أنفاق رفح تستأنف عملها رغم الدمار الهائل
٣٠ نوفمبر ٢٠١٢مشهد لم تألفه DW عربية عندما جالت في هذه المنطقة من قبل! حالة دمار لافتة على الشريط الحدودي مع مصر، إنها منطقة أنفاق رفح التي تمتد نحو ثلاثة عشر كيلو مترا والتي تعرضت لسلسلة قصف إسرائيلي مكثف استمر ثمانية أيام في الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة. فبعد سريان التهدئة المتبادلة بين الفلسطينيين وإسرائيل في الواحد والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012، عادت الحياة بشكل غير منتظم إلى منطقة الأنفاق. فبات مالكو الأنفاق والعمال يرفعون ما تبقي من أنقاض أنفاقهم لإعادة صيانتها وترميمها. و وفق ما أشار بعضهم لـDWعربية " فأن الخسائر كبيرة والعمل يحتاج لأيام متواصلة لإعادة تشغيل ما تم تدميره". وآخرون يؤكدون على استمرارية عمل تهريب مواد البناء والمواد الغذائية التي ما زالت إسرائيل تمنع دخولها إلى أهالي قطاع غزة منذ عام 2007. في ذات الوقت عادت عشرات الأسر إلى منازلها المجاورة للأنفاق، بعد أن عاشوا حالة من الهلع والذعر من شدة قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لأنفاق ملاصقة لمنازلهم.
أنفاق مدمرة يتم ترميمها
بفعل القصف الإسرائيلي على شريط الأنفاق جنوب مدينة رفح لم تعد الكثير الأنفاق قائمة، التي سبق وان أجرت DWعربية حوارات سابقا مع بعض مالكيها والعاملين فيها. احمد وعاطف وسائد ومحمد، هُم مجموعة عُمال في بداية العقد الثاني، يعملون على إزالة ركام احد الأنفاق في منطقة صلاح الدين. DWعربية سألتهم عن طبيعة عملهم؟ فأجابوا:"هذا النفق بوابته دُمرت و وظيفتنا تصليح هذا النفق الذي طوله حوالي 550متر". وعن آلية العمل يضيف هؤلاء العمال بأنهم بدئوا بصيانة بوابة النفق عبر الحفر، ومن ثم إعادة استخدام الدعامات الخشبية كجسور. وبمقربة عشرات الأمتار ينهمك عاملون آخرون بالاستعانة بآليات حفر وشاحنات لإزالة أكوام هائلة من الرمال وبقايا قنابل وصواريخ. أبو براء وأحمد الشاعر وأبو المنذر مالكو أنفاق تضررت أنفاقهم بشكل جزئي. يشيرون لـDWعربية أن الأنفاق تلقت نحو مائة غارة بصواريخ وقنابل من الطائرات الحربية الإسرائيلية، من نوع أف ستة عشر، بعضها أحدث حفرا كبيرة على عمق 8الى 10امتار في باطن الأرض، ما سبب في اهتزازات شديدة لمئات الأنفاق، وتدمير كلي لبعضها وجزئي لعشرات أخرى. وشدد مالكو وعمال الأنفاق على"مواصلة إعادة بناءها واستمرار تهريب كافة المواد التي تمنع دخولها إسرائيل عبر المعابر التي تسيطر عليها، وطالما بقي الحصار الإسرائيلي مفروضا على قطاع غزة". وفي السياق رصدت DWعربية عودة عشرات الأسر إلى منازلهم المجاورة للأنفاق التي هجروها بشكل جماعي بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة. ولوحظ وجود أضرار و تدمير لبعض تلك المنازل.
