ألمانيا تحتفل بمئوية صانع وحدة اللغة الألمانية كونراد دودن
٣ أغسطس ٢٠١١تحتفل ألمانيا هذه الأيام بمئوية كونراد دودن، الذي وحد قواعد اللغة الألمانية بتأليفه معجما لقواعد الإملاء والهجاء للغة. ورغم مرور السنين يبقى هذا الاسم مخلداً في تاريخ اللغة الألمانية، فالعالم اللغوي منح كل الألمان آنذالك، ولاسيما الطبقة غير المتعلمة، التي كانت تشكل أغلبية الشعب الألماني، فرصة تعلم اللغة وممارستها بشكل صحيح وبشكل موحد لا يختلف عليه اثنان. ورغم مرور مائة عام على وفاته، فإن أعماله ما زالت تمثل جزءاً مهماً من حياة كل ألماني وكل متعلم للغة الألمانية، سواء أراد ذلك أم لا. لكن طريق دودن لإنجاز هذا العمل لم يكن سهلاً على الإطلاق، فقد قوبلت فكرة توحيد قواعد اللغة الألمانية في بداية الأمر بالرفض الشديد من قبل مستشار الرايخ الألماني أوتو فون بسمارك.
رحلة دودن مع العلم والبحث
ولد كونراد دودن في الثالث من يناير / كانون الثاني 1829 في قرية صغيرة في مدينة لاكهاوسن والمعروفة اليوم باسم فيسيل. كان والده ضابط سكة حديد، وأسلافه من العائلات العريقة في المدينة. ذهب إلى المدرسة الثانوية المحلية في فيسيل وحصل على الشهادة العليا فيها ثم بدأ بدراسة علوم اللغة وآداب اللغة الألمانية والتاريخ في جامعة بون. ولعدم تمكنه من تمويل دراسته الجامعية اضطر إلى ترك الجامعة وانتقل إلى مدينة فرانكفورت ليعمل فيها كمدرس خصوصي.
وبعد اجتيازه امتحاناته الجامعية في عام 1854، قيمت اللجنة القائمة على الامتحانات مستواه بالمقبول، ونصحته بضرورة تحسين معلوماته القواعدية في اللغة. بعد دراسته الجامعية بدأ دودن بكتابة أطروحة الدكتوراه، ولكنه لم يكملها وانتقل إلى جنوة ليعمل فيها كمدرس خصوصي، حيث تعرف على أديلينه ياكوب، ابنة القنصل الألماني في ميسينج وتزوج منها. وعمل بعد ذلك مدرساً حتى عين مديرا لمدرسة باد هيرفيسفيلد الثانوية في ولاية تورينغن.
تاريخ أول معجم موحد
وتوضح قصة كتابة دودن لأول معجم موحد لقواعد الإملاء والهجاء الألمانية، مدى إصراره وإيمانه بفكرته التي كان لها تأثيرً كبير على اللغة والتواصل بين الشعوب الناطقة بالألمانية. فقد ذاع صيت دودن قبل إصدار معجمه الأول، إذ نشر قبلها إصدارات لقواعد اللغة الألمانية وأول قاموس لغة في عام 1872. أما فكرة توحيد قواعد الإملاء والهجاء للغة الألمانية فقد كانت محل نقاش قبل أن يصدر دودن معجمه اللغوي الأول، حيث اجتمعت الدول الناطقة باللغة الألمانية من أجل الاتفاق على قواعد موحدة للإملاء.
ولكن توصيات المؤتمر لم يتم الاعتراف بها، بسبب معارضة مستشار الرايخ الألماني آنذاك ،أوتو فون بسمارك لفكرة المشروع، حيث قام بعدها بمنع استخدام هذه القواعد في الدوائر البروسية. لكن رغم فشل المشروع الأول لم يقلع دودن عن فكرته وعن السعي لتحقيق هدفه، حيث واصل العمل بعد ذلك على كتابه "المعجم الشامل لقواعد الإملاء في اللغة الألمانية" وهو ما كان يعرف بـ "معجم دودن الأول" وكان حينذاك في الواحد والخمسين من العمر. وقد لاقى معجمه نجاحاً في كل الدول الناطقة باللغة الألمانية، وأصبح المرجع الرئيسي للغة الألمانية. وقضى دودن بقية حياته في إصدار معاجم جديدة.
مي المهدي
مراجعة: منى صالح