احتجاجات شرق السعودية: "فتنة" شيعية أم إرهاصات ثورة؟
١١ يوليو ٢٠١٢DW: شهدت المملكة العربية السعودية أمس الأول الاثنين (التاسع من تموز/يوليو) احتجاجات أسفرت عن مقتل اثنين من المتظاهرين فما هي خلفية هذه الأحداث؟
أوليفر شلومبرجر:جاءت الاحتجاجات في منطقة القطيف الشرقية على خلفية اعتقال رجل دين شيعي بعد إطلاق النار عليه من قبل قوات الأمن. واشتهر رجل الدين المنتمي للأقلية الشيعية في السعودية (نمر باقر النمرـ المحرر) بمعارضته للنظام ومطالبته بتحقيق المساواة بين جميع أبناء المملكة.
لدينا هنا إذن مشكلة مزدوجة فمن ناحية يتعلق الأمر بالسعودية التي تتمتع بكثافة سكانية كبيرة على العكس من دول صغيرة مثل البحرين وقطر. وبالرغم من الثروة النفطية في السعودية إلا أن هناك معدلات بطالة مرتفعة بالإضافة إلى قضايا اجتماعية معلقة. ومن ناحية أخرى تعيش في السعودية أقلية شيعية مستقرة في إحدى أغنى مناطق النفط في المملكة والتي لها أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للنظام الحاكم.
ويتعامل النظام السعودي مع هذه المشكلة الدينية في الأساس على أنها نتيجة لعداوته مع إيران بدلا من محاولة حل المشكلة داخليا وإحداث تناغم بين الجانبين داخل المجتمع السعودي.
هل يعني هذا أن الشيعة في السعودية يتعرضون للقمع على يد السنة؟
لا يحدث هذا في شكل اعتقالات وتعذيب على أساس الانتماء الديني، لكن هناك تفريق واضح في المعاملة ففرص الشيعي في الحصول على وظائف عالية في الأجهزة الحكومية تكاد تكون منعدمة.
هل يمثل الشيعة إذن تهديدا حقيقيا للنظام السعودي؟
كان من الممكن أن يحدث هذا إذا سارت الأمور بنفس الطريقة التي حدثت في البحرين من حيث الاحتجاجات واسعة النطاق. كنا نفسر هنا في الغرب هذه الاحتجاجات على أنها ذات طابع ديني في الأساس وهو أمر غير صحيح، فأساس الاحتجاجات هو قمع الحريات والحقوق الأساسية. ويستفيد النظام في البحرين من كون أغلبية المحتجين في البلاد من الشيعة ويقول إن الأمر لا يتعلق باحتجاجات لها أسباب سياسية بل دينية. وهذه إستراتيجية معروفة لنا وسبق وتابعناها في سوريا والأردن ومصر لكن ما يزعجني بحق هو تعاطي الإعلام مع هذه التبريرات. بالطبع هناك انقسام داخل المجتمع لكن هذا لا يمنع وجود أسباب أخرى ولب المشكلة يتمثل في وجود نظام حاكم يقمع الحرية والحقوق الأساسية ليس لمجموعة دينية فحسب بل لمجتمع بأكمله.
استشهدت في حديثك بالبحرين فهل من الممكن أن تشهد السعودية احتجاجات واسعة النطاق كتلك التي حدثت في البحرين؟
كل شيء ممكن الحدوث لكن في رأيي حدوث مثل هذه الاحتجاجات الواسعة مرهون بانضمام مجموعات سنية مهمة لمطالب الشيعة في المنطقة الشرقية، وهو أمر لم يحدث حتى الآن. ثمة تظاهرات فردية ضد النظام لكن بمجرد أن يدخل الأمر نطاق انتقاد الفكر الوهابي تصبح مسألة قمع التظاهرات واردة بشكل كبير.
نحن نعرف أن الفكر الوهابي الذي يتخذه النظام السعودي كأيديولوجية للدولة، هو من أكثر التوجهات تطرفا في الإسلام. نحن نعرف السعودية كداعم غير مباشر للإرهاب الدولي. نعرف أن السعودية تتدخل في سوريا بالمال والسلاح. نعرف خلفيات ما حدث في البحرين وكيف تدخلت السعودية للمساعدة في قمع الاحتجاجات. وكل هذا يعني أننا أمام دولة تعد بؤرة لعدمالاستقرار ـ على عكس ما نسمعه من ساستنا.
وهنا يصبح السؤال: إلى أي مدى يمكن لمنظمات حقوق الإنسان – ليس فقط ذات الأصول الشيعية- أن تنضم لمثل تلك الاحتجاجات. وإذا حدث هذا فستتطور آلية ذاتية تؤدي إلى احتجاجات جماعية بشكل مشابه لما حدث في البحرين.
أجرت الحوار: آنا ألمالينج
ترجمة: ابتسام فوزي
مراجعة: عبده جميل المخلافي
أوليفر شلومبرجر هو أستاذ للعلوم السياسية وعلم السياسة المقارن بجامعة توبنجن، خبير متخصص في شؤون الشرق الأوسط.