مخاطر مُحدقة ومميتة
" تصليح النفق والدخول عبره أصبح خطيرا واستخدامه في نقل البضائع ليس كما كان في السابق" هكذا يشير أبو المنذر لـDWعربية عن طبيعة بعض الأنفاق بعد قصفها. معتبرا أن المخاطر تتجلي في اختلال البنية الأساسية لطبقات تربة الأنفاق التي تحتاج إلى دقة في إعادة ترميم جدرانها وأساساتها والدعامات الخشبية والحديدية، التي أدت إلى انهيار بعضها على العمال. إضافة إلى مخاطر تعرض بعض العمال إليها، حيث نقلوا إلي المستشفيات نتيجة استنشاقهم غازات سامة تتسرب من أنفاق تم قصفها بصواريخ وقنابل إسرائيلية مجهولة. ويشير العامل يوسف، الذي يعمل في احد الأنفاق في منطقة الشعوت، انه توقف عن العمل في نقل السلع والبضائع المهربة عبر الأنفاق نتيجة الدمار الذي أصابها. واصفا الدمار الأخير "بالهائل والأكبر" مقارنة بأي قصف إسرائيلي آخر. مضيفا أن عمله أصبح أكثر خطورة على الرغم انه يقتصر الآن فقط على مساعدة صاحب النفق على إعادة تصليحه. معربا عن خشيته بالقول:"أخشى أن ينهار النفق أو أموت نتيجة استنشاقي غاز سام، كما حصل ذلك مع الشباب الأربعة الذين نقلوا إلى مستشفى "أبو يوسف النجار"، حيث مات واحد منهم".
شريان الحياة
تشير التقديرات في حكومة حماس في غزة إلى أن الحرب الأخيرة أدت إلى شلل كامل في كل مناحي الحياة على مدار ثمانية أيام. كما قدرت الخسائر بنحو مليار وربع المليار دولار، ما ساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة. فيما تضرر آلاف التجار نتيجة إغلاق المعابر الإسرائيلية مع غزة التي سرعان ما تم إعادة فتحها بعد التهدئة المعلنة. ومازالت أنظار أهالي غزة وتجار الأنفاق متجهة إلى تهريب مواد البناء كالاسمنت والحديد التي تمنع إسرائيل دخولها عبر المعابر مع غزة منذ عام 2007. ويشير أبو عاهد، احد مقاولي البناء، انه و تجار الاسمنت والحديد مازالوا يعتمدون على الأنفاق في تلبية احتياجات عمليات البناء والتشييد. مشددا لـDWعربية "أن الأنفاق هي شريان الحياة لغزة بالأخص لمواد البناء". ووفق مالكي الأنفاق فأن حركة تهريب مواد البناء و الحديد تراجعت بشكل كبير. واصفين عمليات تهريب الاسمنت والحديد " بالمعقدة و الخطيرة ". فيما يترقب أهالي قطاع غزة تطبيق بنود التهدئة مع إسرائيل التي ربما تقود في نظرهم إلى سماح إسرائيل بدخول المحروقات ومواد البناء إليهم.
تراجع حركة التهريب
استهدفت الضربات الجوية الإسرائيلية بشكل خاص أنفاق تهريب مواد البناء والوقود، وبعض أنفاق تهريب السيارات. فيما تشير تقديرات مالكي الأنفاق والعاملين فيها إلى أن تدمير أنفاق ذات مواصفات بناء عالية كأنفاق السيارات والوقود، أمر مشكوك فيه. ويشير أبو منذر إلى أن الأنفاق المخصصة بتهريب الوقود هي الأقل ضررا نظرا لعمليات تهريبها عبر الأنابيب التي مازالت تضخ الوقود. و يرد على ذلك أبو خالد، أحد أصحاب محطات الوقود في غزة، بالتساؤل: إذن لماذا لا يصل إلى محطاتنا سوى نوع واحد من البنزين؟. مضيفا " هناك تباطؤ شديد جدا في تهريب البنزين المصري". وهو أمر يؤكده السائق محمود الرقب " أنا سائق تاكسي ولا أحصل على بنزين، نوع 80، لسيارتي كل الموجود سوبر الغالي الثمن". إلى ذلك شهدت أسواق غزة نقصا في بعض السلع الغذائية في بداية ونهاية الهجمات الإسرائيلية على القطاع، سرعان ما امتلأت تلك الأسواق بعد سماح إسرائيل بدخول المواد الغذائية لأهالي غزة عبر المعبرين التجاريين مع غزة كارم أبو سالم و كارني .