السلطات الدينية في دول إسلامية: "صلوا في منازلكم"
٢٢ مارس ٢٠٢٠فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) منع صلاة الجمعة لأول مرة في الذاكرة الحية في كثير من المساجد من إندونيسيا إلى المغرب، لكن بعض المسلمين تحدوا النصائح في بعض المناطق وتجمعوا للصلاة.
ومع انتشار الوباء، علقت بعض الحكومات صلاة الجماعة أو أغلقت المساجد بالكامل، تاركة كثيرين من المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار في العالم يصلون في المنازل أو في أماكن العمل أو في الحدائق العامة أو حتى في الشوارع.
وفي بعض الدول ارتفعت أصوات من بعض رجال الدين حذروا من غضب إلهي بعد إغلاق دور العبادة في منطقة الشرق الأوسط التي تلعب فيها الديانة دورا محوريا في الحياة اليومية للسكان، لكنها لم تلق الكثير من الآذان الصاغية.
وأخذ المؤذنون علما بقرار السلطات إغلاق المساجد في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحولت دعواتهم من "حي على الصلاة" إلى "صلوا في منازلكم".
في إيران إحدى البؤر الرئيسية لتفشي الوباء، عاد النقاش بين العلم والدين إلى الواجهة. وقال الأستاذ الجامعي والفقيه محسن ألفيري من مدينة قم "يعطي البعض الأولوية للطقوس الدينية التي يضعونها قبل كل شيء حتى العلوم الطبية"، بينما يرى آخرون أنه "يجوز تعليق الصلوات المفروضة (في المساجد) لإنقاذ أرواح". وتدخل آية الله علي خامنئي أكثر من مرة لدعم الطاقم الطبي والقرارات التي اتخذتها الحكومة.
وفي المسجد الحرام بمكة المكرمة، كان صحن الكعبة الذي يعج عادة بالمصلين خاليا يلفه الصمت. وستبقى صورة صحن الكعبة الخالي عالقة في الأذهان بعد انتهاء أزمة كوفيد-19، بعد أن أوقفت المملكة العربية السعودية في خطوة غير مسبوقة، مناسك العمرة.
وفي مسجد الراجحي الضخم بالرياض، كان الإمام والمؤذن، وغيرهما من الموظفين فقط يصلون بالداخل بدلاً من الألوف الذين كانوا يحتشدون عادة للصلاة. وكتب أحد مستخدمي تويتر بحسرة إلى جانب رمز تعبيري لقلب مكسور "أقفلوا كل المساجد في السعودية". وأضاف "المساجد هي المكان الوحيد الذي يمكنني فيه قراءة القرآن وإيجاد السلام الداخلي"
وفي لبنان حيث تتعايش 18 طائفة، دعم الزعماء الروحيون إعلان "حالة التعبئة الصحية" وتدابير العزل. وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أنه يمكن الانتصار على الفيروس إذا تحمل كل فرد مسؤوليته، مشددا على أن احترام تعليمات السلطات الصحية واجب ديني.
واعتبر المسؤول في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية الشيخ ماجد صقر نقل العدوى إلى الآخرين "إثما"، مشيرا الى أن الإسلام يحث على النظافة.
وغداة مشاركة أعداد كبيرة من المصلين في صلاة الجمعة رغم تسجيل حالات كوفيد-19 يوميا، أعلنت السلطات الدينية في مصر إغلاق جميع المساجد والكنائس اعتبارا من السبت ولمدة أسبوعين سعيا لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
أبواب مساجد موصدة
وأغلقت المساجد أبوابها من المسجد الأزرق في إسطنبول، بمآذنه المميزة وقبابه المرصوصة جنبا إلى جنب، إلى قبة الصخرة في القدس بسقفها الذهبي، وصولا إلى مسجد الحسن الثاني الضخم في الدار البيضاء بالمئذنة المربعة ذات الزخارف.
وفي تونس حيث يصلي المؤمنون أحيانا أمام الأبواب الموصدة للمساجد، أجهش مؤذنون بالبكاء لدى إعلان ذلك، بحسب مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي غياب خطبة الجمعة، ستبث قريبا على التلفزيون والإذاعة في تونس برامج يسجلها أئمة لتوضيح السلوك الواجب اعتماده كمسلم والتذكير بأهمية الصلاة في المنازل وإعطاء الأولوية للصحة.
وفي الجزائر كتب الداعية شمس الدين الجزائري على فيسبوك "أخشى أن يكون الله ابتلانا بهذا الفيروس حتى نرجع الى الله ثم يرى النتيجة أننا أغلقنا بيوت الله فيغضب الله جل جلاله فيسلّط علينا فيروسا أخطر منه".
تحدي كورونا وإقامة الصلوات في بلدان إسلامية
وفي أماكن أخرى، توافد المسلمون على المساجد من القاهرة إلى مقديشو، مهما كانت المخاطر. ففي المغرب ذكرت وسائل إعلام اليوم الأحد (22 مارس/ آذار 2020) أن بعض المواطنين أدوا الصلاة في الشوارع خلال الليل، رغم تدابير العزل المفروضة. ونشرت صورا لذلك. وإن دعمت معظم المرجعيات الدينية تدابير السلطات، لكن تعالت أصوات لرفضها.
واتهم الداعية المغربي أبو النعيم السلطات "بالكفر"، معتبرا أن البلد الذي تُغلق فيه المساجد، هو "بلد مرتد عن دين الإسلام". وتم توقيفه بتهمة "الإرهاب".
وقال الشيخ عبدي حي في مقديشو في خطبته بينما كان الناس يصلون في الشارع غير قادرين على الانضمام للحشد بالداخل "لا أطلب منكم عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية، لكن هناك الكثير من المبالغة فيما يتعلق بفيروس كورونا".
وصلى كثير من المسلمين في العاصمة الإندونيسية جاكرتا في المنازل، وعلقت الصلاة في مسجد الاستقلال، أكبر المساجد بجنوب شرق آسيا. واستند إمامه نصر الدين عمر إلى فتوى من مجلس علماء الدين في البلاد. وقال عمر في مؤتمر صحفي "هناك مبرر كاف لتجنب مثل هذه التجمعات الدينية".
لكن في أماكن أخرى بأكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان تجاهل الناس خطر الإصابة بفيروس كورونا وتوافدوا على المساجد. وقال أسوين جوسار (76 عاما) في بلدة ديبوك جنوبي جاكرتا في الوقت الذي كان يستعد فيه لحضور صلاة الجمعة كالمعتاد على الرغم من دعوة رئيس البلدية إلى تعليق الأنشطة الدينية "الله يحفظ من يحافظون على فرائضهم".
م.أ.م/ ص.ش (رويترز/ أ ف ب)