الرسوم الجامعية المحتملة وتأثيرها على الطلاب الاجانب في ألمانيا
تعد نفقات الدراسة في الجامعات الألمانية منخفضة إذا ما قورنت بمثيلاتها في دول أوروبية أخرى كفرنسا وبريطانيا، مما شكل عامل جذب أساسي للطلبة الأجانب. ولكن القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا الأسبوع الماضي قد يشكل نقطة تحول تاريخية في نظام التعليم الألماني وفلسفة التعليم العالي الألماني بشكل عام. وينص هذا القرار على مشروعية قيام الولايات الألمانية بفرض رسوم جامعية. وقد جاء قرار المحكمة مناقضا ولاغيا لقرار الحكومة الألمانية الاتحادية الصادر في 2002 والذي تضمن عدم مشروعية قيام الولايات الالمانية بفرض رسوم في الجامعات الألمانية. إلا أن بعض الولايات احتجت على قرار الحكومة، على اعتبار أن شؤون التعليم هي دستوريا من اختصاص الولايات وليس الحكومة الاتحادية. وبناء عليه قدمت الولايات الألمانية الداعمة لفكرة فرض رسوم جامعية شكوى لدى المحكمة الدستورية العليا مطالبة إياها بالبت بمشروعية قرار الحكومة الاتحادية الصادر عام 2002. وقد جاء قرار المحكمة في صالح الولايات، الامر الذي يمهد الطريق أمام امكانية قيام الولايات بفرض رسوم جامعية في الفصول القادمة. وتشتكي الولايات الراغبة في فرض مثل هذه الرسوم من ارتفاع نفقات التعليم في ميزانيتها، وترى أن فرض رسوم دراسية سيساعدها على تفادي انخفاض مستوى الجامعات لديها وبالتالي تحسين مستوى الخدمات والدعم المقدم للطلبة بشكل عام.
المؤسسة الألمانية للتبادل الأكاديمي (DAAD)
المؤسسة الألمانية للتبادل الأكاديمي DAAD هي جهة رسمية تقوم بتقديم المنح الدراسية للطلبة الأجانب وترعى عملية التبادل الطلابي بين ألمانيا ودول أخرى. سألنا المتحدثة الصحفية للمؤسسة عن تقييم المؤسسة لقرار المحكمة الجديد وتداعياته على الطلبة بشكل عام والاجانب منهم بشكل خاص فقالت إنها لا تستطيع في الوقت الحالي التحدث عن تأثير ملموس لقرار المحكمة الدستورية العليا على الطلبة الأجانب. فقرار المحكمة يبيح فرض رسوم دراسية فقط لكنه لا يوجبه، تاركاً لكل ولاية على حدة حق اتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن، وحتى الآن لا يوجد قرار رسمي من أحدى الولايات بفرض رسوم دراسية.
في هذا السياق صرح كرستيان بوده الأمين العام للمؤسسة الألمانية للتبادل الأكاديمي في مقابلة أجراها معه موقع مجلة "دير شبيغل" على الإنترنت، بأن فرض رسوم دراسية لن يؤثر على تنوع الطلاب في الجامعات الألمانية بشرط مراعاة الظروف التي تعيشها الدول النامية، فمثلاً لن تستطيع عائلة مصرية أو كورية دفع مبلغ 1000 يورو في الفصل الدراسي لتدريس أبناءها في ألمانيا. وشدد على أن المؤسسة ستستمر في دعمها للطلبة المتفوقين على شكل منح دراسية أو اعفاءات من دفع الرسوم الدراسية المحتملة. وفي معرض رده على سؤال حول أهمية دعم ألمانيا للطلبة الأجانب أجاب: "لا يمكن التقليل من المعنى السياسي والاقتصادي لنمو نخبة أكاديمية على مستوى العالم تعرف الألمانية وتكن بعض التقدير لها. ولا ننسى أننا نعاني أنفسنا من قصور في بعض التخصصات على مستوى الدراسات العليا والدكتوراة".
صعوبة التعميم
وقد بدأ قرار المحكمة الدستورية يثير موجة من التساؤلات حول وضع الطلبة الأجانب في ألمانيا. وللإطلاع على كيفية تعامل الجامعات مع هذا القرار التقت دويتشه فيلله بالمسؤولة عن قسم العلاقات الدولية في جامعة بون السيدة ايفا بيتزج فروليش للتعرف على تقييمها للقرار فأشارت في بداية حديثها إلى أنها تستلم يومياً مايقرب من 100 رسالة الكترونية تستفسر عن تأثيرات القرار الجديد على قطاع الطلبة. ثم أوضحت أنه من الصعوبة بمكان تحديد تبعات قرار المحكمة الدستورية العليا على الطالب الأجنبي، والسبب أن قرار المحكمة سمح لكل ولاية بأن تتخذ قرارها بنفسها، لذلك تنصح السيدة فروليش أن يستفسر الطالب مباشرةً من الجامعة التي ينوي الدراسة فيها. ويمكن للطالب زيارة موقع الجامعة على الإنترنت حيث سيجد معلومات وافية بالتأكيد حول هذا الموضوع، إضافةً إلى إمكانية إرسال رسالة استفسار اليكترونية. أما أهم الولايات الداعمة لفكرة فرض رسوم جامعية فهي بافاريا وهامبورغ وبادن ـ فورتمبيرغ. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن موقعنا يقدم معلومات مستفيضة عن الجامعات الألمانية وطبيعة التخصصات التي تقدمها تحت باب "الدراسة في ألمانيا".
تنظيم عمل الطلبة
في حالة فرض رسوم دراسية على الطلبة سيعني ذلك للطالب الأجنبي صعوبة مواصلة الدراسة دون الحصول إما على منحة دراسية أو على عمل جانبي يساعده في دفع تكاليف الدراسة. قانون إقامة الأجانب يسمح للطالب الأجنبي بالعمل، لكنه يحدد المدة المسموح له بالعمل فيها، ففي حالة العمل في وظيفة في الجامعة يستطيع الطالب العمل بمعدل 20 ساعة أسبوعياً، اما في حالة العمل خارج الجامعة فيستطيع الطالب أن يعمل تسعة أيام شهرياً كحد أقصى بمعدل 8 ساعات يومياً، أو 18 يوماً بمعدل 4 ساعات يومياً.
نينو ميشريشفيلي طالبة من جورجيا تدرس في جامعة بون تقول أن فرض رسوم دراسية سيثبط من عزيمة الطلبة الأجانب للدراسة في ألمانيا. وأضافت قائلة: "دفع رسوم دراسية هو أمر غير متخيل بالنسبة للطالب الأجنبي، خاصة للطلاب القادمين من بلاد شرقية. بالنسبة لي فإني أتلقى دعماً من بعض الألمان لذلك فسأتمكن من دفع المصاريف، لكن هناك أيضاً الطلبة محدودو الدخل الذين لا يدعمهم أحد. لذلك أعتقد أن الكثير من الطلبة الأجانب سيفكر جدياً في الرحيل في حالة فرض رسوم دراسية مرتفعة".
هيثم الورداني