1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجنود الألمان يشتكون من قلة الرعاية النفسية خلال المهمات الخارجية

٢٨ مايو ٢٠١٠

يزداد عدد الجنود الألمان الذين يصابون بصدمات نفسية خلال المهمات العسكرية التي يقومون بها في الخارج، وكثير من المصابين بهذه الصدمات كانوا في أفغانستان ومن بينهم أيضا جنود مسلمون. فهل يحصلون على الرعاية النفسية اللازمة؟

https://p.dw.com/p/Na5S
الجنود الألمان في أفغانستان بين المخاوف من الهجمات العسكرية وقلة الرعاية النفسيةصورة من: picture alliance / dpa

يكشف التقرير السنوي للمفوض بشؤون الجنود أن 487 جنديا عولجوا في السنة الماضية من صدمات نفسية أصيبوا بها خلال مهمات عسكرية خارجية، نتيجة الضغط الناجم عن عدم المقدرة على تحمل الأعباء التي واجهتهم. ويبين التقرير أن عدد المرضى تضاعف بالمقارنة مع مثيله عام 2008 . وكان نحو تسعين بالمائة من هؤلاء الجنود المصابين يعملون تحت لواء قوة الحماية الدولية إيساف في أفغانستان. وعلى الرغم من الإشارة إلى أن ازدياد عدد المرضى نابع عن ازدياد عدد الجنود العاملين هناك، فإن بعض المراقبين يوجهون النقد إلى عدم توفر الرعاية النفسية الكافية للجنود الألمان. ففي أفغانستان يواجهون أقسى الظروف. ويشاهدون الجرحى والقتلى من الكبار والأطفال، وتنتشر روائح الجثث، يضاف إلى ذلك ألم الفراق عن العائلة والأصدقاء، والتوتر الدائم من احتمال التورط في عمليات قتالية.

ومن بين هؤلاء الجنود من ينحدر أصلاً من أفغانستان، مثل طارق الحكيم الذي ولد في كابول وهاجر وعمره سبع سنوات مع والديه عبر الباكستان إلى ألمانيا. وانخرط طارق فيما بعد في صفوف الجيش الألماني، وترقى في هذه الأثناء إلى رتبة نقيب. وكان في عام 2002 يعمل في كابول تحت لواء القوة المتعددة الجنسيات. وعندما يتحدث طارق الحكيم عن تجاربه خلال المهمات العسكرية الخارجية يقول: " يعيش الإنسان الموت والجراح خاصة في أفغانستان".

طبيب نفساني واحد لمعالجة 4500 جندي

Auslandseinsätze der Bundeswehr Bundeswehr-Sanitätsdienst
الصدمات النفسية للجنود الألمان تنعكس كذلك سلبا على طريق حياتهم بعد عودتهم إلى البلادصورة من: picture-alliance/dpa

وهناك عدد كبير آخر من المهمات العسكرية الخارجية التي تقل فيها العمليات القتالية وحيث يتم التركيز على الدعم والمشورة والإعمار، وفي هذه الحالات كما يقول طارق " يعاني الجنود بشكل أساسي من البعد عن العائلة والأصدقاء." ومن أجل التخفيف من معاناة الجنود في المهمات العسكرية الخارجية يضع الجيش قساوسة عسكريين وأطباء نفسيين في خدمة الجنود. لكن لا يوجد حالياً سوى طبيب نفسي واحد لمعالجة 4500 جندي في أفغانستان، هذا على الرغم من الأهمية الكبيرة للرعاية النفسية للجنود خلال المهمات العسكرية الخارجية، كما يقول العقيد أولريش كيرش رئيس رابطة الجنود الألمان.

ويشير كيرش إلى أن الجنود الذين يلاحظون أن شيئا ما قد تغير لديهم يفضلون في البداية التوجه إلى القسيس لا إلى الطبيب النفساني، ويشرح الدافع كالتالي:"استشارة القسيس لا تثير الشبهات، وتعتبر مجرد لقاء مع القسيس لتناول قدح من القهوة معه." لكن عندما تقوى أعراض الصدمة النفسية يجد الجندي المصاب بها أن التوجه إلى الطبيب النفسي أصبح أمرا لابد منه كما يضيف كيرش.

