الإصابات تلاحق أفضل لاعبات الكرة في العالم - فما الأسباب؟
٤ ديسمبر ٢٠٢٢عندما فازت الإسبانية أليكسيا بوتياس، لاعبة برشلونة، بالكرة الذهبية كأفضل لاعبة في العالم (جائزة الكرة الذهبية) للمرة الثانية في أكتوبر / تشرين الأول، لم تكن تلعب منذ تعرضها لإصابة في الرباط الصليبي الأمامي عشية بطولة أمم أوروبا للسيدات التي جرت في يوليو / تموز الماضي.
وبعد أقل من شهر من الفوز، لحقت الإصابة ذاتها بالإنجليزية بيث ميد، التي احتلت المركز الثاني في تصويت الكرة الذهبية.
وخلال فترة التوقف الدولية، أصيبت الألمانية لينا أوبيردورف، صاحبة المركز الرابع في التصويت، في الكتف خلال مباراة ودية في الولايات المتحدة ، فيما اضطرت نجمة منتخب الدنمارك وصاحبة أغلى صفقة في تاريخ الكرة النسائية، بيرنيل هاردر، إلى إجراء عملية جراحية بسبب إصابة في أوتار الركبة، خلال مشاركتها مع منتخب بلادها.
ربما كانت الهولندية فيفيان ميديما، صاحبة المركز الحادي عشر في تصويت الكرة الذهبية، أفضل حظا إذ لم تتعرض لأي إصابة، لكن ورغم ذلك فإنها لم تلعب خلال فترة التوقف الدولية بعد أن طلب منها ناديها "أرسنال" الإنجليزي أخذ وقت للراحة والتعافي.
يعد هذا الأمر نادرا في عالم الساحرة المستديرة بالنسبة للرجال، لكن أصبح مألوفا في عالم الكرة النسائية، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في أوائل نوفمبر / تشرين الثاني أن موعد انطلاق دوري الأمم الأوروبية للسيدات سيكون العام المقبل.
وسيتم ربط المنافسة الجديدة بالتأهل لبطولة أمم أوروبا للسيدات المقبلة، ما يعني تلافي بعض السلبيات التي وقعت في السابق، فيما قالت سارة غريغوريوس، مديرة السياسة العالمية والعلاقات الاستراتيجية لكرة القدم النسائية في الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين، في مقابلة مع DW إن تزايد مستوى التنافس يحمل في طياته مزايا أخرى.
هناك حاجة إلى تغييرات وقالت إن قضية نقص الحمل أو لعب مباريات أقل على الصعيد العالمي تعد "أحد أكبر القضايا المتعلقة بتحقيق التنمية المستدامة في عالم كرة القدم النسائية ما يضع قيودا على تزايد نمو الرياضة".
وأضافت "لا تنظم الاتحادات الكروية المسؤولة عن بطولات الدوري المحلية مباريات كافية بشكل مناسب في أجزاء كثيرة من العالم بخلاف الدوريات المحلية والبطولات الدولية، ما يعني أن اللاعبات الموهوبات لا يجدن في كرة القدم خيارا مهنيا يمكن الاعتماد عليه وقد يضطرن إلى الاعتزال مبكرا أو حتى الاستمرار في اللعب لكن دون تطوير المهارات على أقل تقدير".
وحاول مسؤولو دوري الأمم الأوروبية ودوري أبطال أوروبا التغلب على هذا الأمر ومعالجة بعض المخاوف.
ورغم ذلك، تقر غريغوريوس بضرورة العمل على "تخفيف تزاحم وتداخل المباريات وما يترتب على ذلك من عبء يُثقل كاهل اللاعبات، خاصة نجمات كرة القدم النسائية مع حتمية حماية صحتهن وأدائهن".
وتشعر بعض اللاعبات وأطقم التدريب بالقلق حيال عدم حدوث ذلك.
وبعد إصابة بيرنيل هاردر نجمة فريق تشيلسي للسيدات، قالت مدربة الفريق إيما هايز إن اللاعبات اللاتي يلعبن في كأس العالم والبطولات الأوروبية "يُمنحن راحة لمدة أسبوعين بين المواسم وهذا يعد أمرا غير مقبول".
وقالت إنه يتعين الاهتمام باللاعبات قبل كل شيء، محذرة من أن هذا الأمر "يلحق الضرر بصحة اللاعبات وهذا الأمر لا يتعلق بالفريق الذي أدربه وإنما يحدث بشكل عام ويدل على ذلك هذا العدد الكبير من الإصابات بين اللاعبات".
وتعد ماغدالينا أريكسون، نجمة منتخب السويد ونادي تشيلسي، المثال الأوقع على ذلك.
بسبب ارتباطاتها الدولية، سواء مع منتخب السويد أو ناديها الإنجليزي، سيتعين على ماغدالينا السفر واللعب بشكل شبه دائم طوال أوقات العام خاصة مع قرب انطلاق كأس العالم للسيدات المقررة في الفترة ما بين 20 يوليو/ تموز و20 أغسطس/ آب 2023 في أستراليا ونيوزيلندا.
قرارات في صالح اللاعبات
وعقب فوز فريقها على ريال مدريد، قالت ماغدالينا أريكسون في مقابلة مع DW إنه يحدوها الأمل في أن "يأخذ الجميع في عين الاعتبار مصلحة اللاعبات. في ضوء هذا الكم الكبير من البطولات الجديدة، لن يضيف إنشاء دوري الأمم الأوروبية المزيد من المباريات فحسب، بل سيضيف المزيد من المباريات الصعبة وآمل في عدم حدوث ذلك".
وأضافت "لهذا يتعين وجود لاعبات كثُر في الفرق مثلما هو الحال مع تشيلسي حتى يمكن للاعبات الحصول على راحة ووقت للتعافي، لذا أعتقد أنه يجب على الجميع مراعاة الحالة الصحية للاعبات".
بيد ان الأمر لا يتوقف على ذلك إذ قالت كابتن منتخب إنجلترا ليا ويليامسون، في مقابلة صحافية مع مجلة Sports Engineering إن ارتداء معظم اللاعبات أحذية مخصصة للرجال يمكن أن يؤدي إلى إصابات وكسور وشعور بالإجهاد لدى اللاعبات.
عبء السفر؟
ويضاف إلى ذلك عبء السفر، الذي يثقل كاهل اللاعبات، خاصة في حالة المشاركة معالمنتخبات الوطنية بالتزامن مع اللعب في صفوف الأندية، وفقا لما ذكرته جوان بارسونز، المتخصصة في قسم العلاج الطبيعي بجامعة مانيتوبا الكندية.
وفي مقابلة مع DW، قالت بارسونز: "هناك صلة بين كيف يرسل الدماغ إشارات إلى العضلات وبين كيف يمكن التحكم في الساق وخطر التعرض لإصابة في الرباط الصليبي الأمامي على سبيل المثال".
وأضافت "يمكن أن يؤثر التعب والإرهاق العقلي والجسدي على القدرة العقلية الخاصة بالتحكم في الجسم وحركاته".
وفي ضوء هذه المعطيات، يتعين العمل على اتخاذ إجراءات للوقاية من تعرض اللاعبات للإصابة جراء تزايد عدد المباريات خاصة نجمات عالم كرة القدم النسائية ممن يتعين عليهن السفر لفترات طويلة ومرات عديدة سواء مع المنتخبات أو الأندية.
مات بيرسون / م ع