إثر جلسة عاصفة.. البرلمان العراقي يختار الحلبوسي رئيساً له
٩ يناير ٢٠٢٢أُنتخب النائب محمد الحلبوسي اليوم الأحد (التاسع من يناير/ كانون الثاني 2022) رئيساً للبرلمان العراقي في الدورة الخامسة للبرلمان. ونال الحلبوسي تأييد 200 نائباً من أصل 228 نائبا حضروا جلسة التصويت وأدلوا بأصواتهم في عملية الاقتراع السري.
وشاركت في عملية التصويت كل من كتلة التيار الصدري وكتلة "تقدم" برئاسة الحلبوسي وكتلة "عزم" برئاسة خميس الخنجر والكتل الكردية والمسيحية والمستقلون، فيما غاب نواب الإطار التنسيقي الشيعي عن عملية الاقتراع السري.
صرح رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي أن البرلمان العراقي الجديد هو نتاج للمظاهرات الاحتجاجية التي شهدها العراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2019. وقال في خطاب أمام البرلمان العراقي بعد إعادة إنتخابه لدورة جديدة أمدها أربع سنوات مقبلة " أشكر كل من شارك بالعرس الانتخابي في تشرين الأول / أكتوبر الماضي وأمامنا مشوار كبير وعمل متواصل لتصحيح مسارات العمل السياسي وإستعادة الثقة بالعملية السياسية.
وأضاف" نحن الا نتاج لمظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019 التي طالبت بالإصلاح ومعالجة قانون الإنتخابات".
وقبل ذلك وقعت مشادات عنيفة داخل البرلمان العراقي الذي عقدت جلسته الأولى اليوم بعد الانتخابات النيابية، وسادت فوضى تعرض خلالها رئيس الجلسة النائب محمود المشهداني "لوعكة صحية" نُقل على أثرها إلى المستشفى، وفق ما ذكرت شخصيات شاركت في الجلسة لوكالة فرانس برس، ليخرج بعدها بساعة بعد استقرار حالته الصحية، كما أفادت مصادر طبية في مستشفى ابن سينا ببغداد.
توتر سياسي
ويأتي ذلك على خلفية توتر سياسي قائم منذ الانتخابات التي تصدّر نتائجها التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، فيما ندّدت الأحزاب والمجموعات المدعوم بعضها من إيران بهذه النتيجة. وينعكس التوتر على عملية تشكيل الحكومة التي تتعثر، وسط إصرار الصدر على تشكيل حكومة أكثرية، وتمسك آخرين بحكومة توافقية يتمثل فيها الجميع.
وكانت الجلسة التي ترأسها النائب الأكبر سناً محمود المشهداني (73 عاماً)، قد بدأت بقسم النواب الجدد اليمين. ثم فتح باب الترشح لرئاسة مجلس النواب التي يشغلها عرفا سني، قبل أن تندلع مشادات بين النواب وتسود الفوضى.
وقال النائب مثنى أمين من الاتحاد الإسلامي الكردستاني لفرانس برس "بدأت الجلسة بشكل طبيعي برئاسة رئيس السن وتمت تأدية اليمين الدستوري". وأضاف "بعدها تقدم الإطار التنسيقي (يضمّ أحزابا شيعية بينها قوى موالية لإيران) بطلب تثبيت كونهم الكتلة الأكبر مشيرين الى أن كتلتهم مؤلفة من 88 نائباً. عندها طلب رئيس السن تدقيق هذه المعلومة، وحصلت مداخلات، وقام بعض النواب بالاعتداء عليه".
حكومة أغلبية
وكان التيار الصدري قد حصد 73 مقعداً في البرلمان، وفق النتائج الرسمية. ولم يكن في الإمكان التأكد من عدد النواب الذين انضموا الى "الإطار التنسيقي". بدوره أكد النائب رعد الدهلكي من كتلة "تقدّم" برئاسة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي لفرانس برس أن "مشادات حصلت ووقع تدافع بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي حول أحقية أحدهما بأنه الكتلة الأكبر".
