التعليم في ألمانيا والبحث عن تكافئ الفرص
٢٢ مايو ٢٠١٢مانفريد برينتسل هو باحث في شؤون التعليم ومستشار للحكومة الاتحادية، ويعد أحيانا أيضا حاملا لأنباء غير سارة. حيث أعلن برينتسل في أوائل شهر مارس في لجنة التربية بالبرلمان الألماني وجود مشكلة كبيرة ترتبط بعدم وجود تكافئ للفرص في ألمانيا واعتبر أن" درجات التحفيز متفاوتة حسب الولاية التي يعيش فيها الطلاب"، وأن هوة " الاختلاف في النتائج الدراسية قد تتسع بين سنة وعدة سنوات ".
بعبارة أخرى، فقد لا يكون من صالح الطالب أن يكون قد درس مثلا في ولاية بريمن وولاية شليسفيغ هولشتاين وليس في ولايتي بافاريا أو سكسونيا مثلا. السبب في ذلك هو أن التعليم في ألمانيا الاتحادية يرتبط بالشأن السياسي في كل ولاية. فكل ولاية تنهج السياسة الخاصة بها في مجال التعليم، كما تراها مناسبة ومتوافقة مع قدراتها المادية. وبناء على ذلك تختلف شروط التسجيل بجامعة في ولاية بادن فيرتمبرج عن شروط التسجيل في ولاية برلين مثلا.
وبالإضافة إلى ذلك، تلعب المدرسة التي درس فيها التلميذ، دورا مهما في تكوينه إضافة إلى المحيط الإجتماعي الذي ينحدر منه. وهو ما أكدته دراسة "شانسن شبيغل" (مرآة الفرص) التابعة لمؤسسة برتلسمان. حيث وجدت الدراسة أن فرص النجاح بالنسبة لمن ترعرع في منطقة اجتماعية محرومة، أو في محيط غير متعلم، أو ينتمي إلى عائلة مهاجرة، أقل بكثير مقارنة مع من ينحدر من أسر أكاديمية. إنها نتيجة مؤسفة، تحمل بين طياتها صفات وإشارات سلبية كانت معروفة قبل عشر سنوات، وكان ينبغي التغلب عليها بعد الإصلاح التعليمي في ألمانيا.
صدمة دراسة بيزا
لفترة طويلة اعتبر النظام المدرسي الألماني كنظام قويم. فلم يكن موضع تساؤل عندما تم تقسيم المسار الدراسي الى تكوين مهني وإلى تعليم يشمل المدرسة الابتدائية والثانوية والثانوية العلمية. ثم جاءت أولى دراسات "بيزا" عام 2001 وهي الدراسة الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) التي انتقدت عددا من العناصر في النظام التعليمي الألماني.
وشكلت الدراسة صدمة لألمانيا في ذلك الوقت. الدراسة اعتبرت أن نظام المدارس الألمانية يركز بشكل مبالغ فيه على العلامات الدراسية في التقييم. وقد تم إجراء اختبار على طلبة في الخامسة عشرة من العمر في جميع المجالات الدراسية كالقراءة والرياضيات والعلوم الطبيعية. ووجدت الدراسة أن مستوى هؤلاء الطلاب كان أسوء من مستوى الطلبة في الدول الصناعية الكبرى الأخرى.
وكانت هناك نقطة مثيرة للقلق بشكل خاص، وهي أن الخلفية الاجتماعية في ألمانيا تشكل عاملا حاسما في تحديد النجاح أو عدم نجاح الطالب مقارنة بالدول الأخرى. كما اتضح أن المردودية الدراسية للتلاميذ المهاجرين ضعيفة. ويعني ذلك أنه لا يمكن الحديث عن تكافئ للفرص في ألمانيا. ومنذ ذلك الحين، تظافرت الجهود في كل الولايات لحل هذه المشاكل، وتحقيق هدف مشترك يتجلى في تحقيق نتائج أفضل في التعليم، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية للدارسين، وتمكين العديد من الشباب من دخول الجامعات والمعاهد العليا.
غابة التعليم
وفي خضم ذلك أصبح من الضروري القيام بمجهودات لتنمية الكفاءات وتشجيع المقدرات الذهنية، وأصبح قطاع التعليم موضوعا أساسيا ابتداء من روض الأطفال. ورغم بعض المقاومة الأولية تم إنشاء نظام مدراسي للدوام اليومي على خلاف نظام "دوام نصف اليوم" الذي كان سائدا من قبل. كما ظهرت شعب دراسية متعددة الاختصاصات، وذلك في محاولة لتعزيز المقدرات الفردية.
ورغم تلك الإصلاحات فلازال هناك الحاجة إلى موظفين مؤهلين والى تمويلات للمشاريع التعليمية المختلفة بهدف لمواكبة مبدأ التنافسية في نظام التعليم الألماني داخل الولايات والمدن والبلدات.
كل مؤسسة تحدد باستقلالية موادها الرئيسية وأولوياتها التربوية. ففي بعض المدارس يحتل الفن والموسيقى مكانة مقدمة، وفي مدراس أخرى تأخذ العلوم أو التكنولوجيا الصدارة في الأولويات، كما تقدم مدراس أخرى دروس اللغة الإضافية لأطفال المهاجرين إضافة إلى دروس اللغات الأجنبية مثل الروسية أو الصينية.
سيلكه بارتليك/ ريم نجمي
مراجعة: عبدالحي العلمي