اعتداء شرم الشيخ: اختراق أمني فاضح وأيدولوجيا شريرة
"عمليات شرم الشيخ ارادت توجيه رسالة مفادها أن الإرهابيين قادرون على اختيار المكان والزمان لتنفيذ عملياتهم مهما كان حجم الاحتياطيات الأمنية." هذا ما يراه الخبير في شؤون الإرهاب د. علاء الحمارنة من "مركز دراسات العالم العربي" في جامعة ماينس/ألمانيا، الذي أكد أنه لا يوجد مكان في مصر يحظى بحماية أمنية وحضور استخباراتي مثل شرم الشيخ، ليس فقط بسبب أهمية المنطقة من ناحية سياحية، وانما بسبب تحولها في السنتين الأخيرتين إلى مقر شبه رسمي للرئيس مبارك يلتقي فيه بزوار مصر من قادة وزعماء العالم. د. حمارنه أشار في حوار له مع موقعنا أن مكان وزمان العمليات كان دقيقا ومدروسا وذلك بالنظر إلى الحقائق التالية: أولا العمليات تأتي بالتزامن مع احتفال مصر بالذكرى 53 لثورة "23 يوليو" بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لإسقاط الملكية، وثانيا حدوثها قبل يوم واحد من محاكمة المتهمين بارتكاب عمليات طابا في السابع من تشرين الاول/اكتوبر 2004 والتي أودت بحياة 34 شخصا معظمهم من
الإسرائيليين وثالثا ارتباط اسم "شرم الشيخ" بالاتفاقات الموقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ومؤتمرات الحرب على الإرهاب. كل هذا يعزز فرضية "المغزى السياسي" للعمليات أكثر من المغزى الإجرامي أو الاقتصادي. وفي معرض إجابته عن سؤالنا المتعلق باستهداف المدنيين، أجاب د. حمارنة قائلا: "هؤلاء يعملون على قاعدة من لم يكن معنا، فهو ضدنا"، وبالتالي لا يهمهم ان كانت ضحيتهم أجنبية أم عربية مشيرا الى أن هناك ملهى ليلي يكتظ عادة بزواره الأجانب يقع بجانب فندق "غزالة جاردن" ويمكن الوصول إليه بسيارة مفخخة بسهولة، ولكن الإرهابيين ضربوا في باحة السوق التي يتواجد فيها العمال المصريين غالبا. وختم د. حمارنه حواره بالإشارة إلى فشل المفهوم الأمريكي ـ البريطاني للحرب على الإرهاب بالكامل، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة "إجراء مراجعة شاملة وإعادة تعريف عربي لمفهوم الحرب على الإرهاب"
ارتباطات عقائدية وليس تنظيمية
يرى خبراء دوليون ان الحركة الجهادية العالمية اصبحت منتشرة على اساس لامركزي الى حد يجعلها قادرة على تنظيم حملة ارهابية تستهدف لندن ثم مصر في اسبوع واحد، الا ان الصلات العقائدية بين منفذي هذه الاعتداءات موجودة حتما. وجاءت اعتداءات شرم الشيخ بعد يومين فقط من سلسلة ثانية من الاعتداءات على وسائل النقل في لندن. الباحث السريلانكي روهان غوناراتنا الذي
يعتبر أحد اهم الخبراء في شؤون تنظيم القاعدة يقول: "القاعدة شبكة ارهابية شاملة انتشرت عبر العالم وتربط بين خلاياها صلات عقائدية". ويقول مدير مركز دراسات حول الإرهاب في جامعة سانت اندروز في اسكتلندا مانيوس رانستورب ان التخطيط الطويل والدقيق لعمليات مثل عملية شرم الشيخ يجعل من المستبعد ان يتمكن الإرهابيون من التخطيط لها خلال بضعة أيام. وأوضح ان اعتداءات طابا في السابع من تشرين الاول/اكتوبر 2004 في مصر "استدعت، بحسب المحققين المصريين، سبعة اشهر من التحضير". وعليه فأن "فان الذين ضربوا في شرم الشيخ كانوا مستعدين منذ زمن طويل. غير أن هناك احتمالاً بأن يكونوا قد عمدوا الى تسريع الامور". وقال "لا توجد صلة عملية او لوجستية. الصلة الوحيدة تتمثل في القاعدة التي تحولت إلى عقيدة تعلن مجموعات مختلفة ولائها لها.
خلايا محلية على الأغلب
أما خبير الجرائم، الفرنسي الان باور، فيقول: "يجب ان ننسى صورة الشرير على طريقة جيمس بوند، ذاك الذي يكتفي بإصدار الأوامر من قاعدته السرية. ان قرارات توجيه الضربات تتخذ على المستوى المحلي". ويضيف "في لندن، من المحتمل ان هناك خلية محلية اتخذت قرار القيام بعمليات خلال فترة زمنية قصيرة مع ثلاث او اربع مجموعات جاهزة للعمل. ولكن على المستوى الشامل، ينتج عن لامركزية التنظيم وقوع سلسلة اعتداءات متزامنة في وقت معين كما حصل في الماضي، ثم لا شيء على مدى فترات طويلة". ويرى الخبراء ان كل مجموعة من الشبكة الجهادية الدولية تتبع على الأرجح مخططات خاصة بها، مع الترحيب بالرعب الذي يثيره تتابع هذه العمليات.
لماذا مصر؟