إعفاء المغاربة من تأشيرة قطر- فرحة لم تكتمل!
١٥ سبتمبر ٢٠١٧الخامس من أيلول/سبتمبر 2017 ، سيظل تاريخاً محفوراً في أذهان العديد من المغاربة، لأنه حمل معه خبراً سعيداً لهم، خاصة للراغبين في الهجرة خارج البلد تخلصّاً من أوضاع يعتبرونها مزرية.
الإعلان عن قرار إلغاء التأشيرة، أفاد به الموقع الإلكتروني لمجلس النواب المغربي( الغرفة الأولى في البرلمان المكوّن من غرفتين) في بلاغ عمّمته وكالة الأنباء الرسمية المغربية على مختلف وسائل الإعلام ، وجاء عقب زيارة وفد مغربي رفيع المستوى إلى الدوحة قاده رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، ممثلا عن الملك محمد السادس في الاحتفالية الكبرى لتدشين ميناء "حمد" بقطر يوم الثلاثاء 5 أيلول/سبتمبرالجاري.
وتضمّن البلاغ نفسه أن رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري، عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، أخبر المسؤولين المغاربة الذين زاروا بلاده، أن دولة قطر رفعت عن مواطني المملكة المغربية تأشيرة الدخول إلى أراضيها.، ليُضاف اسم المغرب إلى قائمة جديدة من 80 بلدًا كان قد سُمح لمواطنيهم دخول قطر دون تأشيرة .
فرحةٌ حبيسةُ بلاغيْن
القرار الذي أدخل البهجة لقلوب العديد من المواطنين المغاربة، لم تدم صلاحيته سوى خمسة أيام، قبل أن تكسر قطر، يوم العاشر من أيلول/سبتمبر 2017، جدار صمتها وتُصدر توضيحًا جاء عبارة عن بلاغ حمَل توقيعاً مشتركاً لوزارة الداخلية والهيئة العامة للسياحة القطريتيْن.
التوضيح القطري وضع النقط على الحروف، خاصة وأنّ البلاغ المغربي المذكور ظل "غامضاً" بخصوص تفاصيل القرار وحيثياته، وهو ما ترك باب التكهنات مُشرَعاً. الأمر ازداد غموضاً وإثارة عندما خرجت سفارة قطر بالرباط، في تصريحات إعلامية يوما واحداً بعد بلاغ البرلمان المغربي، لتقول إنها "لا تستطيع تأكيد أو نفي خبر رفع التأشيرة عن المواطنين المغاربة الراغبين بدخول قطر"، لأنها "لم تتوصل بأي تعليمات رسمية من الحكومة القطرية بهذا الشأن".
بلاغ الهيئة العامة للسياحة القطرية تضمن ما وصفته بـ"تدابير وشروط جديدة يحصل بموجبها المغاربة، بجانب الجزائريين، على تأشيرة الدخول إلى دولة قطر، عند الوصول إلى أحد منافذها بحرا أو جوا". ويتعلق الأمر باشتراط توفر المغاربة على تصريح الإقامة أو التأشيرة السارية لدول الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا أو المملكة المتحدة أو أستراليا أو نيوزيلندا، أو بلدان اتفاقية "شنغن" الخاصة بالاتحاد الأوروبي، أو دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف البلاغ نفسه أنّ قرار الإعفاء وفق الشروط الجديدة سيتم تنفيذه ابتداءً من 15 أيلول/سبتمبرالجاري، وبعد الانتهاء من هذه التدابير، كما يوضح البلاغ، سيحصل المغاربة الراغبون في دخول قطر على تأشيرة حال الوصول إليها، تبقى صالحة لمدة 30 يوماً فحسب، لكنها تتيح لهم البقاء لحدود شهر واحد خلال زيارة واحدة، مع إمكانية التمديد لـ 30 يوماً أخرى داخل قطر.
ردود فعل مرحِّبة.. وأخرى ساخرة
لم يتأخر تفاعُل مغاربة "فيسبوك" مع الخبر أعلاه؛ فسرعان ما انتشرت تدوينات ومنشورات تحت وسوم وهاشتاغات مختلفة، مثل "#قطر_تنادي" و"#اللخر_يطفي_الضو"، على مواقع التواصل الاجتماعي أغلبها كان مُرّحِباً بالقرار، لكن بعض الردود لم تخلُ، بالمقابل، من حِسّ السخرية والهزْل كما جرت بذلك عادة فئة من المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي.
قرار إعفاء المغاربة من التأشيرة القطرية جاء في ظروف كانت بها المغرب من أوائل الدول التي مدت يد العون إلى قطر في بداية الأزمة الخليجية- القطرية، محاوِلةً بذلك رأب صدع البيت الخليجي وإمساك العصا من الوسط، وهو ما رأى فيه بعض النشطاء على مواقع التواصل "ردّاً للجميل وعرفاناً بجهود المغرب في التضامن مع قطر عبر إرسال مساعدات غذائية إليها في عز مقاطعتها من طرف دول الخليج".
تفاعُل المغاربة مع قرار الغاء تأشيرة دخول قطر، قرَأ فيه البعض إشارة تعاطُف بعثها المغاربة إلى الدوحة، لكن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد شيات، أكد بالمقابل في حديث مع DW عربية أنه "بالنظر لطبيعة المنظومة القانونية في قطر، فإنّ رفع التأشيرة يبقى أمراً عاديًا طبيعياً، لا يعدو أن يكون تعبيراً عن تقارُب قطري مغربي قد يعزز التعاون البيْني بين البلدين في القادم من الأيام".
وأضاف شيات أنّ "الابتهاج بالقرار من قواعد شعبية معينة لم يكن ابتهاجاً في محلّه، بل هو ناتج عن جهل بالمنظومة القانونية القطرية فيما يخص التأشيرات وتصريحات الإقامة".
خلفيات الاهتمام الجماهيري بإلغاء تأشيرة قطر
وعن خلفيات الاهتمام المغربي الكبير بموضوع إعفاء المغاربة من التأشيرة القطرية، أوضح شيات أنه وجب التمييز بين مستوييْن من الاهتمام المغربي من فئتيْن مختلفتين؛ المستوى الأول هو البعد الاجتماعي والقانوني في الخطوة القطرية، خاصة وأن نسب البطالة والفقر ترتفع بكثرة في أوساط الشباب المغربي الذي ما زال ينظر إلى قطر باعتبارها "دولة مزدهرة توفر فرص عمل"، في حين يتعلق المستوى الثاني بالزاوية السياسية، إذ رأى فيها بعض النشطاء "نوعًا من المحاباة السياسية في الأعراف الدبلوماسية بين الدول، لا سيما بعد الموقف المغربي الذي تبنى الحياد الإيجابي تجاه الأزمة الخليجية المستمرة".
الأستاذ المغربي بجامعة محمد الأول بوجدة اعتبر أن "الأصل هو ألا تكون تأشيرات بين مواطني الدول العربية بموجب اتفاقيات عديدة تجمع بينها، لكن للأسف، فالعكس هو ما يحصل في زمن العبث العربي".
يوسف يعكوبي