بلدة تركية تتأهب لاستقبال اللاجئين العائدين من اليونان
٢٤ مارس ٢٠١٦أزقة كلس تعج بالحيوية، فالمحلات التجارية الصغيرة فاتحة أبوابها في المدينة القديمة حيث محلات الخياطة والحلاقة وصناع الأواني النحاسية. زينب البالغة من العمر 19 عاما القادمة من حلب تبيع الملابس الداخليةللنساء، ويبدو أنها تأقلمت مع الوضع الجديد. زينب الكردية هربت من القنابل في وطنها إلى المدينة التركية الحدودية.
عدد السكان تضاعف
"الحياة جيدة هنا"، تقول زينب "ولكن إذا كان بإمكاني العودة إلى بيتي لقبلت فورا الأرض، لأنه عندما تسقط قنابل من سوريا فوق أرض كلس، فإن السكان المحليين يحملوننا نحن اللاجئين مسؤولية ذلك. وهذه الروح العدائية مؤلمة للنفس". ففي الأسبوع الماضي سقطت ثلاثة صواريخ على كلس أدت إلى مقتل سيدة وطفل. كلس تبعد فقط عشرين كيلومترا عن الحدود السورية، وخلف تلك الحدود يسيطر تنظيم "داعش".
ومنذ إندلاع الحرب في سوريا تضاعف عدد سكان كلس، فإلى جانب 100.000 من السكان الأتراك الأصليين تأوي المدينة نحو 130.000 لاجئ سوري. والعديد منهم موجود هنا منذ عدة سنوات، والبعض الآخر منذ بضع أشهر فقط. 45.000 منهم يعيشون في مخيم لاجئين والآخرون وجدوا مساكن خاصة.
عمدة المدينة: اللاجئون هم "ضيوفنا"
عمدة كلس، حسن قارة، يقول بأن اللاجئين "ضيوف" يتقاسم معهم السكان جميع ما يملكون. ولكنه يعترف في الوقت نفسه بأنه ليس من السهل استقبال هذا العدد الهائل من الناس في المدينة. وذلك لا ينطبق فقط على البنية التحتية والتزود بالماء التي هي مشيدة أصلا لخدمة نصف مجموع السكان الحالي للمدينة. ويقول قارة إن اللاجئين السوريين مختلفون في كثير من الأشياء عن السكان الأتراك. فالنساء والبنات السوريات يرتدين الحجاب، كما يمكن مصادفة الكثير ممن يرتدين البرقع. والسوريون لا يتحدثون التركية. والعثور على السكن بات صعبا، وفرص العمل قلت هي الأخرى.
العودة إلى الوطن إذا أمكن
ويصطحب اللاجئون السوريون معهم أسلوب عيشهم القديم، فالآباء في المخيمات أصروا على الفصل بين البنات والأولاد داخل فصول الدرس، والأتراك غير متعودين على ذلك، لتنصاع إدارة المدينة لتلك المطالب.
العبء الذي تتحمله مدينة كلس وسكانها من خلال إيواء اللاجئين يظهر داخل المخيم الذي أقيم بضاحية المدينة. فخلف المسجد تصطف حاويات سكن نظيفة كُتب عليها أسماء الأزقة وأرقام الحاويات. ويمكن مشاهدة ملابس مغسولة معلقة على الحبل. امرأة عجوز تحاول العناية بتنبيت بعض الأعشاب في حاويات حديدية. وشيخ يتمتع بأشعة شمس الخريف. أما الأطفال الصغار فهم يعكفون على الرسم في روض الأطفال التي تستقبل أكثر من ألفي طفل. وهناك مركز صحي يقدم الخدمات الطبية بالمجان، وفي سوق التبضع الرفوف مليئة بالمنتجات المعروضة. معلم من حلب امتلأ شعره شيبا يقول "نعم هنا الظروف جيدة، لكن الأسعار مرتفعة بعض الشيء". ويشير إلى أنه يتطلع إلى العودة إذا أمكن.
حاويات لـ 10.000 لاجئ إضافي
لكن العودة إلى سوريا حاليا غير ممكنة. فإذا غادر اللاجئون كلس، كما يقول العمدة قارة فإنهم يريدون بدون استثناء تقريبا التوجه إلى ألمانيا. الكثير منهم لم يسمع بعد عن الاتفاق المبرم مؤخرا بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. لكن الذين يرغبون في المغادرة يأملون في اصطياد إمكانية السفر إلى ألمانيا أو دول أوروبا الغربية.
مدينة كلس تأهبت منذ الآن لاستقبال 10.000 لاجئ إضافيين. ففي محيط مدينة اللاجئين الصغيرة تم تشييد حاويات سكن إضافية لاستقبال اللاجئين الذين يتم إبعادهم مستقبلا من اليونان. فاللاجئون الذين دخلوا الحدود اليونانية ابتداء من 20 آذار/مارس يجب عليهم العودة إلى تركيا إذا لم ينجحوا في البرهنة على أن حياتهم في خطر في تركيا. ويقول العمدة قارة بدبلوماسية "الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي جيد مبدئيا، لكنه في حال عدم توقف الحرب في سوريا، فإنه لن يأتي بشيء".
الجنسية التركية كخيار
ويقول العمدة إنه من الأفضل أن يبقى اللاجئون في كلس، لأنه يمكن لهم العودة بسهولة من هنا إلى ديارهم في حال انتهت الحرب يوما ما في سوريا. ولكن كلما طال أمد الحرب، كلما تجذرت فرضية بقاء الكثير من مجموع 2.7 مليون سوري في تركيا. فبعد خمس سنوات يمكن لهم أخذ الجنسية التركية، ومن تم إبداء الشكر والامتنان للرئيس رجب طيب اردوغان الذي سيكسب أصوات ناخبين جدد.
وربما تكون الجنسية التركية يوما ما خيارا لزينب التي قد تصادف شريك حياتها، ويكون ذلك ربما سببا لتبنيها الجنسية التركية. فهي لا تريد الانتقال إلى ألمانيا، لأنها سمعت في التلفزة التركية أن اللاجئين السوريين غير مرحب بهم هناك.