"رئتي تخصني وحدي ووجهي ليس منفضة سجاير"
٣١ مايو ٢٠٠٧يحتفل العالم اليوم، 31 مايو/آيار باليوم العالمي لمكافحة التدخين. التدخين: هذه العادة التي عادة ما تبدأ كهواية وتقليد ثم ما تلبث أن تتحول الى إدمان يصعب الإقلاع عنه، فينهك الصحة ويستنزف المال ويضر بالبيئة. وحينما يدمن المرء على التدخين وتقع الفأس في الرأس يقول المدخن حينها يا ليتني ما كنت بدأت. وإذا ما اكتفينا بالأضرار الصحية للتدخين، وهي ليست بالهينة بل بالقاتلة، فإن التبغ وفقا لما تقوله منظمة الصحة العالمية سبب رئيس لعدد كبير من الوفيات في العالم. كما ان أثار التدخين السلبي على غير المدخنين لا تقل ضررا عن التدخين نفسه. وتستند منظمة الصحة العالمية، التي تقود حملة دولية ضد تعاطي التبغ، الى نتائج دراسات علمية في التحذير من مخاطر التدخين السلبي وحشد الجهود الدولية في تجاه فرض حظر شامل على التدخين في أماكن العمل وفي ألاماكن العامة المغلقة.
ومن بين الدول التي طبقت بالفعل مثل هذا الحظر كليا أو جزئيا عدد من دول الاتحاد الأوروبي من بينها فرنسا وأسبانيا وألمانيا وأيرلندا والبرتغال. أما في الدول النامية فإن عدد المدخنين يتزايد بسرعة عالية، كما تشير الدراسات. ولم يقتصر الجدل أيضا حول منع التدخين على المستويات الشعبية، بل وصل الى أروقة البرلمانات والحكومات في ألمانيا وأوربا واشترك فيه بطبيعة الحال المدخنون وغير المدخنين وقبل ذلك "لوبي تجارة السموم". موقعنا يستعرض رأيين؛ أحدهما معارض والأخر مؤيد لحظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة ومواقع العمل.
"لوبي تجارة التبغ اخطر من لوبي تجارة الأسلحة"
الزميل ماكسيم بيليوبين الذي أقلع عن التدخين منذ حوالي سنتين وصار عدوا لدودا لهذه العادة، يقول إنه يشعر بالضيق الشديد من أجواء التدخين في موقع العمل، رغم أن التدخين في مؤسستنا الإعلامية لا يتم في غرف العمل. لكن ماكسيم يشعر بعد الإقلاع عن التدخين بأن رائحة التبغ لم تعد تلاحقه وإنه استعاد صحته ولم يعد بحاجة للذهاب إلى الطبيب، كما كان عليه الحال عندما كان يدخن علبة من السجائر يوميا. كما أنه لا يذهب إلى الأماكن المغلقة، لأنه يشعر بالضيق من رائحة التدخين ويشعر بأن وجه أصبح وكأنه "منفضة سجاير".
كما عبرّ عن استيائه من الزملاء الذين يداعبونه بالنفخ بدخان السجائر في وجه على سبيل المزاح. ويعرب الزميل مكسيم عن شكره للبرلمان الألماني على جهوده في منع التدخين في أماكن العمل، لكنه يقول بأسف بأن "لوبي التبغ" الذي يحاول عرقلة مثل هذه الجهود لا يقل خطرا عن "لوبي تجار الأسلحة". ويشير ماكسيم إلى نقطة مهمة وهي أن النقاش مع المدخنين حول الأضرار لا يجدي نفعا، لأنهم مقتنعون بأنهم على حق ويبحثون عن مبررات واهية لدعم رأيهم.
"رئتي تخصني وحدي"
أما الزميلة اوتا توفرن، رئيسة تحرير موقع دويتشه فيله، مدخنة، فتتبنى الرأي الأخر المؤيد لعدم منع التدخين، رغم اعترافها بأن التدخين مضر بالصحة، حيث تقول إن منع التدخين يعد وصاية على المواطنين، معربة عن اعتقادها بأن المسؤولين عندما يتبنون منع شيء ما، فإنهم بذلك إنما يحاولون صرف النظر عن قضايا أخرى. وتدعم اوتا رأيها بالقول بأن المشاهير في عالم السياسة كانوا يدخنون، مثل وينستون تشرشيل، لودفيج ارهارد، وهيلموت شميت. كما تؤكد أن النقاش حول منع التدخين من عدمه لا يعني الحديث عن التسامح أو عدم التسمح، ولكن بالدرجة الأولى حول الحرية الفردية في المجتمع وفهم هذا المجتمع لمعنى المسؤولية الذاتية.
ومن البدهي أن التدخين مضر بالصحة وأن المدخنين قد يضرون بالآخرين الذين يعيشون معهم من خلال عدم الإحساس بالمسؤولية تجاه هؤلاء. لكن الزميلة أوتا تدعم رأيها بأمثلة من الحياة العملية بالقول بأن هناك أشياء أخرى مضرة بالصحة وتتسبب في الموت مثل عوادم السيارات وغيرها؛ فهل يعني ذلك منع السيارات من الشوارع؟ وتضيف اوتا بأنه حتى الأكل الدسم يكون مضرا بالصحة، مشيرة إلى أن الكثيرين يموتون بأمراض القلب الناتجة عن الغذاء غير الصحي وعدم أو ندرة الحركة، متسائلة بطريقة هزلية عن دور "الشرطة الغذائية ومفوضي الأنشطة البدنية"؟ وتختم رئيسة التحرير كلامها بالقول "رئتي تخصني وحدي".