وبعدما سادت الفوضى لفترة، استأنفت الجلسة برئاسة خالد الدراجي من تحالف "عزم" السني (14 مقعداً). وأعلن إثر ذلك ترشيح كل من محمد الحلبوسي (37 مقعداً لكتلته) البالغ من العمر 41 عاماً، ومحمود المشهداني من "عزم"، لرئاسة البرلمان، وفق بيان للدائرة الإعلامية.
وكان مقرراً أن تنطلق الجلسة عند الساعة 11 بالتوقيت المحلي لكن تأخر عقدها لبضع ساعات، إذ جرت مداولات مكثفة قبل الجلسة خارج قاعة البرلمان لمحاولة تخفيف التوترات.
ومدفوعاً بحيازته على العدد الأكبر من المقاعد (73 مقعداً من أصل 329)، كرر الصدر مراراً إصراره على تشكيل "حكومة أغلبية" ما سيشكّل انقطاعاً مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى.
ويبدو أن التيار الصدري يتجه للتحالف مع كتل سنية وكردية بارزة من أجل الحصول على الغالبية المطلقة (النصف زائد واحد من أعضاء البرلمان)، وتسمية رئيس للوزراء يقتضي العرف أن يكون شيعياً. وقال الصدر في تغريدة عشية الجلسة "اليوم لا مكان للطائفية ولا مكان للعرقية. بل حكومة أغلبية وطنية".
بالمقابل يضمّ الإطار التنسيقي تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي الذي حصل على 17 مقعداً فقط مقابل 48 في البرلمان السابق، فضلا عن تحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعداً).
ولعدة أسابيع، شددت قوى الإطار التنسيقي على رفضها لنتائج الانتخابات وقدّمت طعناً للمحكمة الاتحادية لإلغائها، لكن المحكمة ردت الدعوى. وتظاهر مناصرون لها أمام بوابات المنطقة الخضراء لأسابيع تنديداً بالنتائج، فيما وصل التوتر في البلاد إلى ذروته مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
مبدأ جديد
بدوره يرى رئيس مركز التفكير السياسي والباحث العراقي إحسان الشمري أن الوضع يشي بأن "شكل الحكومة القادمة قد يكون وفق مبدأ جديد هو ما يسمى بتوافق الأغلبية هي حكومة ائتلافية لكن بصيغة جديدة"، على عكس الحكومات السابقة التي شاركت بها جميع الأطراف.
ويضيف بالقول: "قد نكون أمام مفهوم جديد يسمى توافق الأغلبية أي أن يتحالف الصدر مع البيت السني الذي يمثله عزم وتقدم، ومع البيت السياسي الكردي (الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني)، وحتى جزء من الإطار التنسيقي قد يلتحق مع مشروع السيد مقتدى الصدر".
ومن المفترض أن ينتخب البرلمان بعد جلسته الأولى، خلال 30 يوماً رئيساً جديداً للجمهورية الذي عليه بدوره أن يكلّف رئيساً للحكومة خلال 15 يوماً من تاريخ انتخابه، يكون مرشح "الكتلة النيابية الأكبر عدداً"، وفق الدستور. واعتبارا من يوم تكليفه يكون أمام رئيس الحكومة الجديد 30 يوماً لتشكيلها.
ويضمّ البرلمان أيضاً كتلتين من المستقلين الأولى تضم 28 نائباً من حركة "امتداد" المنبثقة من الحركة الاحتجاجية وحركة "الجيل الجديد" الكردية، والثانية تضمّ تسعة نواب من كتلة "اشراقة كانون" ومستقلين. ومعظم هؤلاء يدخلون البرلمان للمرة الأولى. يُذكر أن عدد النساء في البرلمان الجديد يبلغ 95 فيما كان في البرلمان السابق 75.
ع.غ، هـ.د (آ ف ب، رويترز)