الصحافة الإلكترونية في تونس: فوضى إعلامية ومصداقية ضعيفة
٢١ ديسمبر ٢٠١٢شهدت مواقع الصحافة الإلكترونية التونسية تزايدا كبيرا في أعدادها بعد سقوط نظام زيد العابدين بن علي. غير أن هذا التزايد يرافقه الكثير من الإشكاليات القانونية والمهنية المتعلقة بهذه الصحافة، لاسيما في بلد كانت منظمات حقوقية عديدة تصنفه ضمن قائمة أعداء الانترنت نظرا لتشديد نظام بن علي الرقابة على الإعلام بمختلف مجالاته.
وحسب المعطيات المتوفرة فإن عدد الصحف الالكترونية تطور أثناء ثورة 14 يناير/ جانفي وبعدها مباشرة بشكل ملحوظ نظرا لتسارع الأحداث في تلك الفترة وتحرر الإعلام من القيود التي كانت مفروضة عليه.وهذا ما أكدت عليه الهيئة العليا لإصلاح الإعلام والاتصال في تقريرها الصادر في أبريل 2012، لكن الهيئة أشارت في التقرير إلى صعوبة جرد الصحف الالكترونية بعد الثورة نظرا لعدم التصريح بها وإيداعها في السجل القانوني. ويبدو التطور الكمي والكيفي للصحافة الإلكترونية واضحا للعيان، إذ لم تعد مقتصرة كما كان عليه الحال قبل الثورة على نسخ الكترونية للصحف الورقية أو مواقع تابعة لمحطات التلفزيون والإذاعة. فالمتابع لهذه الصحافة سيتعرف اليوم على مواقع جديدة بمحتويات ووسائط متعددة وغير مرتبطة بصحف أو محطات تلفزيونية أو إذاعية.
"فراغ قانوني يعمّق فوضى الصحافة الالكترونية التونسية"
يشتكي قطاع الصحافة الإلكترونية في تونس من "فراغ قانوني" مستمر منذ عهد بن علي. وهو الأمر الذي يؤكد عليه محمد حمدان، أستاذ قانون الصحافة بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار في لقاء مع DW. ويرى عدد من المتخصصين في الإعلام أن الفراغ القانوني أدى إلى تنامي الفوضى في القطاع وعدم الفصل بين الصحافة الالكترونية والمواقع الالكترونية الأخرى من مدونات وغيرها. ويزيد من تعقيد الأمور عدم وضع شروط تقنن الممارسة الإعلامية وتضبط الجنح والجرائم المتصلة بالنشر الإلكتروني. وفي سياق متصل أفاد تقرير الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال بأن غياب القانون المنظم ساهم في اختلاط المفاهيم والحدود بين مختلف أشكال النشر الإلكتروني. وذكر التقرير على سبيل ألمثال أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيف كل ما ينشر على الانترنت ضمن الصحافة الالكترونية إذ يختلف مفهوم الجريدة الالكترونية عن مفهوم المدونة أو المواقع الشخصية أو التابعة للمؤسسات. ويعتبر معيار المحتوى، كما جاء في تقرير الهيئة حاسما في التمييز بين هذه الأنواع بحيث يكون الهدف الرئيسي للصحيفة هو نقل الأخبار ونشرها بصفة دورية.
"مطلوب تأهيل الصحفيين لمواجهة مشكلة ضعف المهنية"
ويرى نوري اللجمي أستاذ أخلاقيات المهنة الصحفية في معهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس بأن " الهوس بالصحافة الالكترونية بعد الثورة لم يكن ناتج عن معرفة جيدة بالجوانب المهنية لهذه الوسيلة الإعلامية، بل عن سهولة النشر على الانترنت وسهولة الانتشار عبرها، إضافة إلى انخفاض تكاليف إقامة المواقع عليها"، وأضاف اللجمي في حوار مع DWعربية، بأن الكثير من المواقع "تكتفي بقص ولصق المعلومات المتداولة دون احترام قواعد الكتابة الصحفية وخصوصياتها على الانترنت". كما أن بعض الصحف الالكترونية لا تحترم أخلاقيات المهنة المتمثلة في المصداقية والشفافية في نشر الأخبار.
وأشار الخبير في الحوار بأن ضعف المهنية في العمل الصحفي أبرز التحديات التي تواجه الصحف الالكترونية. وعليه لا بد من عدة خطوات لتجاوز هذا الضعف، ومن أهمها حسب اللجمي تنظيم دورات تدريبية للصحفيين بشكل دوري بهدف تحسين خبراتهم المهنية وصقلها بما ذلك تعريفهم بأخلاقيات العمل الصحفي وضرورة احترامه بهدف تحسين مستوى الصحافة الإلكترونية المزدهرة في تونس هذه الأيام