أوروبا تنتخب في "الأحد الكبير" برلمانا يتجه لميزان قوى جديد
٩ يونيو ٢٠٢٤يواصل الناخبون في أكثر من عشرين دولة من الاتحاد الأوروبي الأحد (تاسع يونيو/ حزيران 2024) الإدلاء بأصواتهم لاختيار برلمان جديد للتكتل، في اليوم الأخير من ماراثون انتخابي يعيد تشكيل التوازنات السياسية مع ترقب صعود اليمين المتطرف ولا سيما في إيطاليا وفرنسا.
وافتتحت اليونان هذا اليوم الانتخابي، تلتها معظم دول الاتحاد الأخرى وبينها ألمانيا وفرنسا.
وقال كوستاس كارايانيس لوكالة فرانس برس لدى خروجه من مركز اقتراع في أثينا إن هذه الإنتخابات "جوهرية" معتبرا أن على البرلمان الأوروبي أن "يضطلع بدوره في الحياة اليومية لجميع المواطنين الأوروبيين".
ودعي بالإجمال أكثر من 360 مليون أوروبي للإدلاء بأصواتهم من أجل اختيار 720 نائبا في البرلمان الأوروبي.
هولندا
وانطلقت الإنتخابات الخميس في هولندا حيث أكدت بحسب التقديرات صعود "حزب من أجل الحرية" بزعامة اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، ولو أنه يحل في المرتبة الثانية بعد ائتلاف الاشتراكيين الديموقراطيين والبيئيين.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن "الائتلاف الكبير" الحالي بين اليمين والاشتراكيين والليبراليين الذي يحسم التسويات في البرلمان الأوروبي، سيحتفظ بالغالبية، غير أن هامش المناورة أمامه سيتقلص، ما سيرغمه على البحث عن قوى مؤيدة له، وهو ما ينذر بمفاوضات شاقة.
ورأى أستاذ الرياضة فيرينك هاموري (54 عاما) الذي أدلى بصوته في قرية قرب بودابست أن الاتحاد الأوروبي سيكون في موقع أفضل إن ضم بين قادته عددا أكبر من المسؤولين على غرار رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان، مبديا أسفه لأنه "سيفوز في الإنتخابات هنا، لكنه سيبقى في الأقلية في بروكسل".
وتشكل تعبئة الناخبين أحد الرهانات الكبرى في هذا الاستحقاق.
ألمانيا
يسعى اليمين الشعبوي في ألمانيالتحقيق موقع متقدم حيث تفيج الاستطلاعات بأن حزب "البديل من أجل ألمانيا" يبقى في موقع قوي رغم الفضائح التي طالت رئيس قائمته ماكسيميليان كراه للاشتباه بارتباطه بروسيا والصين، ما أدى إلى إقصاء الحزب من الكتلة التي كان ينتمي إليها في البرلمان الأوروبي إلى جانب التجمع الوطني.
أدلى المستشار الألماني أولاف شولتس في مدينة بوتسدام شرقي ألمانيا بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي. وحسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية حضر شولتس ترافقه زوجته بريتا إرنست ووقفا في الطابور الموجود أمام مركز الاقتراع التابع لغرفة الصناعة والتجارة. يذكر أن الدائرة الانتخابية لشولتس تقع أيضا في مدينة بوتسدام.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المحافظين الألمان سيحلون في الطليعة بفارق كبير مع حصولهم على 30,5 في المائة من نوايا الأصوات، فيما يمكن أن تشكل نكسة كبرى للمستشار الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس.
ومن شأن أي نتائج ضعيفة أن تكون بمثابة نذير شؤم لشولتس، الذي ينتمي للحزب الإشتراكي الديمقراطي، قبل نحو ثلاثة أشهر فقط من انتخابات مقررة في ثلاث ولايات بشرق ألمانيا، والتي من المتوقع أن يحقق فيها "حزب البديل من أجل ألمانيا "اليميني المتشدد، نتائج طيبة. وتلوح في الأفق أيضا الانتخابات العامة المقررة في عام 2025، حيث تبدو فرص استمرار شولتس في منصب المستشار قاتمة. ويبدو الائتلاف الذي يقوده المستشار شولتس بحاجة ماسة إلى بداية جديدة، ولكن ليس من المرجح أن تمنحه انتخابات البرلمان الأوروبي.
