أوروبا - جنة موعودة أم مجرد سراب؟
١٧ فبراير ٢٠١٤"لقد ألقي القبض علي وتم إيداعي في السجن"، هكذا يتحدث حيدر كارول، وهو علوي كردي من تركيا، عن تجربته مع مصلحة الأجانب في هامبورغ. عام 1995 قدم كارول وهو في 16 من عمره إلى ألمانيا هربا من حرب أهلية كانت تنذر بالحدوث في تركيا. وبعد سنة من ذلك التاريخ أرادت السلطات الألمانية ترحيله قسرا إلى تركيا مرة أخرى. وقد عللت قرارها آنذاك بأنه يقيم بطريقة غير قانونية في ألمانيا.
وفي الواقع، فقد قدم كارول إلى ألمانيا بتأشيرة حصل عليها من السفارة الألمانية في تركيا. وعند وصوله إلى هامبورغ قدم طلب لجوء سياسي. ولم تتجاوز تكاليف سفرته 3000 يورو. بيد أن الطريق نحو ألمانيا بالنسبة للكثير من اللاجئين وعر وصعب، إذ إنهم يحاولون عبر طرق غير شرعية الوصول إليها أو إلى أي دولة أوروبية من خلال دفع أموال طائلة لعصابات متخصصة في تهريب البشر، وأحيانا يدفعون حياتهم ثمنا لذلك.
مطالب بتوحيد سياسات اللجوء الأوروبية
"نحن بحاجة إلى طرق شرعية عبر السفارات في الاتحاد الأوروبي"، وفق ما تقول بيترا بيندل، الخبيرة في الشؤون السياسية من المعهد المركزي للأبحاث الجهوية التابع لجامعة إيرلانغن-نورنبيرغ. وتضيف أنه في الدول، التي تشهد أزمات أو في بؤر التوتر، لا توجد سفارات أو قنصليات للباحثين عن مكان يأويهم من ويلات الحرب أو النزاعات المسلحة. "وبالتالي يجدون أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى عصابات تهريب البشر، وإذا حالفهم الحظ يجدون أنفسهم في مكان ما على الحدود الأوربية الخارجية. ومنذ تلك اللحظة يصبح مستقبلهم في كنف الغموض. ويعامل كل بلد اللاجئين بشكل مختلف.
وترى بيترا بيندل أن سياسية اللجوء الأوروبية تفتقد إلى الإرادة السياسية لتوحيد مختلف السياسات المتبعة من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وتقول بيترا بيندل إن هناك نوعين من اللاجئين: لاجؤون سياسيون وآخرون اقتصاديون. "يجلسون في القارب نفسه جنبا إلى جنب عندما يكونون في طريقهم إلى الاتحاد الأوروبي، لكن دوافع للجوء مختلفة. ويسعى عدد كبير من المهاجرين غير الشرعين الذين قدموا إلى الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن عمل. والعمل أفضل طريقة للاندماج في المجتمع، على ما تقول بيندل. وتضيف: "عدم السماح لهم بالعمل يتسبب لهم في دمار نفسي، إذ إنهم يقضون طوال النهار بدون أي عمل أو شغل في مراكز إيواء اللاجئين بمختلف أعراقهم وثقافاتهم في مكان ضيق في إحدى القرى النائية ولا يُسمح لهم بالخروج",
أما حيدر كارول فقد ساعده الحظ. وبفضل مساعدات مكثفة من قبل عدة أشخاص حالوا دون ترحيله، هاهو يعيش في ألمانيا منذ عشرين عاما. وقد أكمل خلال هذه الفترة تعليمه الثانوي والجامعي وحصل على شهادة الدكتوراة وهاهو يزاول عمله ويجد مكانه في المجتمع. وإذا بقصة النجاح هذه تضاهي القصص النموذجية على نجاح اندماج اللاجئين في ألمانيا.