النص الكامل لمقابلة موقعنا مع مدير معهد حقوق الإنسان هاينر بيليفيلدت
٢٤ يونيو ٢٠٠٧دويتشه فيله: المجلس التنسيقي للمسلمين طالب بالمساواة في المعاملة بين الإسلام والمسيحية في ألمانيا، بما في ذلك الحصول على اعتراف رسمي بالإسلام من قبل الدولة الألمانية. ماذا يعني ذلك؟
بيليفالت: الاعتراف الرسمي بدين معين في ألمانيا مرتبط بامتيازات معينة من بينها إمكانية الحصول على مساعدات مالية هامة، على شكل ضريبة تقوم الدولة بتحويلها إلى المؤسسات الدينية المعنية، مثل ضريبة الكنيسة التي تفرضها الدولة على أتباع الكنيسة. كما أنه من الممكن أن يكون للهيئة الدينة المعترف بها عددا معين من المقاعد داخل اللجان الخاصة بوسائل الإعلام العامة التابعة للدولة. بيد أنه يجب الإشارة أن هذه الهيئة الدينية لها استقلاليتها عن الدولة.
الكاردينال ليمان رفض مساواة الإسلام بالمسيحية في ألمانيا، بدعوى أن المسيحية قد لعبت دورا كبيرا في تشكيل التاريخ والثقافة الأوروبية. كيف يمكن تفسير هذا الموقف الرافض؟
حق حرية المعتقد يضمن للجميع التساوي في الحقوق الدينية وهذا يعني أنه يتعين احترام الدين الذي يؤمن به الإنسان. وهذا الحق ينطبق طبعا على المجموعات والأفراد. ومن هنا، لا أرى أنه هناك مبررات منطقية لعدم مساواة الإسلام بالمسيحية.
من جهة أخرى، حدد الدستور شروطا معينة إذا أوفى بها دين معين، يمكن للدولة أن تعترف به رسميا. هذه الشروط هي أولا، التواجد المتواصل لهذا الدين وأتباعه داخل المجتمع وهو ما ينطبق على الجمعيات المسلمة المتواجدة في ألمانيا منذ فترة طويلة.
ثانيا يجب أن يتوافق الدين كليا مع المبادئ الدستورية في ألمانيا. مع العلم أن النقاشات مازالت تحوم حول هذا الموضوع فيما يخص توافق الدين الإسلامي مع المبادئ الدستورية الألمانية.
إذا كان الدستور الألماني يضمن حرية المعتقد لكل شخص في ألمانيا على حد سواء، إذن لماذا يرفض مثلا الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي بوفالا إعطاء الإسلام نفس مكانة المسيحية؟
أعتقد أنه يتعين على بوفالا أن يجد مبررات مقنعة ولا يكفي أن يقول إن المسيحية قريبة من الثقافة الألمانية وإنها أثرت على مجتمعنا وثقافتنا. طبعا أنا لا أنفي أن الإسلام كواقع ملموس يعتبر ظاهرة جديدة وناشئة في المجتمع الألماني، غير أن حرية المعتقد ليست حقا يقتصر على المسيحية فحسب، باعتبارها الدين الأقدم والأكثر تأثيرا ثقافيا على المجتمع الألماني. وبالتالي أعتقد أنه حينما يتعلق الأمر بحرية المعتقد فليست هناك أفضلية لدين على آخر من منطلق الانتشار الواسع أو من منطلق عدد الأتباع أو حتى الأقدمية.
البعض يقول إن المسيحية تعتبر بمثابة القاعدة بالنسبة للثقافة وكذلك للقوانين الغربية. هل يشكل ذلك عائقا أمام الإسلام وأمام مساواته بالديانات المعترف بها رسميا في ألمانيا؟
من الناحية الشرعية، أرى أن ذلك لا يعتبر عائقا أمام الإسلام من أجل الحصول على نفس الحقوق القانونية والاعتراف الرسمي به على غرار المسيحية. طبعا، أنا لا أريد مناقشة أهمية الإسلام اجتماعيا، ولكني أريد أن أؤكد حق الإنسان في حرية المعتقد والقول إنه حقا مضمونا من الناحية الدستورية، وذلك بعيدا عن جميع ضروب التمييز العنصري. وهذا الحق لا يقتصر على الأفراد فقط، بل ينطبق على الجماعات، أي على أتباع دين أو عقيدة معينة. وأعتقد أنه على المدى البعيد لا يمكن أن يُفهم الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بأي دين على أنه امتياز. وبالتالي من الضروري أن تتمتع الديانات الجديدة التي أوفت بالشروط المذكورة سابقا بنفس الحقوق التي تتمتع بها المسيحية. على أي حال، أرى أن ألمانيا أو أوروبا ليستا بناد للمسيحيين، وعليه فلا يجوز تفضيل دين معين على آخر من منطلق التأثير الثقافي الكبير أو من منطلق الغالبية العددية.
ينتقد البعض الدستور الألماني على أنه دستور يفضل المسيحية. هل هذا الأمر صحيح؟
أرى أن هذا الانتقاد خاطئ. ربما يفسر البعض على أن عددا من المواد الدستورية مستمدة من الدين المسيحي مثل المادة التي تنص على احترام كرامة الإنسان، لكن صياغة هذه المواد الدستورية تعتبر مفتوحة ولم تتم صياغتها على مقاس المسيحية. وأعتقد أن المسلمين أو كذلك أولاك الذين لا يؤمنون بأي دين معين يمكنهم الاعتراف بالمبادئ الأساسية في الدستور الألماني وهي احترام كرامة الإنسان واحترام حقوق الإنسان وغيرها من الحقوق التي لا تستمد شرعيتها من أي دين معين وإنما هي قوانين وضعية تنطبق على كل الأفراد الذين يعيشون في ألمانيا بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية والثقافية.
هل تعتقد شخصيا بإمكانية مساواة الإسلام بالمسيحية في ألمانيا؟
أعتقد أنه ليس هناك خيار آخر سوى الاعتراف بالإسلام رسميا من قبل الدولة الألمانية. ربما يستدعي الأمر مناقشة بعض النقاط بصفة مكثفة، خاصة النقاط المتعلقة بمدى التوافق بين الإسلام والمبادئ الدستورية الألمانية. ولكن هناك عدد لا بأس به من المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا منذ فترة طويلة. علاوة على أن الإسلام في ألمانيا له طابع تعددي، إذ أن هناك عدة تيارات داخل الإسلام، والدولة ملزمة بأخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار.