احتجاجات الطلبة: الصورة العدائية القديمة الجديدة لأردوغان
٨ فبراير ٢٠٢١"هل هؤلاء طلبة أم ارهابيون حاولوا الهجوم على حجرة رئيس الجامعة واحتلالها؟" كما قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مؤخرا عن طلبة جامعة بوغازيتشي الشهيرة في اسطنبول. فمنذ مطلع يناير يحتج الطلبة هناك ضد تعيين السياسي السابق من حزب العدالة والتنمية مليح بولو كرئيس للجامعة ـ وهو قرار اتخذه الرئيس التركي بموجب مرسوم.
وبيد من حديد تحاول الشرطة قمع الاحتجاجات. واعتقالات عشوائية ومداهمات ليلية حصلت في الأسابيع الماضية. وادعى اردوغان بأن عناصر من المعارضة تسللوا بين صفوف الطلبة الذين طالبوا في الماضي "خلال تجمعاتهم الخطابية بسيناريوهات قذرة مثل تنفيذ انقلاب". كما أن الرئيس المحافظ قارن الاحتجاجات الطلابية بمظاهرات منتزه غيزي التي وقعت في 2013 وأصدر اتهامات:" عايشنا في السابق كيف تم نهب ممتلكات تجار، وكيف أنهم احتلوا بقنينات الجعة في أيديهم مسجد السلطان وليد".
مقارنة مقصودة مع مظاهرات منتزه غيزي
إلا أن اتهامات الرئيس التركي لم تلق أبدا الدليل. فالإمام العامل في المسجد المذكور والمؤذن لم يؤكدا تلك الاتهامات ـ فهم لم يروا أحدا استهلك الكحول داخل المسجد. وكلا الرجلين تم نقلهما بعد التعبير عن مواقفهما إلى مساجد أخرى. وأن يطلق أردوغان مقارنة بين احتجاجات منتزه غيزي والمحتجين الشباب من جامعة بوغازيتشي، فهذا أثار استغراب الكثير من خبراء الانتخابات. وبما أن نسبة الأصوات لحزب العدالة والتنمية التابع لاردوغان تصل حاليا حسب معاهد استطلاعات الرأي إلى ما تحت 40 في المائة، فيمكن توقع أن كل صوت ستكون له قيمته ـ حتى أصوات الشباب.
"في عام 2011 تمكن حزب العدالة والتنمية الحاكم من انتزاع 42 حتى 43 في المائة من الأصوات من المجموعة العمرية بين 18 و 24 سنة"، كما يقول الخبير استطلاعات الرأي إبراهيم أوسلو. إلا أن العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والشبيبة تدهورت بعد احتجاجات منتزه غيزي ـ فبعدها تراجع التأييد لحزب العدالة والتنمية في هذه المجموعة العمرية إلى 30 في المائة. وبالرغم من أن تعامل اردوغان الخشن مع مجموعة الناخبين الشباب خلال احتجاجات منتزه غيزي تراجع لاحقا، إلا أنه يبدو أن الرئيس يعيد ممارسة هذا النهج بعد مرور سبعة أعوام خلال الاحتجاجات الطلابية في إسطنبول. والحساب الواضح وراء ذلك هو أن "حزب العدالة والتنمية يريد إيجاد جمهور شاب لكن وفي"، كما يرى خبير استطلاعات الرأي أوسلو الذي يضيف بأن الحزب "يحقق هذا الهدف من خلال بث الاستقطاب والتوتر داخل السكان. وبهذا ينشأ ارتباط أقوى مع الحزب". وسياسة الاستقطاب هذه تنطبق على باقي المجموعات الانتخابية.
استراتيجية اردوغان لكسب ود الشارع
وهذه الاستراتيجية حسب أوسلو حققت إلى حد الآن الثمار: "يمكن لنا معاينة كيف أن تراجع الأصوات لحزب العدالة والتنمية يسير ببطئ رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة". فسياسة التوتر والاستقطاب عملت على توطيد الارتباط العاطفي للناخبين الحاليين.
وحتى التعامل الخشن مع الطلبة يُعتبر جزءا من هذه الاستراتيجية. فالأمر يتعلق بالنسبة إلى اردوغان دوما "بإيجاد أعداء"، كما يستنتج إبراهيم أوسلو. وأحيانا يكون هذا العدو في الخارج وأحيانا في الداخل. لكن يوجد أبطال وأناس طيبون يكافحون ضد هذا العدو"، كما هي الرواية المعتادة. وحسب جان سلجوقي، رئيس معهد البحوث الانتخابية يُتوقع تسجيل خمسة ملايين ناخب شاب أثناء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2023.
"هؤلاء يريدون من يصغي لهم"
"وهذا بالطبع طاقة جامحة ـ للحكومة ولأحزاب المعارضة أيضا"، كما يقول سلجوقي. فكل الأحزاب تتطلع إلى إيجاد استراتيجية لكسب هؤلاء الناخبين الجدد، "وإذا ما تمعنا في تصرف الحكومة في جامعة بوغازيتشي، فلا يبدو بأن الحكومة تعتبر من الضروري الإصغاء لهؤلاء الشباب".
ومستطلعو الرأي التابعون لسلجوقي سألوا 236 من الطلبة المحتجين في إسطنبول حول أهدافهم وتوقعاتهم. إنهم يريدون تعديلا قانونيا يضمن تعيينا مستقلا لرئيس الجامعة. "لكن لا أحد من المسؤولين يصغي أو يهتم بما يريده الطلبة"، كما يفيد خبير السياسة جان سلجوقي، "وهذه مشكلة".
هلال كويبلو/ م.أ.م