البافاريون يتصدون لقانون يحظر التدخين في الحانات
٢٣ أبريل ٢٠٠٨كان الغرض من قانون مكافحة التدخين، الذي اعتمدته بافاريا مطلع العام أن يكون الأشد حزما في عموم ألمانيا، بيد أن وضعه موضع التنفيذ تمخض عن نتائج متناقضة، حيث تجاهلت الحانات - في أكبر الولايات الألمانية- القانون بإعادة توصيف نفسها كـ" نوادي للمدخنين". الأمر، الذي اعتبره المسؤول الإداري في حكومة ميونخ، فيلفريد بلومه بييرل، "تحايلاً على القانون"، مؤكداً أن عدد نوادي المدخنين هذه في عاصمة الولاية يصل إلى 700 من بين نحو ألفي حانة مسجلة. ولذلك طالب بييريل وزير البيئة في الولاية أوتمار بيرنهارد بإيجاد حل لحظر هذه النوادي.
ولا يقتصر الأمر على مدينة ميونخ، إذ غيرت نحو 220 من 700 حانة وبار في مدينة نورنبرج من وضعها، حسب تصريحات المسؤول الإداري بالمدينة، هارتموت فرومر، الذي أضاف أن هذه الظاهرة في تزايد مستمر. وحذر فرومر من ترك الأمر لأصحاب الحانات لتقرير ما إذا كانوا سيصنفون حاناتهم كنوادي تدخين أم لا، قائلاً: "في تلك الحالة سيصبح الاستثناء القانوني هو القاعدة".
اتحاد للدفاع عن "التدخين" داخل الحانات
الجدير بالذكر أن قانون حذر التدخين داخل الحانات كان له خصوماً أشداء منذ صدوره. من بين هؤلاء الخصوم، ما يسمى بـ "اتحاد الحفاظ على ثقافة الحانات البافارية"، الذي أسس في كانون أول / ديسمبر من العام الماضي، وصار الآن يضم أكثر من 60 ألف عضو من أصحاب الحانات المصممون على استمرار "عادة" التدخين والحفاظ على زبائنهم.
وقد دعا الاتحاد حكومة الولاية لتوضيح موقفها، وقال رئيسه، هانز شيدنجر: "عندما تحول كل الحانات نفسها إلي نوادي للمدخنين، عندها سندرك أن هذا لم يكن هو المقصود". وأضاف شيدنجر أنه في حين أن مواد القانون قد صيغت بشكل واضح، فإن لائحته التنفيذية شابها الغموض". وقد حدا هذا اللبس ببعض المحاكم إلى رفض محاولات استهدفت إجبار أصحاب الحانات على الامتثال للقانون، لحين اتضاح الأمور. وقضت المحكمة الإدارية في ميونيخ هذا الأسبوع بأن لصاحب الحانة الحق في السماح بالتدخين في حانته حتى إشعار آخر، وذلك في وجه محاولة من قبل السلطة المحلية في بلدة فريسنج حمله على وضع لافتات كتب عليها "ممنوع التدخين".
الصحة مقابل "ثقافة الحانات"
وقد أحيلت القضية الآن إلى المحكمة الدستورية البافارية، حيث يدفع أنصار مكافحة التدخين بأن صحة العاملين في خطر، فيما يرى اتحاد الحفاظ على ثقافة الحانات أن حقوق أعضائه يتم انتهاكها. وأظهر مسح أجرته صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار، أن الحانات في 14 من الولايات الألمانية الـ16 التي طبقت حظرا على التدخين تراجع نشاطها بنسبة تقترب من 30 بالمائة.
أبعاد سياسية للقضية في بافاريا
أما في بافاريا، فقد اتخذت القضية أبعاداً سياسية، حيث تراجعت شعبية الاتحاد المسيحي الاجتماعي -الذي يحكم دون انقطاع على مستوى الولاية منذ 6 عقود من الزمان- والذي مرر القانون في الانتخابات المحلية التي جرت الشهر الماضي. وعزا مراقبون جزئيا على الأقل بعض الخسارة إلى رغبة البافاريين - وهم شعب شديد المراس- في توجيه رسالة إلى حكومة الولاية التي تريد أن تتحكم في كافة تفاصيل حياة مواطنيها.
لكن حكومة الولاية انحنت للعاصفة عندما وصل الأمر إلى خيام الجعة ( البيرة)، التي تستخدم في مهرجان الجعة البافاري الشهير "أكتوبر فيست"، حيث سمحت بالتدخين هناك لعام آخر على الأقل.