برنامج "شباب بلا حدود" – الطعام وثقافة التغذية عند المصريين والألمان
٢٦ أغسطس ٢٠١٠
العقل السليم في الجسم السليم. حكمة قديمة تدل على أهمية الدور الذي يلعبه الجسم في تكوين الشخصية السليمة، ولعل أهم وسائل بناء الجسم السليم هي التغذية الصحية. فالطعام المتنوع والمحتوي على الخضراوات الطازجة والفواكه لا يسد فقط الجوع، وإنما يبني الجسم بناءً سليما ويمده بالفيتامينات والسعرات الحرارية التي يحتاجها خاصة في مرحلة الشباب.
وتختلف عادات تناول الطعام من مجتمع إلى آخر، فالنمط الغذائي يتشابك كثيرا مع التقاليد والظروف الاجتماعية. لكن بغض النظر عن تباين أنماط التغذية فإن معظم المجتمعات تحرص على أن يجتمع أفرادها حول وجبة مشتركة في الأعياد والمناسبات. كما أن الدعوة على وجبة طعام في البيت أو خارجه هي طريقة معتادة للتواصل الاجتماعي. حول الطعام وثقافة التغذية دار النقاش بين مجموعتي الشباب المصري والألماني في الحلقة الجديدة من برنامج "شباب بلا حدود".
أهمية الوعي البيئي
عندما زارت الشابة المصرية "منة" صديقتها "إميلي" في برلين تعرفت على عادات غذائية لم تكن تعرفها. فقد لفت انتباهها أن صديقتها تحرص على شراء الفواكه والخضراوات الطازجة من السوق، كما أنها ترفض تناول الأطعمة المعدلة وراثيا بسبب وعيها بالمخاطر البيئية التي قد تنطوي عليها مثل هذه المنتجات. وهو وعي أعجب "منة" ورأت أنه قليل في بلادها وأن من المفيد انتشاره بين الشباب هناك.
الشابة الألمانية "صوفيا" تقدم مثالا آخر على الوعي البيئي المرتبط باستهلاك الطعام، فهي ترفض أن تأكل سوى المنتجات الحيوية التي تضمن عدم احتوائها على مواد حافظة أو غيرها من المواد التي قد تكون ضارة، وذلك بالرغم من ارتفاع أسعار هذه المنتجات. كذلك فإن صوفيا قررت أن تكون نباتية وتأكل الجبن بدلا عن اللحوم، كما أنها تحرص على كون طعامها صديقا للبيئة ولا تسبب عملية إنتاجه أي ضرر لها.
لكن هل هذا الوعي هو ترف المجتمعات الغنية؟ الشاب أحمد يرى أن ظروف الحياة المرهقة في مصر لا تسمح له بأن يفكر كثيرا في البيئة أو مسؤولية اختيار طعامه. فهو قد يحاول أن يتناول غذاء صحيا على قدر المستطاع، لكنه لا يفكر في أثناء ذلك في البيئة. كذلك تؤكد الشابة زينة على قلة الوعي بارتباط الطعام بالبيئة في مصر. وعلى أي حال فقد احتاج المجتمع الألماني وقتا لكي يكوّن وعيا بيئيا، حيث لم يكن حضور الغذاء الصحي ملحوظا سوى قبل سنوات قليلة، ومن يدري فربما ظهر أيضا بعد سنوات في القاهرة.
تناول الطعام.. طقوس اجتماعية
تناول الطعام بحد ذاته يخضع للطقوس الاجتماعية، حيث يتحلق الجميع حول الأكل ويتناولونه وهم يتجاذبون أطراف الحديث. كذلك فإن الطبقة الاجتماعية تحدد نوعية الطعام. فالفقراء مثلا قد لا يتمكنون من شراء طعام صحي لارتفاع ثمنه. وقد نال موضوع الأكل اهتمام علماء الاجتماع والانثروبولجيا، على سبيل المثال كتب عالم الانثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس كتابا أسماه "النيئ والمطبوخ" ويربط فيه بين انتقال الإنسان إلى المدنية وبين تطور تحضيره للطعام. وقد أظهر النقاش في الحلقة تقاربا بين الشباب في البعد الاجتماعي للطعام في حياتهم، فلا تخلو لقاءات الشابة زينة مع أصدقائها من وجبة مشتركة يتجمعون حولها قبل أن تبدأ سهرتهم في لقاهرة. كذلك تشعر اميلي بسعادة بالغة عندما تدعو أصدقائها وتطبخ معهم وجبة عشاء تدور حولها أحاديثهم.
لكن في بعض الأحيان لا يتسع الوقت لوجبة متكاملة، ويجد المرء نفسه مضطرا لتناول وجبة سريعة في الطريق. الشاب أيمن لا يكاد يعرف نظاما غذائيا آخرا، فهو لا يهتم بالأكل الصحي وإنما يهرع إلى أقرب محل وجبات سريعة ويتناول منه ما يسد جوعه. كذلك الشاب لويس يشعر أن برنامجه الدراسي مكثف جدا ولا يترك له وقت كاف إلا لتناول الشاورمة التركية الشهيرة في برلين.
جدل حول أهمية السَلطة
هناك من يقول إن مائدة الطعام المصرية تقدم أطباقا متنوعة وبكميات وفيرة، في حين تقدم المائدة الألمانية أطباقا أقل لكن بجودة مرتفعة. وسواء صدق هذا الرأي أم لا، فإنه يكشف عن اختلاف العادات الغذائية بين المجتمعات. وقد ظهر هذا الاختلاف بين الشباب في أثناء النقاش حول أهمية طبق السلطة.
وأما الشاب أيمن فيرى أن طبق السلطة هو طبق تكميلي، يأتي بجانب أطباق أخرى أساسية، ولا يمكن أن يشبع المرء من طبق السلطة وحدها، رأت الشابة صوفيا أن السلطة إذا كانت معدة جيدا وتحتوي على ما يكفي من الخضراوات الطازجة فإنها يمكن أن تكون وجبة متكاملة. ولكن بصرف النظر عن الفوارق بين المائدة المصرية والمائدة الألمانية فقد تعاون الشباب خلال الحلقة في إعداد وجبة مشتركة تجمعهم حولها، وتتكون من: فول حسنية، أم علي، حساء بطاطس وآيس كريم الفواكه. شهية طيبة.
فهل تنقص الشباب في مصر الدراية بفن الطبخ؟ وكيف يتأكد المستهلك الألماني من صحة ما هو مكتوب على السلع؟ شاهد معنا الحلقة لتتعرف على إجابة عن هذه الأسئلة وغيرها من آراء الشباب حول ثقافة التغذية في مجتمعاتهم.
هيثم عبد العظيم
مراجعة: هشام العدم