لبنان في خطر بعد اغتيال الحريري
اغتيل أمس الاثنين رئيس الوزراء رفيق الحريري السابق رفيق الحريري (60 عاماً) في اعتداء ببيروت نُفذ بواسطة سيارة مفخخة على الارجح. وقد أسفر الحادث كذلك عن سقوط تسعة قتلى اخرين على الاقل بالإضافة إلى نحو مائة جريح. ويأتي الانفجار الذي وقع في حي يضم فنادق كبيرة في وقت يشهد فيه لبنان وسوريا توترات سياسية ويخضعان لضغوط اميركية ودولية كبيرة. وذكرت قناة الجزيرة في خبر عاجل لها أن جماعة تطلق على نفسها اسم "النصرة والجهاد في بلاد الشام" تبنت عملية الاغتيال.
تدعيات الاغتيال
يعيد اغتيال رفيق الحريري ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية إلى الأذهان، تلك الحرب التي سعى الحريري جاهداً لإزالة آثارها أثناء توليه رئاسة الحكومة بعد اتفاقية الطائف. وبعد نحو عقد ونصف على انتهاءها عادت السيارات المفخخة، إحدى أشهر أسلحتها إلى السطح ووضعت نهايةً لحياة الحريري. ويأتي الإغتيال في الوقت الذي يستعد فيه لبنان للانتخابات النيابية في مايو/ أيار القادم. وشهدت فترة التحضير لها جدلاً متصاعداً حول تقسيم بيروت "طائفيا"، وهو الأمر الذي رفضه الحريري. وفي هذا الإطار ناقش مجلس النواب اللبناني مشروع قرار مقدم ينادي بتقسيم العاصمة بيروت إلى 3 دوائر انتخابية على أساس طائفي ومذهبي. وقد اعتبر البعض هذا القرار بمثابة خطوة قد تكون مقدمة لفتنة طائفية ومذهبية قد تعصف بلبنان. ويخشى العديد من المراقبين اليوم من سقوط البلاد مرة أخرى في دوامة العنف على ضوء ذلك. ويزيد من هذه المخاوف أن جراح الحرب لا تزال حاضرة، وأن والوفاق لا يزال هشاً رغم مرور أكثر من 15 عشر عاماً على اتفاق الطائف.
من هو رفيق الحريري؟
يُطلق على رفيق الحريري مهندس اعادة اعمار لبنان. وهو رجل يتمتع بسمعة عالمية ونفوذ واسع في الاوساط المالية والسياسية الدولية. والرجل دخل عالم السياسة من باب الاقتصاد، إذ بدأ حياته كرجل اعمال ناجح في المملكة العربية السعودية. وهناك اقام العديد من المشروعات الاستثمارية في الطائف وحصل بعدها على الجنسية السعودية. ثم امتدت استثماراته لتشمل دولاً عديدة في الوطن العربي واوروبا. وعلى إثر ذلك توسع نفوذه ليضم استثمارات إعلامية، إذ أسس شبكة تلفيزيون المستقبل، كما قام بشراء اذاعة الشرق التي تبث من باريس، إضافةً إلى امتلاك نسبة اسهم في دار النهار العريقة. وتولى الحريري رئاسة مجلس وزراء لبنان بعد اتفاق الطائف عام 1989 الذي كرس التوزيع الطائفي لمراكز السلطة في لبنان. وبناء عليه يتولى منصب رئيس البلاد مسيحي ماروني ومنصب رئيس الوزراء مسلم سني، أما منصب رئيس مجلس النواب فيتولاه مسلم شيعي. على صعيد آخر تبنى الراحل إعادة إعمار ما دمرته الحرب عن طريق مشروع مشروع ضخم لتطوير العاصمة بيروت. وعليه أعاد تخطيط المدينة مرة أخرى بهدف جعلها قبلة لعالم الأعمال والسياح مجدداً.
استقال الحريري في اكتوبر/تشرين أول الماضي من منصبه اثر أزمة نشبت بينه وبين رئيس االجمهورية اميل لحود. وجاء ذلك على خلفيات اتباع الأخير لسياسة تقارب شديدة تجاه سورية، بينما كان الحريري أكثر ميلاً للاعتدال والمحافظة على علاقات متوازنة معها. وقد اثارت الاستقالة ساعتها علامات استفهام كثيرة حول مستقبل العلاقات السورية- اللبنانية. ووصل الأمر إلى احتمالات تدخل دولي في الملف اللبناني على خلفية الدعم الشديد الذي يحظى به الحريري من قبل فرنسا وصداقته للرئيس الفرنسي جاك شيراك. وجاءت استقالة الحريري عشية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 المطالب بإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان وتجريد حزب الله من أسلحته.
ردود افعال
اوردت وكالات الأنباء اعلان الرئاسة الفرنسية ان فرنسا بشدة الاعتداء الذي اودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري". وطالبت بإجراء تحقيق دولي لكشف ملابسات الاعتداء. وأعلن البيت الأبيض عن ادانته لمقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق مؤكداً أن الشعب اللبناني يجب ان يكون قادراً على بناء مستقبله بحرية "دون الاحتلال السوري". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان "الجريمة التي وقعت اليوم هي عامل تذكير مريع بان الشعب اللبناني يجب ان يكون قادراً على تحقيق تطلعاته وتقرير مستقبله السياسي بعيداً عن العنف والتهديد". ودان الرئيس السوري بشار الاسد اغتيال الحريري معتبرا اياه "عمل اجرامي رهيب." ودعا الشعب اللبناني الى "تعزيز وحدته الوطنية ونبذ اولئك الساعين للفتنة وزرع الشقاق بين ابناء الشعب الواحد". كما دانت طهران بشدة الاعتداء "الارهابي" الذي اودى بحياة الحريري ودعت الى الحفاظ على استقرار البلاد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي في تصريح اوردته وكالة الانباء الطلابية ان الجمهورية الاسلامية "تدين بشدة العمل الارهابي الذي اودى بحياة رفيق الحريري واولئك الذين كانوا يرافقونه ومواطنين لبنانيين". وقال المتحدث باسم الحكومة التركية أن تركيا تعرب عن حزنها العميق لمقتل رئيس الوزراء السابق وتقدم أحر التعازي للحكومة والشعب اللبناني.