انفجار بيروت يعيد شبح الحرب العبثية إلى بلاد الأرز
دعا الرئيس اللبناني اميل لحود المعارضة والموالاة إلى إجراء حوار عاجل لإنقاذ لبنان من الخطر المحدق به. وجاءت دعوة لحود المحسوب على تيار الموالاة لسورية بعد ساعات على انفجار سيارة مفخخة أدت إلى جرح العديد من الأشخاص في بيروت الشرقية. وقد وقع الانفجار صباح اليوم أمام مبنى مؤلف من عدة طوابق في حي الجديدة الذي تسكنه غالبية مسيحية. ويعتبر هذا الحادث الأول والأخطر من نوعه بعد حادث اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري أواسط فبراير/شباط الماضي. وقد أدى الاغتيال إلى حدوث أزمة سياسية قد تعصف بمستقبل لبنان حسب الكثير من المراقبين. وتتمثل هذه الأزمة في انقسام الشارع اللبناني ما بين مؤيد للرئيس لحود وحكومته ومعارض لها. وزاد من حدتها عدم قدرة الطرفين حتى الآن على التوصل إلى قواسم مشتركة تدفعهما للجلوس إلى طاولة مفاوضات يتم من خلالها حل المشاكل العالقة.
المعارضة تصر على مطالبها
بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق الحريري قوي عود المعارضة اللبنانية التي تطالب بانسحاب سورية الكامل من لبنان وإجراء انتخابات نيابية بعيدة عن تدخلها في شؤونه. وعزز من موقعها المظاهرات الشعبية التي نظمتها في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت إضافة إلى دعم الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا. وقد أدت ضغوطها وضغوط الدول المؤيدة لها إلى استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة عمر كرامي وإلى وانسحاب القوات السورية من محيط بيروت وشمال لبنان نحو سهل البقاع. واليوم وبعد مرور أكثر من شهر على اغتيال الحريري تريد المعارضة استقالة الرئيس اميل لحود وقادة الأجهزة الأمنية الذين تحملهم المسؤولية عن مقتل الحريري. كما تصر على الانسحاب السوري الكامل وعلى إجراء تحقيق دولي في حادث الاغتيال. على الطرف الآخر قام معسكر الموالين لسورية بزعامة حزب الله وحركة أمل باستعراض عضلاته في الشارع اللبناني أسوة بالمعارضة. وعلى ضوء ذلك قام بتنظيم مظاهرات حاشدة في بيروت والنبطية. كما عقد عدة اجتماعات طالب من خلالها المعارضين بإجراء مفاوضات دون شروط مسبقة بغية التوصل إلى حل للمشاكل القائمة، غير أن هؤلاء يصرون على تنفيذ كامل مطالبهم قبل البدء بمثل هذا الحوار.
انفجار بيروت يعيد ذكرى الحرب
بين تمسك المعارضة بتنفيذ مطالبها ورفض لحود وقادة أجهزته الأمنية الاستقالة يبدو لبنان اليوم أمام مجهول قاتم. فتمسك هؤلاء بالسطلة وزيادة الضغوط عليهم من جهة ورفض المعارضة للحوار إلا بشروطها من جهة أخرى لا يعطل الحياة السياسية وحسب حسب العديد من المراقبين، فهو يهدد كذلك بكارثة اقتصادية حقيقة. ويعود السبب في ذلك إلى خطر توقف حركة السياحة الاستثمارات التي تشكل الشريان الحيوي للاقتصاد اللبناني. ومع استمرار التوتر وانقسام الشارع السياسي واستقطابه بين مؤيد ومعارض هناك خطر أكبر يتمثل في تهديد الاستقرار الأمني بعد نحو عقد ونصف على انتهاء الحرب الأهلية التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى. ومع انفجار سيارة بيروت الشرقية صباح اليوم أصبح هذا الخطر حقيقة واقعة تعيد إلى ذاكرة اللبنانيين ذكرى هذه الحرب البشعة التي خلفت دماراً هائلا ببيروت والعديد من المدن والمناطق اللبنانية الأخرى. ويخشى الكثير من المراقبين على ضوئها من تكرار مشاهد القتل والتفجيرات العشوائية والعبثية التي تطال أرواح الأبرياء بالدرجة الأولى. كما يخشى العديد من سياسيي المعارضة وقوع المزيد من الاغتيالات في حال عدم إقدام الرئيس اللبناني على الاستقالة. ويقف في مقدمة هؤلاء الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي طالب بتنحي الرئيس عن منصبه قبل الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومة إنقاذ وطني. ووصف النائب بيير الجميل الانفجار بأنه عمل إرهابي يهدف إلى زعزعة الاستقرار وزرع الخوف في البلاد. وقال في تصريح للجزيرة أن العملية تريد القول: "انظروا ما الذي ينتظر اللبنانيين إثر انسحاب القوات السورية من البلاد."
د. ابراهيم محمد