المؤسسة الألمانية للتنمية: ربع قرن من العمل التنموي في اليمن

كواحدة من أوائل المؤسسات التنموية الأوروبية الرائدة في مجال التعاون الفني النوعي مع الدول النامية، تعتبر المؤسسة الألمانية للتنمية (DED) من أهم المؤسسات الألمانية التي تنشط في اليمن منذ زمن بعيد في مجال تقديم الدعم التنموي في مختلف المجالات. إذ يبلغ عمر نشاط هذه المؤسسة في هذا البلد النامي ربع قرن من الزمن. وبمناسبة اليوبيل الفضي لنشاط مؤسسة دي إي دي أقيمت يوم الثلاثاء الماضي (14.3.2006) إحتفالية في العاصمة اليمنية صنعاء للتعريف بدور المؤسسة، استعرض خلالها مديرها العام، الدكتور يورجن فيلهيلم، طبيعة الأنشطة والمشاريع التي قامت وتقوم بها مؤسسته في اليمن.

فيما تطرق الدكتور شتيفان بوخفالد، القائم بأعمال السفارة الألمانية في اليمن إلى تطور العلاقات اليمنية الألمانية التي تعود الى عام 1969 وأهم جوانب التعاون والشراكة بين البلدين. من جانبه أشاد وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، هشام شرف بالدعم الألماني لليمن في مختلف الأصعدة. وفي وقت لاحق ثمن الرئيس اليمني، عند إستقباله لمدير مؤسسة دي إي دي، دور المؤسسة بصفة خاصة وألمانيا بصفة عامة في دعم مشاريع التنمية في اليمن.

أنشطة المؤسسة الألمانية للتنمية في اليمن

تتمثل أنشطة مؤسسة دي إي دي في اليمن في القيام بعدة مشاريع موزعة جغرافيا في مناطق مختلفة، ونوعياً على قطاعات ومؤسسات عدة. وهي تتركز بصفة أساسية في دعم التعليم الفني والتدريب المهني وتعليم الفتيات، ومشاريع مياه الشرب والصرف الصحي والبيئة والخدمات الصحية الأساسية، المحافظة على المدن التاريخية والتنمية الحضرية وكذا دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. أما الأهداف المرجوة فتتمثل في المساعدة على تخفيف الفقر، والإصلاح الإقتصادي والتنمية المستدامة ثم دعم مشاركة المجتمع في التنمية السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال تعزيز دور المجتمع المدني، تحقيق المساواة بين الجنسين ودعم اللامركزية. وتعتزم دي إي دي، حسب تصريح مديرها العام، التركيز في الفترة القادمة بصفة أساسية على ثلاثة مجالات هي التنمية المستدامة، تطوير الخدمات الصحية وبالذات صحة الأم والطفل، ثم قطاع المياة والصرف الصحي.

شراكة ألمانية – يمنية لبلوغ أهداف الألفية

بصفة عامة تنصب انشطة دي إي دي – وكذلك هو الحال بالنسبة للمؤسسات الألمانية الأخرى العاملة في اليمن - في المجالات الإقتصادية والتنموية التي من شانها تأهيل اليمن لبلوغ أهداف الألفية إنطلاقا من إستراتيجية الشراكة بين اليمن وألمانيا. الجدير بالذكر هنا أن المانيا تمثل أكبر دولة مانحة لليمن، كما تم إختيار اليمن ضمن 40 دولة كشريك للتعاون التنموي الألماني وكواحدة من أربعة بلدان إسترشادية لبرنامج العمل الألماني لتقليص الفقر الى النصف بحلول عام 2015.

لكن القائم باعمال السفارة الألمانية في اليمن، الدكتور بوخفالد، أعرب عن شكوكه في قدرة اليمن على الوفاءبأهداف الألفية بحلول العام 2015، مشيراً في كلمة القاها في الحفل، إلى عدم حدوث تقدم ملموس في إتجاه الديمقراطية والإصلاح الأقتصادي. ومع ذلك أكد الدبلوماسي الألماني إستعداد بلاده لمواصلة دعم اليمن. واشار بوخفالد، في مقابلة مع موقعنا، الى وجود بعض المرونة والنسبية في تطبيق تلك المعايير مبرراً ذلك بانه "لايوجد كتالوج جاهز ودقيق" لإختبار مدى الإلتزام بها بحيث "نستطيع الجزم بأن 77% مثلا يعد إلتزاماً وماهو أدنى ليس كذلكً". وأضاف المسئول الألماني بأن السؤال الأهم في هذا المضمار هو أين تكمن مصلحة الشعب اليمني؟ وهل سيكون الوضع أفضل بحجب المساعدات أم أسوأ؟".

أما مدير عام مؤسسة دي إي دي لم يشأ، في مقابلة مع موقعنا، أن يقول بأن مسألة الديمقراطية في اليمن لاتعني مؤسسته، لكنه أعتبر أن هذا البلد حقق خطوات متقدمة على طريق الديمقراطية، مشيرا بصفة خاصة إلى الإنتخابات البرلمانية والرئاسية المنتظمة والتي تجري في ظل التعددية السياسية والمنافسة الحزبية، حسب تعبيره.

إلتزام دولي - شراكة محلية

تزاول المؤسسة الألمانية للتنمية أنشطتها من خلال الشراكة والتعاون مع المؤسسات المحلية والألمانية والدولية الأخرى العاملة في البلد المضيف، مما يعني أنها ليس لديها مشاريع خاصة تقوم بها من تلقاء نفسها، وإنما تستجيب لطلبات المؤسسات الشريكة. وهو مايعكسه شعارها " إلتزام دولي – شراكة محلية". وتتركز مهمتها بصفة أساسية في تزويد كوادر الدول النامية بالخبرات الفنية المؤهلة كما تساعد في تطوير التخصصات الفنية المحلية. أضف الى ذلك دعم المنظمات المحلية والمبادرات الذاتية من خلال تقديم الإستشارات وكذالك الدعم المالي للبرامج الصغيرة. وهناك هدف أخر تسعى المؤسسة الى بلوغه ويتمثل في العمل على الإرتقاء بمستوى فهم المجتمع الألماني للوضع الذي يعيشه سكان الدول النامية وكذلك لفت الإنتباه إلى المصالح المشتركة بين الدول والشعوب وتسليط الأضواء على مشاكل العالم الواحد. الجدير بالذكر ان دي إي دي، التي تتخذ من مدينة بون الألمانية مقراً لها، كانت قد تأسست عام 1963، وهي تنشط في حوالي 40 بلداً في قارات أسيا وأفريقيا وأمريكا اللتينية. ومنذ إنشائها وحتى اليوم كرست المؤسسة جهودها في سبيل تحسين الأوضاع المعيشية للسكان في البلدان النامية بما في ذلك اليمن التي عمل فيها خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية أكثر من ستمائة خبير ومتخصص بتكليف من المؤسسة، بلغت نسبة النساء حوالي 60% منهم، حسب مدير إحصائية المؤسسة، الذي اشار الى أن حوالي 30 متخصصاً يعملون حالياً لحساب دي إي دي في اليمن.

عبده جميل المخلافي – صنعاء