اليمن: شباب الثورة متوجس من جلسات الحوار الوطني
١٧ مارس ٢٠١٣تنطلق جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في العاصمة اليمنية صنعاء بمشاركة 565 عضوا يمثلون أطراف العملية السياسية والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني بما فيها بعض أجنحة الحراك السلمي الجنوبي. وتقاطع هذه الجلسات أجنحة أخرى من الحراك أبرزها جناح الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض. وفي حين يعلق بعض اليمنيين آمالا كبيرة على نتائج مؤتمر الحوار يشكك آخرون بذلك ومنهم فئات واسعة من شباب الثورة.
وللشباب أسبابهم في هذا الشك، إذ لم تمنحهم اللجنة الفنية للحوار الوطني سوى 40 مقعدا للشباب المستقل في ساحات الحرية والتغيير علاوة على 20% من نسب تمثيل المكونات السياسية والمدنية الأخرى المشاركة في الحوار بما فيها المجلس الوطني لقوى الثورة والتغيير، الذي يفترض أن الشباب هم قاعدته العريضة. بيد أن اللجنة الفنية للحوار أكدت أن قائمة ممثليه جاءت خالية تماما من تمثيل الشباب.إجمالا فإن تمثيل الشباب لن يتعدى الـ 25% في حالة التزمت المكونات بنسب تمثيل الشباب.
النجاح مرهون بوحدة القوى السياسية
يعتقد الشاب محمد الحيدري، وهو أحد الشباب الناشطين في ساحة التغيير بصنعاء في حديثه مع DW عربية أن "مؤتمر الحوار الوطني هو المدخل لتحقيق أهداف الثورة ونجاحه مرهون بالإرادة الموحدة لجميع القوى السياسية الفاعلة على الساحة اليمنية". ويأمل الحيدري في نجاح الحوار في "تحقق الهدف العام للثورة وهو بناء الدولة المدنية القائمة على المؤسسات وتحقيق العدالة الاجتماعية".
كما الصحفي الشاب رشاد الشرعبي من جانبه آمالا كبيرة على نجاح المؤتمر في حسم قضايا الشباب رغم ما يقدمه بعضهم من اعتراضات على إجراءات تمثيل شباب الساحات. ويرى الشرعبي أن هناك "تفاعلا كبيرا في الساحات وعبر فعاليات منظمات المجتمع المدني التي تستهدف الشباب في مختلف المحافظات". ويتمنى الشاب محمد الحميري، المدير التنفيذي لمنظمة الولاء الوطني أن يحقق مؤتمر الحوار الوطني "احترام وجهات النظر المختلفة وإشراك كل الفئات في الحوار دون إقصاء أو تهميش وتقديم الحلول المناسبة للقضية الجنوبية حفاظا على الوحدة اليمنية".
مهرجان كرنفالي للالتفاف على الثورة
ولكن أحمد المخلافي، المدرس بجامعة صنعاء وأحد نشطاء الثورة الشعبية يشكك في تصريح لــDW عربية بصدق نوايا القائمين على مؤتمر الحوار الوطني. ويضيف المخلافي أنه يتوقع "أن يكون هناك شيئا ما يعتمل في الكواليس وأن المؤتمر لن يكون سوى مهرجان عام تكشف فيه مختلف القوى السياسية عن ما يدور في مكنوناتها، وفي الأخير ستُقرأ عليهم النتائج وسيجدون أنفسهم أمام الأمر الواقع".
ويذهب جريح الثورة المعتصم أمام رئاسة مجلس الوزراء بصنعاء الشاب طاهر الهبوب إلى ما هو أكثر من ذلك حين يول لــDW عربية أن " المؤتمر لعبة على الثورة ودماء الشهداء والجرحى وأكل حقوق الشعب تحت مسمى الحوار الوطني دون التهيئة وتقديم الضمانات أو التمثيل الحقيقي للشباب". وفي نفس السياق يرى إبراهيم الجلة، وهو أحد شباب الثورة المعتصمين تضامنا مع جرحى الثورة أن "مؤتمر الحوار الوطني لا يعدو عن كونه لعبة أخرى لتكملة اللعبة السياسية بالالتفاف على الثورة بالكامل وحماية الفاسدين والقتلة واللصوص".
تحايل على الثورة وتنكر لشبابها
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء الباحث المعروف فؤاد الصلاحي فيقول في حديث مع DW عربية إن القوى السياسية التقليدية قد تحايلت على شباب الثورة وتنكرت لدورهم. ويشدد الصلاحي على أن "الشباب هم الأكثر بؤسا في الواقع الراهن لأنهم قدموا التضحيات الجسام، فمنهم الشهداء والجرحى وهم غالبية الثائرين ورواد ساحات التغيير". وحسب الصلاحي فإن الأحزاب جاءت في نهاية المطاف لتقطف ثمار التسوية السياسية من خلال المفاوضات والمبادرة الخليجية "لتصل هي إلى مقاعد الحكم وتتنكر للشباب بدءا من الجرحى الذين لم يتم علاجهم والشهداء الذين لم يتم تكريمهم وصولا إلى تغييب الشباب المستقل من اللجان الحوارية التي سيطرت عليها الأحزاب ومراكز القوى وأتباعهم وأزلامهم".
ويعرب الصلاحي عن اعتقاده أن "الشباب المتطلع لدولة المواطنة ودولة القانون لن يجد إلا دولة الأحزاب والقبيلة ... وهذا مصدر لبؤس الأيام القادمة". ويؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي أن "الشباب هم الأكثر خسارة في المشهد السياسي اليمني"، مضيفا "كان الشباب يأمل أن تتحسن ظروفه ومعيشته فيجد عملا ويخرج من دائرة البطالة إلا أن حكومة ما بعد الثورة تستمر في خلق الأزمات دون القدرة على إدارتها ناهيك عن حلها نهائيا".
ولا يتصور الأستاذ الجامعي أن يستفيد الشباب من "الحوار الوطني لأن الأهداف المعلنة من الشباب في ساحات التغيير لن تكون هي محل الحوار ولا مخرجاته"، مشيرا إلى أن المتحاورين "هم مراكز القوى وفقا لأجنداتهم الخاصة وليس أجندة الوطن والشباب عامة". ويختم الصلاحي كلامه لـ DW بالقول: " لقد تمت سرقة الثورة من قبل الأحزاب والعسكر والقبيلة وتستمر العملية مع الحوار الوطني لسرقة الوطن كله لصالح النخبة القديمة التي كنا نظن أن الثورة قد استهدفتها بالتغيير، فإذا بأحزاب اللقاء المشترك (المعارضة السابقة) تعيد إنتاج النظام السابق ورموزه معا" .