إستقرار أسعار النفط على قمة أولويات الملك عبد الله
بعد الإعلان عن وفاة ملك السعودية فهد بن عبد العزيز بدأت التكهنات والمخاوف تأتي من كل حدب وصوب، وبدأت البورصات العالمية بتتبع جميع الأخبار الصادرة من المملكة العربية السعودية وكذلك من سفاراتها في الخارج، خاصة من سفير المملكة في بريطانيا تركي الفيصل الذي أكد على استمرار بلاده في سياساتها الاقتصادية وخاصة المتعلقة بسوق النفط حيث أكد على أن وفاة العاهل السعودي لن تؤثر على سياسة المملكة النفطية. وكان وزير التربية السعودي عبد لله بن احمد العبيد قد أكد في مقابلة لموقعنا "أن سياسة المملكة العربية السعودية لن تتوقف عند مرحلة معينه وتستجيب للمتغيرات الإقليمية والدولية وفقا لثوابتها الوطنية والدينية"، على حد تعبيره. على هذا النحو فإن السياسة الداخلية أو الخارجية للمملكة سوف لن تتغير تغيرا جذريا بوفاة الملك فهد وتولي الأمير عبدا لله مقاليد السلطة. ويذكر أن الأمير عبد الله، ولي العهد السابق والملك الحالي للبلاد كان مطلعا على شؤون السياسة الداخلية والخارجية للمملكة خلال ولايته للعهد، وبالتالي سيواصل الآن تلك السياسة مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات المحيطة، حسب ما أكده الوزير العبيد.
ارتفاع أسعار النفط بعد وفاة الملك فهد
رغم إعلان المسؤولين السعوديين عن استمرار المملكة في سياستها النفطية إلا أن خام برنت إرتفع في التعاملات الآجلة في بورصة البترول الدولية في لندن أمس ليصل إلى مستوى قياسي جديد، وذلك نظرا للمخاوف من حدوث عوامل أو مشاكل فنية تؤثر على حركة البترول في مصافي النفط السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، بعد وفاة العاهل السعودي. وكان برنت قد سجل مستوى قياسيا في السابع من تموز/يوليو الماضي ليصل إلى 60.70 دولارا للبرميل الواحد. إلا أن تداعيات وفاة الملك فهد قد أثرت على سوق التداول ليصل في الأمس إلى مستوى قياسي جديد يزيد عن 62 دولارا للبرميل. هذه الارتفاعات لأسعار النفط في العقد الأخير من هذا العام جاءت بعد أن أثارت مشاكل في مصافي النفط الأمريكية المخاوف من نقص الإمدادات السعودية، حتى بعد تعهد المملكة بزيادة الإنتاج للحفاظ على سعر النفط الخام.
وكان المراقبون قد توقعوا ارتفاعا بسيطا لأسعار النفط عند افتتاح الأسواق في الأمس بعد الإعلان عن وفاة الملك فهد، لتعاود تراجعها بعد معرفة أن اختيار الأمير عبد الله خلفا له، خاصة وأن هذا الاختيار تم بسهولة ودون أي عقبات تذكر. وكانت نتيجة هذا الارتفاع نظرا لقلق التجار من تغير كبير في سياسة السعودية النفطية، لكن هذا القلق قد تبدد بسرعة خاصة لتولي الأمير عبد الله العرش. ويجدر بالذكر أن لحاكم البلاد الجديد باع طويل في السياسة النفطية للمملكة. ويرى المراقبون أن أساسيات السياسة النفطية السعودية لن تتأثر بعد وفاة الملك فهد، وعزوا الارتفاع البسيط في الأمس إلى فقدان شخصية ذات ثقل سياسي كبير في سوق النفط العالمي، لكنهم يرون أن سياسة المملكة النفطية لا تعتمد على عوامل قصيرة الأجل، وإنما ترتكز على المدى البعيد في التزام السعودية بتوفير احتياجات السوق اللازمة.
استقرار السياسية الإقتصادية
أكدت جميع الأنباء الواردة من العربية السعودية أن سياسة النفط للمملكة لن تتغير بوفاة الملك فهد، خاصة وأن هذه السياسة قد مرت بمراحل وتطورات متعددة في عهد الملك الراحل، كما أن هذه السياسات تركت آثارا مباشرة على سوق النفط العالمية من جهة والسياسة البترولية للمملكة من جهة أخرى. وتمثلت هذه السياسات في ضمان تدفق النفط لأسواق العالمية من أجل موازنة سياسة العرض والطلب إضافة إلى المحافظة على المخزون النفطي في السوق التجارية العالمية. وكانت أهم سياسة اتخذتها المملكة في عهد الملك الراحل تتمثل بتعويض السوق من أي نقص نفطي في حال إحجام أحد الدول المصدرة للنفط عن إمداداتها سواء نتيجة أسباب سياسية أو تقنية. هذا إلى جانب التشاور والاتصال الدائم مع الدول الأعضاء لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أبك" من أجل تحديد مستويات الإنتاج. وكانت السعودية في عهد الملك الراحل قد رسمت سياساتها من أجل التحاور والتشاور المستمر ليس فقط مع الدول المنتجة وإنما أيضا مع الدول المستهلكة للنفط.
وما يؤكد استمرار السياسة النفطية للعربية السعودية هو تولي الأمير عبد الله لمعظم المهام السياسية قبل عشر سنوات نظرا لإصابة الملك الراحل بجلطة مخية حالت دون تبنيه لمهماته السياسية. ومنذ ذلك التاريخ قام الملك الحالي بتمثيل البلاد في المحافل الدولية إضافة إلى قيامه بمتابعة السياسات الداخلية. وكان لولي العهد السابق والحاكم الجديد الدور الأكبر في وضع السياسة النفطية السعودية خاصة، كما أن خبرة العشر سنوات أعطته النفوذ الكافي للتحكم والسيطرة على أكبر احتياطي للنفط في العالم. وكانت السعودية قد حاولت خفض سعر النفط من خلال رفع إنتاجها له من أجل المحافظة على إمداد السوق العالمي بذلك، ووصل إنتاج المملكة في الأشهر الأخيرة إلى 9.5 مليون برميل يوميا، لتصل نسبة صادراتها منه إلى 11 بالمائة من الإنتاج العالمي. وبهذا يصل إنتاج منظمة "أوبك" إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من 25 عاما.
تقرير: زاهي علاوي ـ دويتشه فيله