"الأطفال العمال": مبادرة من أجل المساواة في فرص التعليم
٢٦ يونيو ٢٠١٢رغم كل العقبات التي اعترضتها إلا أن ذلك لم يمنع الشابة كاتيا أورباتش(32 عاما) عن تحقيق أمنيتها في الحصول على شهادة جامعية، فكاتيا تنحدر من عائلة غير مؤهلة أكاديميا، ومع ذلك نجحت في مسيرتها الدراسية وحصلت على شهادة الماجستير في مجال إدارة الأعمال والإعلام. وتتذكر كاتيا الصعوبات التي واجهتها بقولها" لم يكن الأمر سهلا، فرغم تشجيع والدي على الدراسة إلا أنهم غير قادرين على تقديم أي دعم لي"، فكاتيا كثيرا ما افتقدت إلى نصائح إرشادية من قبل والديها لتساعدها على تجاوز العقبات في مشوارها الجامعي.
كاتيا ليست الشابة الوحيدة التي افتقدت إلى خبرة والديها ونصائحهما المتعلقة باختيار الفرع الدراسي المناسب لها وتمويل دراستها وغيرها من المعلومات التي تخص الدراسة الجامعية، مادفعها إلى إطلاق مبادرة تطوعية لمساعدة الشباب الذين يرغبون في الحصول على شهادة جامعية ولا يوجد لديهم من يساعدهم على خوض هذا المسار الشاق على حد قول كاتيا "أريد من خلال هذه المبادرة أن أسهل الكثير من الأمور على الطلاب الآخرين". وتحمل المبادرة التي أطلقتها كاتيا عام 2008 اسم "لأطفال العمال"، وهي عبارة عن صفحة الكترونية كتبت فيها جميع المعلومات التي من شأنها أن تساعد الطلبة في بداية حياتهم الجامعية.
ولاقت مبادرة "لأطفال العمال" التي أطلقت عام 2008 اهتماما كبيرا من قبل وسائل الإعلام والرأي العام على حد قول كاتيا التي تستطرد قائلة " بعد يوم واحد من إطلاق هذه المبادرة فوجئت بتوافد الكثير من وسائل الإعلام التي ترغب في إجراء حوارات معي بخصوص المبادرة". وترجع كاتيا سبب الاهتمام المتزايد بقولها "من الواضح أنه لايوجد وعي اجتماعي كاف حول ماذا يعني أن تنحدر من عائلة غير مؤهلة علميا".
الشهادة الجامعة ودورها في دخول سوق العمل
فتبعا للاحصائيات الألمانية ، يدرس 70 بالمئة من الأطفال الذين ينحدرون من عائلات مؤهلة أكاديميا في الجامعة، بينما لا يقبل سوى 25 بالمئة من أطفال العمال على الدراسة في الجامعة هو تماما ما تسعى كاتيا لتغييره عبر هذه المبادرة "بالنسبة لي من المهم أن يتمكن كل شاب من متابعة الدراسة الجامعية مهما كانت خلفيته العائلية". وإلى جانب الموقع الالكتروني تتألف هذه المبادرة حاليا من ثمانين مجموعة منتشرة في كل أنحاء ألمانيا، وهناك حوالي 4000 متطوع يسعون من خلال هذه المجموعات إلى مساعدة الطلاب وتوعيتهم حول الأفق المستقبلية التي تمنحها الدراسة الجامعية.
سفين غرامشتادت هو احد المتطوعين في برلين، وتعلم فن البناء، إذ لم يكن في البداية مقتنعا بأهمية الشهادة الجامعية وما يمكن أن تقدم له من مميزات من أجل الدخول في سوق العمل. فهو ينحدر من عائلة عاملة وليست أكاديمية، مايعني بالنسبة لعائلته "اختصاص بسيط والالتحاق سريعا بالعمل"، على حد قول سفين.
من مهنة البناء إلى تخصص تأهيل كبار السن
وقرر سفين بعد إنهاء تخصصه في مجال البناء الالتحاق بالجامعة، وتمكن من الحصول على شهادة دكتواره في مجال تأهيل كبار السن. ويقوم سفين بزيارة المدارس في برلين بشكل دوري، من أجل تشجيع التلاميذ على متابعة دراستهم في الجامعة "مررت بتلك التجربة وأسعى لمساعدة الشباب لتخطي صعوبات هذه المرحلة". و إلى جانب ذلك يقوم المتطوعون بتخصيص لقاء شهري، يطلعون من خلاله الطلبة على جميع المساعدات المادية التي تقدمها الدولة من اجل تمويل دراستهم عندما يكون الأهل غير قادرين على ذلك.
وتفخر كاتيا بالتغيرات الاجتماعية التي تمكنت من إحداثها عبر هذه المبادرة بعد مرور أربع سنوات على تأسيسها ، وتشرح كاتيا هذه التغيرات بقولها "هناك الكثير من برامج المنح الدراسية الموجهة للفئة المستهدفة من خلال هذه المبادرة، فمن خلال مناقشة هذا الموضوع بشكل مكثف عبر وسائل الإعلام، أصبح الكثيرون من أصحاب القرار يعون مشكلة التلاميذ الذين ينتمون إلى عائلات غير مؤهلة أكاديميا"، وتؤكد كاتيا أن ما قامت به لا يمكن أن يكون من ضمن مسؤوليات مؤسسات الدولة "ما قمنا به هو من مهمة المجتمع المدني لأننا نعي مشاكلنا أكثر ومن خلال المبادرات الشخصية قد نتمكن من حل مشاكلنا بشكل أفضل ".
نادين فويجيك/دالين صلاحية
مراجعة: هبة الله إسماعيل