ويخوض حزب المستشار شولتس إلى جانب الخضر منافسة شديدة على المرتبة الثانية مع حزب البديل من أجل ألمانيا الذي يستغل التباطؤ الاقتصادي والمخاوف المرتبطة بالهجرة لحشد الأصوات.
ويتوقع معظم المحللين تراجع المدافعين عن البيئة في معظم الدول ولا سيما في فرنسا حيث قد لا يجتازون عتبة 5 في المائة المطلوبة لإرسال نائب واحد على الأقل إلى ستراسبورغ.
فرنسا
وفي فرنسا حيث دعي 49 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم لتعيين 81 نائبا أوروبيا، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تشكيل حاجز بوجه اليمين المتطرف، محذرا بأن صعوده يهدد بـ"عرقلة" أوروبا.
وتتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة فوزا تاريخيا للتجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا بحصوله على أكثر من 30% من الأصوات، متقدما على حزب ماكرون "النهضة" وعلى اليسار الاشتراكي الديموقراطي بزعامة رافايل غلوكسمان.
إيطاليا
وفي إيطاليا حيث بدأت عمليات التصويت السبت وتتواصل الأحد، تشير التوقعات إلى تصدر حزب "فراتيلي ديتاليا" (فاشيون جدد) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني مع ترقب فوزه بـ22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقابل ستة حاليا.
وأعلنت ميلوني السبت أن هذه الإنتخابات "ستحدد السنوات الخمس المقبلة" مؤكدة مجددا عزمها على "الدفاع عن الحدود بوجه الهجرة غير القانونية، وحماية الاقتصاد الفعلي، ومكافحة المنافسة غير النزيهة".
وصوّت والتر إسبوسيتو (78 عاما) وهو من سكان روما لحزب فراتيلي ديتاليا احتجاجا على سياسة الاتحاد الأوروبي، وقال "سعت أوروبا على الدوام لسحق إيطاليا والإيطاليين".
إسبانيا
وفي إسبانيا، يكتسب الاستحقاق أهمية لكونه يأتي في أعقاب انتخابات 23 تموز/يوليو التشريعية التي فاز فيها الحزب الشعبي اليميني من غير أن يتمكن من تشكيل غالبية مع اليمين المتطرف.
ومن المتوقع أن يحل الحزب الشعبي في الطليعة، لكن الاهتمام سينصب على نتائج حزب فوكس اليميني المتطرف الذي تشير استطلاعات الرأي إلى حصوله على أقل من 10بالمائة من الأصوات بقليل.
وستكون نتائج اليمين المتطرف موضع متابعة ايضا في الدول الإسكندينافية بعدما تسلم السلطة في فنلندا، فيما يدعم الحكومة في السويد بدون أن يشارك فيها.
الدنمارك
وفي الدنمارك، تجري الإنتخابات غداة تعرض رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن لاعتداء، وذلك بعد تعرض رئيس الوزراء السلوفاكي الشعبوي روبرت فيكو لمحاولة اغتيال الشهر الماضي.
واعتبرت الأستاذة الدنماركية يان سورنسن (42 عاما) ردا على أسئلة فرانس برس السبت "أعتقد أن التوجه العام في العديد من الدول هو أننا نزداد انقساما ورغبة في رفع أصواتنا أعلى من الطرف الآخر، وقد نكون حتى أعنف في الدفاع عن معتقداتنا أو آرائنا السياسية".
نفوذ يميني على رئاسة المفوضية؟
وستكون المهمة الأولى أمام النواب الأوروبيين بعد انتخاب رئيسهم أو رئيستهم، التصويت لاختيار رئيس للمفوضية الأوروبية، في وقت تسعى الرئيسة الحالية المحافظة الألمانية أورسولا فون دير لايين للفوز بولاية ثانية من خمس سنوات.
وبصفتها ثالث أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، يمكن أن ترسل إيطاليا 76 نائبا إلى البرلمان الأوروبي المؤلف من 720 مقعدا، مما يعني أن أي دولة سوف تحقق فوزا كبيرا سوف تكون في موقع قوى على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وإذا كانت توقعات إستطلاعات الرأي صحيحة، فإن الأحزاب اليمينية المتطرفة سوف تحقق نتائج أفضل من أي وقت مضى، وهو ما قد يؤثر على كل شيء، بدءا من سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة والمناخ.
م.س/ح.ز (أ ف ب، د ب أ)