أهالي غزة يعانون الأمرين من حصار فرضته أحداث سيناء
٢٩ أغسطس ٢٠١٢الاختبار الأول لعلاقة حركة حماس بأول رئيس مصري من حركة الإخوان المسلمين جاء بعد مقتل الجنود المصريين الستة عشر في مدينة رفح المصرية مطلع شهر رمضان الماضي على أيدي عناصر متطرفة، علما عن وجود اتهامات بتقديم دعم لوجستي من أطراف فلسطينية. وتثير قرارات الرئيس المصري محمد مرسي وتعاطيه مع جريمة رفح بإغلاق معبر رفح الحدودي أمام أهالي قطاع غزة في الداخل والخارج وتدمير مئات الأنفاق وتدميرها على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة تساؤلات حول مستقبل علاقة الرئيس الإخواني وحكومته بحركة حماس. وناشدت الحركة التي تسيطر على قطاع غزة على مدار شهرٍ كامل فتح معبر رفح مع تقديم تعهداتها للجانب المصري لدرء محاولات توريط غزة في جريمة رفح، واستخلاص العبر للشروع في بناء ضوابط سياسية جديدة تحسبا لاختبارات لاحقة .
وعبرت الأوساط الشعبية والقوى السياسية التي تضم فصائل فلسطينية مختلفة عن خيبة أملها من الإجراءات المصرية، معتبرة إياها عقابا جماعيا دون ذنب لأهالي غزة. وأشار بعض المحللين السياسيين لـ DWعربية " أن العلاقة بين حماس ومصر ربما أصيبت بضرر يحتاج لوقت طويل للتعافي".
حصار وعقاب جماعي
لم يكن جديدا على أهالي غزة إغلاق معبر رفح الحدودي لأكثر من شهر. ويُمنع دخول أي فلسطيني الأراضي المصرية عبر المعابر والمطارات المصرية. هذه الإجراءات وصفها أهالي غزة بعقاب جماعي على جريمة ليس لهم علاقة بها. خالد إسماعيل يعمل مهندسا للبترول في إحدى الدول العربية، يشير في حديث ل DWعربية إلى حضوره إلى غزة لقضاء أسبوع من شهر رمضان، إلا أنه لم يتمكن حتى بعد عيد الفطر من السفر بسبب إغلاق المعبر، ويتابع القول " نحن نطالب بأقصي العقوبات ضد مرتكبي حادث رفح ..لكن لا نفهم لماذا نحن نحاصر من رئيس كنا نعلق عيه آمالا أكثر من ذلك".
ويصف لنا الحاج فؤاد نخالة "أن إغلاق المعبر عقاب جماعي من الرئيس مرسي، ويذكرنا بأيام مبارك ". بينما عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان أعرب عن حزنه واستغرابه من طُول فترة إغلاق المعبر، مشددا بالقول" نحن في حالة عجز عن فهم ما حدث في وقت كان الجميع ينتظر من الرئيس مرسي تحسين ظروف سفر الفلسطينيين وفك الحصار". وفى هذا السياق اعتبرت الفصائل الفلسطينية إغلاق المعبر في عهد الرئيس مرسي "تكريسا لحصار قطاع غزة وزيادة في معاناة أهله". حكومة غزة أعلنت أن الجانب المصري سمح بفتح المعبر من جديد يوم الأحد (26 أغسطس/ آب). القيادي البارز في حماس محمود الزهار رحب بذلك، وقال "يوجد أكثر من 40 ألف فلسطيني من المرضي وأصحاب الإقامات والطلبة والمصالح مُسجلون في كشوف وزارة الداخلية للسفر عبر معبر رفح".
المصالحة الوطنية المَخرج الأنسب
يرى كثيرون من أهالي غزة وفق مقابلات أجرتها DWعربية أن" المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام الداخلي تنهى المعاناة والأزمات المتلاحقة لغزة ". وفي هذا الإطار يوضح الباحث في العلوم السياسية د. عُمير يحيى لـ DWعربية أن "حركة حماس وُلدت من رحم الإخوان المسلمين، وأن علاقة حماس بإخوان مصر ستظل قوية وإن أصابها بعض الفتور بسبب أحداث رفح". وتابع قائلا: "الرئيس مرسي سيدفع لاحقا إلى سرعة إتمام المصالحة الداخلية الفلسطينية بشكل متوازن لتجنب الإحراج المحلي والدولي تجاه غزة.. وسيزيد الحصار إن تبينت علاقة عناصر من غزة بجريمة رفح". ويرى المحلل السياسي د. مخيمر أبوسعدة أن أولوية مصر هي "تامين الاستقرار لسيناء والأمن لديهم فوق أي اعتبار". متابعا الحديث بأن فك الحصار وتحسين أوضاع غزة باتت قضية ثانوية لمصر. ويذهب المحلل السياسي يوسف المدلل إلى أن مصر رغم هدمها لمئات الأنفاق مؤخرا إلا أنها "أبقت وسُتبقي على الأنفاق التي تُمد غزة بمواد البناء والوقود إلى حين إقامة منطقة تجارية بين الطرفين".
هجوم يدفع حماس لضبط الحدود
وتدل إفادات الكثيرين من الذين استطلعت DWعربية آراءهم في غزة" أن حماس ستزيد من قبضتها والسيطرة على الحدود والأنفاق". ويشير الباحث د. عمير أن قوى حركة حماس الأمنية عززت بشكل مكثف من تواجدها على الحدود، وبدأت بوضع ضوابط جديدة على أنفاق الأفراد والبضائع. وأكد "ستقوي حماس قبضتها على الجماعات السلفية المتشددة في غزة لعدم إحراجها مستقبلا مع مصر". وعن معبر رفح يعتقد أن التسهيلات ستأخذ منحى تدريجي وسريع بإعادته للوضع الطبيعي. إلى ذلك يشير البعض بان الرئيس مرسي سيحرص علي تجنب أي انفجار أو مواجهات على الحدود مع إسرائيل، وسيسعي جاهدا خلال فترته الرئاسية الأولي إلى تجديد وتثبيت التهدئة القائمة بين حماس وإسرائيل. ويرى المدلل أن حادث رفح "عزز اليوم التعاون والتنسيق الأمني وتشكيل لجنة أمنية مشتركة بين حماس ومصر".