للإمام دور مهم في مواساة الجنود المسلمين

Symbolbild Bundeswehr Islam Muslime
وجود إمام مسلم يساعد الجنود الألمان المسلمين على التعامل مع مخاوفهم وهواجسهم بطريقة سليمةصورة من: DW/picture-alliance/dpa

في الجيش الألماني يهتم قساوسة كاثوليك وبروتستانت بمشاكل الجنود أياً كانت ديانتهم، لكن في الدول الأوروبية الجارة، مثل النمسا وهولندا، فقد تم الاستعداد بشكل أفضل لهذه الحالات التي نشأت عن التحول الديموغرافي، ففي النمسا تم في عام 2008 تعيين إمامين عسكريين، وفي الجيش الهولندي التحق في السنة الماضية إمامان بالخدمة العسكرية، وعلاوة على ذلك يوجد لدى الجيش الهولندي مراكز استشارة لأتباع الأديان الأخرى، كما يقول القس نوربرت بيري:"في هولندا توجد رعاية روحية للكاثوليك، وأخرى للبروتستنانت وواحدة لليهود."

ويمكن للأئمة العسكريين أن يلعبوا دورا مهما في المستقبل، لاسيما وأن الجنود المسلمين معرضون إلى صراع نفسي عندما يعملون في مهمات خارجية، مثل تلك الموجودة في أفغانستان. لكن النقيب طارق الحكيم يجد أنه يمكن التوفيق بين الواجب العسكري والدين ويقول: "أنا أرى أن القتال ليس موجهاً ضد أخوتي في العقيدة، لأنني أعتقد أن أولئك الذين ينتمون إلى القاعدة أو طالبان يستخدمون الإسلام لأغراض سياسية ويسيئون استخدامه. وهم يشنون حربا موجهة في الحقيقة بالدرجة الأولى ضد شعبهم بالذات."ويؤكد طارق أنه لا يقع في حيرة بين دينه الإسلام وبين عمله في صفوف الجيش، لا بل كما يضيف "أعتبر مهمتي العسكرية في أفغانستان مساهمة إيجابية."

"التغير يلاحظ في الحياة العائلية"

لكن الوضع يزداد تعقيداً وخطورة بالنسبة إلى الجنود الألمان العاملين في أفغانستان؛ فمن ناحية لم تعد نشاطات طالبان تقتصر على جنوب أفغانستان، وإنما امتدت إلى شمال البلاد وحيث تتمركز القوات الألمانية، ويزداد عدد الجنود الذين يعودون من هذه المهمة مصابين بصدمات نفسية .وكما تقول طبيبة النفس كريستيانة رايتس التي تتعاون بشكل وثيق مع مراكز الرعاية العائلية لا يلاحظ في البداية أي تغير على الجنود، لأن معظمهم قادر على السيطرة على نفسه، لكن التغير كما تضيف رايتس" يلاحظ في الحياة العائلية، فالرجال عندما يعودون إلى الوطن يكونون قد تغيروا كثيرا، ويتصرفون بشكل مغاير عمّا كانوا يفعلون قبل مغادرتهم."

ويوجد 31 مركزا للاستشارة العائلية لأفراد الجيش، وكما يقول أولريش كيرش "ليس لدينا مع الأسف سوى عدد قليل من أطباء النفس." وعلى الرغم من أهمية استشارة مراكز الرعاية النفسية خلال المهمات العسكرية الخارجة، يتورع كثير من الجنود عن طلب المساعدة وقت الحاجة، لأنهم لا يريدون أن يصمهم رفاقهم بالضعف. غير أن طارق حكيم لا يرى الأمر كذلك، إذ يقول:" أنا لا أتردد في طلب المساعدة في حال حاجتي إليها، وأنا أعتقد أنها على غاية من الأهمية سواء قام بها قساوسة يعملون في خدمة الجيش أم أطباء نفس". ونظراً إلى قلة عدد الجنود المسلمين نسبياً في الجيش الاتحادي لا يوجد لدى الجيش الألماني حتى الآن مخططات لتأمين الرعاية النفسية الضرورية لهم، هذا في الوقت الذي اتخذت فيه دول أوروبية جارة الاستعدادات اللازمة لرعاية الجنود المسلمين في صفوف جيوشها.

الكاتبة: أولريكة هومل/منى صالح

مراجعة: هشام العدم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد