحاد الأوروبي، والسماح بانضمام أعضاء جدد للتكتل، خاصة من دول منطقة غرب البلقان.
20 عاما من التزام بولندا داخل المنظومة
يتكون شعار الرئاسة البولندية خلال الأشهر الستة من أول حرفين من اسم الاتحاد الأوروبي باللغة الإنجليزية "إي ويو" (EU)، متداخلين مع علم البلاد. ويمثل الشعار التزام البلاد نحو التكتل، وعشرين عاما من عضويتها به، وطموحها لوضع اتجاهات جديدة. وقام بتصميم الشعار الفنان البولندي الشهير جيرزي يانيشيفسكي، وهو أيضا مصمم شعار حركة تضامن العمالية التي تأسست عام 1980 ومجلس الاتحاد الأوروبي، والذي غالبا ما يشار إليه بـ "المجلس".
مجلس الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي – ما الفارق؟
هو واحد من الأجهزة الرئيسية لصناعة القرار في الاتحاد الأوروبي. ويمثل حكومات الدول الأعضاء السبع والعشرين، ويضم وزراء هذه الدول، الذين يجتمعون بحسب مجال السياسة محل المناقشة.
ويختلف مجلس الاتحاد الأوروبي عن المجلس الأوروبي، الذي يجمع بين رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لوضع التوجه السياسي العام للاتحاد وتحديد أولوياته.
توسك يُعد خطة سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا
انشغلت وارسو بشكل كبير في إطار استعداداتها لتولي الرئاسة الأوروبي لاستضافة محادثات تتعلق بوضع تصدي أوكرانيا للغزو الروسي الشامل للبلاد. وقال رئيس الوزراء دونالد توسك، الأسبوع الماضي، إنه ناقش مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكانية تمركز قوات أجنبية في أوكرانيا، حال وقف إطلاق النار، ولكنه أكد أن بولندا لا "تعتزم القيام بمثل هذه التحركات" حاليا. وقال توسك أيضا إن من الممكن بدء محادثات سلام بشأن حرب أوكرانيا "شتاء هذا العام ". وأوضح رئيس الوزراء البولندي: "سوف تكون الرئاسة البولندية (للاتحاد الأوروبي) مسؤولة على نحو خاص عما سيبدو عليه المشهد السياسي، وربما كيف سيبدو الوضع خلال إجراء مفاوضات (سلام)".
وتعد بولندا، وهي أيضا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، داعما قويا للجارة أوكرانيا، وتمثل مركزا لوجستيا محوريا للمساعدات العسكرية التي يقدمها الغرب لكييف. ويضم الحلف العسكري الغربي 32 دولة عضو.
وتقول الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس: "نحن بحاجة إلى تحقيق السلام في أوكرانيا، لأجل إرسال مهام حفظ سلام". وأضافت: "وقبل ذلك، ليس لدينا ما نتحدث عنه. وبالطبع، يعود الأمر لكل دولة أوروبية لكل دولة أوروبية في اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستستخدم قواتها في أي عمليات".
حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا؟
ومن المتوقع أن تلعب بولندا دورا مهما في حرب أوكرانيا، التي تكمل عامها الثالث في فبراير/شباط 2025. ويعتزم الاتحاد الأوروبي تبني الحزمة الـ16 من العقوبات ضد روسيا، في بداية صراع يفترض أن يكون قاسيا ضد موسكو، وأن ينال من روسيا على نحو واسع. كما تبذل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، منفردة، جهودا لدعم أوكرانيا، وهو أمر أثار صراعات سياسية داخلية في هذه الدول.
وطلب رئيس وزراء بلغاريا، المؤقت، ديميتار غلافتشيف، تفويضا من برلمان البلاد لتوقيع اتفاقية أمنية مع أوكرانيا وجاء رد المجلس التشريعي يوم الأربعاء الماضي، سلبيا في معظمه، حيث اعترضت الأحزاب على تقاسم بلغاريا الأسلحة والموارد مع أوكرانيا. وقال غلافتشيف، في نفس اليوم، بأنه سوف يوقع اتفاقية تعاون أمنية مع أوكرانيا فقط حال موافقة البرلمان.
عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق؟
في أعقاب انطلاق الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022، اكتسبت جهود توسيع الاتحاد الأوروبي زخما واسعا، وقد أحرزت أوكرانيا تقدما سريعا على هذا المسار منذ ذلك الحين.
وفي ظل الرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي في النصف الأول من عام 2024، وافق الاتحاد الأوروبي على البداية الرسمية لمحادثات الانضمام مع أوكرانيا. وبالتالي، بدأت عملية الفحص، وهي عملية بين المفوضية الأوروبية والدولة المرشحة المعنية، يتم خلالها تقييم التشريعات الوطنية وتحديد مجالات التقارب مع تشريعات التكتل، الاتحاد الأوروبي - ما يسمى بـ "المقررات المشتركة".
وتعد عملية التقييم شرطا أساسيا وضروريا لفتح ما يسمى بالمجموعات والتي دائما ما تشمل عدة فصول خاصة بالانضمام. ومن الممكن اكتمال هذا التقييم خلال الرئاسة البولندية للاتحاد الأوروبي، النصف الأول من 2025.
ص.ش/ع.غ (د ب أ)