اليمن..أرضية مثالية لنشاط أخطر التنظيمات القاعدية؟
٨ أغسطس ٢٠١٣في الوقع كان من المقرر أن تفتح السفارة الألمانية في اليمن أبوابها من جديد الثلاثاء (6 آب/ أغسطس 2013)، لكنها بقيت مغلقة: "تقديرنا للموقف، الذي اتخذناه بناء على التقديرات الأمريكية للوضع"، يوضح المتحدث باسم الخارجية الألمانية أندرياس بيشكه في حوار مع DW. وحسب موقع السفارة الألمانية في صنعاء فإن السفارة وبمناسبة عيد الفطر ستفتح أبوابها يوم الحادي عشر من الشهر الجاري.
وكانت الولايات المتحدة قد أغلقت 22 من سفاراتها وقنصلياتها من منطقة شمال إفريقيا وصولاً إلى جنوب آسيا تحسبا لخطر إرهابي محتمل. لكن التقارير تشير إلى أن الوضع باليمن بات خطيراً بدرجة كبيرة، ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إجلاء رعاياهما.
ووفق تقارير نيويورك تايمز فإن التحذيرات الأمريكية تستند إلى اعتراض اتصالات الكترونية الأسبوع الماضي بين الظواهري و ناصر الوحيشي زعيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" التي تتمركز في اليمن. ونقلت الصحيفة عن مايكل ماكول رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي قوله إن "هذه المعلومات هي الأكثر مصداقية ووضوحاً رأيتها ربما منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001".
القاعدة في العامين المنصرمين
حتى قبل اندلاع الثورات العربية عام 2011 كان تنظيم القاعدة ناشطاً في اليمن، لكنه استفاد من الفوضى والصراعات الداخلية التي رافقت الثورة اليمنية ليجعل من بعض مناطقه مراكز لتمركزه. واليمن هو أفقر الدول العربية، فقرابة نصف سكان البلد، البالغ تعداداهم 23 مليون نسمة، يبلغ دخلهم اليومي أقل من دولارين في اليوم، كما أن معدلات البطالة تصل إلى 30 بالمائة. عن ذلك يقول غونتر ماير من مركز دراسات العالم العربي التابع لجامعة ماينز: "لهذه الأسباب يعد اليمن أرضية مثالية للقاعدة".
ويضيف ماير أنه يوجد في اليمن الكثير من المناطق التي يمكن أن تشكل مخبأ مثالياً، فالحكومة المؤقتة برئاسة عبد ربه منصور هادي ليس لها سيطرة على مساحات واسعة من البلاد: فالحوثيون في شمال البلاد يخوضون منذ سنوات حربا مع القوات الحكومية. أما الانفصاليون في الجنوب، الذي كان شيوعياً فيما مضى، يطالبون بانفصال مناطق الجنوب عن شمال اليمن.
استغلت القاعدة هذه الأوضاع قبل عامين، خصوصاً في جنوب البلاد، من أجل توسيع مناطق نفوذها، عن ذلك يقول ماير: "كان هناك في الماضي هجمات كبيرةً من قبل القاعدة". لكن من خلال الهجمات بطائرات أمريكية بدون طيار تم تطويق المجاميع الإرهابية في بعض المناطق خلال الـ18 شهراً الماضية، إذ تم قتل 17 من قياديي القاعدة.
الوحيشي ومسؤولية الهجمات
ورغم فقدان القاعدة لبعض مناطق نفوذها، "إلا أنها من ناحية أخرى تمكنت من تنظيم صفوفها عسكرياً بشكل كبير بمساعدة ناصر الوحيشي، الذي كان يساعد زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في إدارة شؤونه المالية وشؤون ممتلكاته وبات اليوم زعيماً للتنظيم في اليمن"، كما يقول الخبير الألماني. وبحسب ماير فإن تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" يدين للوحيشي في أنه أصبح تحت قيادته أخطر التنظيمات التابعة للقاعدة عالمياً.
كان ناصر الوحيشي سكرتيراً خاصاً لبن لادن في أفغانستان. هرب عام 2001 من أفغانستان، متوجهاً إلى إيران حيث تم توقيفه ثم ابعد إلى اليمن عام 2003. وفي شباط/ فبراير 2006 تمكن من الفرار من السجن مع 22 عنصراً آخرين من القاعدة في واحدة من أكثر عمليات الفرار إثارة، إذ تمكن الفارون من حفر نفق بطول 44 متراً إلى مسجد مجاور. وقربه من بن لادن جعل طريقه سهلاً إلى دور قيادي في قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، الذي تشكل عام 2009 من جناحي القاعدة في اليمن والسعودية.
في السنوات اللاحقة لفت إرهابيو اليمن الأنظار إليهم من خلال العديد من المخططات، فقد حاول النيجيري عمر فاروق عبد المطلب نهاية 2009 تفجير طائرة عابرة للمحيطات، بعد أن خبأ قنبلة في سرواله. وقد تم تدريبه وتجهيزه في اليمن. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 أعلن التنظيم مسؤوليته عن وضع قنبلة في طائرة نقل أمريكية، كانت قد أسقطت قبل شهرين من ذلك.
مناسبات لهجمات محتملة؟
يقول غونتر ماير إن "شحنات الأسلحة، التي تصل عبر شرق إفريقيا، ساهمت في تجهيز الإرهابيين في اليمن تجهيزاً جيداً، إضافة إلى ذلك فإن زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي يُرجح أنه مختبئ في باكستان منذ سنوات، جعل من الوحيشي الرجل الثاني في التنظيم عموماً، وأصبح بذلك المخطط الرئيس للهجمات ضد الغرب. على الرغم من أن للظواهري منصب الزعامة في التنظيم، لكن الوحيشي هو المسؤول عن الأحداث الميدانية، كما يقول ماير.
وبحسب معلومات المتحدث في الشؤون الخارجية باسم حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في ألمانيا، فيليب ميسفيلدر، فإن الخبراء يرون أنه نشأ داخل تنظيم القاعدة نوع من الصراع على السلطة يتعلق بمن يستطيع أن ينفذ هجوماً كبيراً على الغرب. ويتوقع الخبراء أن يكون ذلك في الأسابيع القادمة ربما، فالذكرى السنوية الأولى للهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، والذي قُتل فيه الدبلوماسي كريس ستيفنز، بات قريباً. كما أن الذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 ليست بعيدة.
لذلك نشب في الولايات المتحدة جدل حاد، فيما إذا كان من الضروري حماية السفارات الأمريكية في الخارج بقوات عسكرية أمريكية. فيليب ميسفيلدر لا يرى في ذلك فكرة حسنة، ويضيف بالقول: "من الممكن أن يكون تواجد الجنود للحماية هدفاً"، مضيفاً أن حماية السفارات يجب أن تؤخذ على محمل الجدية، لكن تحصين السفارات سوف لن يجيد نفعاً".