الثمار المفقودة للربيع العربي في البحرين
٢٨ يونيو ٢٠١٢أسابيع بعد بداية الاحتجاجات في مملكة البحرين في ربيع 2011، وبالضبط في تموز/ يوليو، دعا العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق بخصوص الاتهامات التي وجهت للدولة وأجهزتها الأمنية بارتكاب تجاوزات في حق المتظاهرين خلال هذه الأحداث. هذا القرار الداعي إلى تشكيل هذه اللجنة الدولية، التي أٌسندت إليها أيضا مهمة تقديم توصيات بخصوص تدبير الصراع المدني، بدا وكأنه بداية عصر جديد في المملكة. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، ستقوم هذه اللجنة بتقديم نتائج عملها بنشرها لتقرير حمل عنوان "تقرير لجنة التحقيق المستقلة في البحرين".
هذا التقرير، اتهم وبكل وضوح الدولة بسوء استخدام السلطة، بعدما تحدث عن وفاة 13 شخص على يد قوات الأمن الحكومية، ووفاة خمسة آخرين جراء التعذيب. ولم يخل تقرير اللجنة في نهايته من بعض التوصيات التي نصت على وضع برامج تربوية في الجامعات من شأنها أن تعزز قيم التسامح الديني والسياسي. كما أوصت اللجنة أيضا بوضع برنامج للمصالحة الوطنية، لكي يكون بمثابة منبر للمواطنين الذين انتهكت حقوقهم بأي شكل من الأشكال.
خيبة أمل كبيرة
بيد أن القارئ لتقرير مركز البحرين لحقوق الإنسان الصادر في يونيو/ حزيران الجاري، سيكتشف أن التوصيات ذات الطابع الديمقراطي، التي وضعتها لجنة التحقيق المستقلة تحت تصرف الحكومة البحرينية، لم تجد طريقها إلى التنفيذ. وهو ما ظهر جليا من خلال الأرقام المهولة الواردة في تقرير مركز البحرين لحقوق الإنسان. فبحسب التقرير، لقي أربعة أشخاص حتفهم منذ مارس/ آذار الماضي، فيما سٌجن 134 شخصا آخرين بشكل تعسفي. فضلا عن وجود خمسمائة معتقل رأي في سجون البلاد. هذا، وتحدث التقرير أيضا عن حالات التعذيب والتمييز بسبب الدين، وحالات الفصل عن العمل بسبب المواقف السياسية. إضافة إلى حرمان الطلبة المحسوبين عن المعارضة من فرص التعليم.
وتوضح مريم الخواجة، وهي من الوجوه النسائية القيادية في مركز البحرين لحقوق الإنسان، أن الآمال في تحسن الأوضاع في البلاد، بسبب احتضان البحرين لسباق الجائزة الكبرى للفورمولا واحد، قد تبددت. وتقول الخواجة إن "المسؤولين يقولون الآن: في كل الأحوال لا يحدث أي شيء، يعني يمكننا أن نفعل ما يحلو لنا ". وترى الخواجة التي حُكم على أبيها بالسجن مدى الحياة بدعوى تقديم الدعم لمنظمة إرهابية، ترى أن هذا الموقف غير المبالي للحكومة البحرينية يعد نتيجة غياب انتقادات المجتمع الدولي، الذي لا يضغط على سلطات المنامة.
سياسة الاحتفاظ بالسلطة
ومن جهته يعتبر جو ستورك، مدير منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في الشرق الأوسط أن "الوضع في البحرين قد تحسن بعض الشيء منذ صدور تقرير التحقيق الرسمي". لكنه يؤكد في نفس الوقت على أن الحكومة البحرينية لم تنفذ التوصيات التي وردت في نفس التقرير. كما يرى أن الغرض من التعامل الحازم مع الحقوقيين والمعارضين هو محاولة الأسرة الحاكمة الحفاظ على السلطة دون أي تنازلات.
وبحسب ستورك، فإن الحكومة البحرينية تستمد الدعم لمواقفها القمعية من المملكة العربية السعودية. وتجمع الأسرتين الحاكمتين في كلا البلدين علاقات طيبة ولهم نفس المصالح، فالسعودية باعتبارها ملكية مطلقة، يأمل حكامها أن تبقى البحرين هي الأخرى كذلك. وهذا هو السبب الذي دفع بالسعودية إلى إرسال قواتها إلى البحرين خلال انتفاضة ربيع 2011.
أمل ضعيف في تحسن الأوضاع
وتشكك مريم الخواجة في استعداد الحكومة البحرينية للقيام بإصلاحات لتحسين وضع حقوق الإنسان في هذا البلد الخليجي. وتتساءل كيف لحكومة تنفي كل الاتهامات الموجهة إليها أن تتراجع عن ممارساتها. ويذهب جو ستورك في نفس الاتجاه، ويرى أن السلطات البحرينية لا تجد أي حرج في إنكار ما نسب إليها من اتهامات، ويقول ستورك " هذه طريقتها في التعامل مع هذا المشكل".
ويعتقد ستورك أن وضع حقوق الإنسان في البحرين لا يمكن أن يتغير إلا بضغط من الخارج. ويراهن على الدور المؤثر لشركاء البحرين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية. لكن ستورك يعترف بأنه، وإلى حدود الساعة لم يحدث أي تقدم، وأن المحادثات لم تأت بجديد.
ويتوقع كثير من نشطاء حقوق الإنسان سواء داخل البحرين أو خارجها أن الصراع من أجل تحقيق الإصلاحات سيطول، ويعلقون كل آمالهم على قوى المجتمع الدولي لإصلاح الوضع. فرغم تحفظ هذه القوى في انتقاد الأوضاع في البحرين رغم مرور كثير من الوقت إلى حد الآن، إلا أن النشطاء يرون فيها الأمل الوحيد للقيام بالخطوات الحاسمة اللازمة.
(كارستين كنيب / عــادل الشروعــات)
مراجعة: حسن زنيند