ألمانيا: الفتور الانتخابي..خطر على العملية الديمقراطية؟
١١ سبتمبر ٢٠١٣"من يكون متحفظا، ومتواضعا وبسيطا في ظهوره بهذا الشكل، لا يمكن أن يكون عرضة للهجوم"، هكذا الصحفي والمحلل الألماني ميشائيل شبرينغ، في إحدى الندوات التي نظمتها DW، أسلوب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل خلال الحملة الانتخابية الحالية. أسلوب أنغيلا ميركل هذا، هو ما يشكل المشكلة الحقيقية بالنسبة لمنافسها بير شتاينبروك، الذي لم يجد حتى الآن أي ثغرة حقيقية لمهاجمة برنامج ميركل الانتخابي.
ويظهر ذلك جلياً أيضا من خلال التصريح الذي أدلى به شتاينبروك، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني لمنصب المستشار، في وقت سابق، حيث قال: "السيدة ميركل تعطي الانطباع بأن كل شيء رائع، وكأنها تقول: عليكم فقط بإعادة انتخابي. لا أطلب منكم أي جهد سواء أكان مادياً أو معنويا. وسيستمر الحال كما هو عليه الآن".
ميشائيل شبرينغ، كان مستشارا لمرشح الحزب الاجتماعي المسيحي (CSU) إدموند شتويبرفي الانتخابات الاتحادية لعام 2002. ويرى شبرينغ أن المستشارة أنغيلا ميركل تقود حملتها الانتخابية بنجاح، فهي لا تتصرف بشكل قيادي فقط، بل إنها لا تترك لمنافسها أي مجال لمهاجمتها فيما يخص المواضيع الانتخابية. كما أنها استحوذت على بعض أهم نقاط البرامج الانتخابية لأحزاب المعارضة مثل التخلي عن استخدام الطاقة النووية والمطالبة بوضع حد أدنى للأجور.
حملة انتخابية فاترة دون سجالات قوية
ولا تأتي استطلاعات الرأي الصادرة لحد الآن في صالح المعارضة. فبحسب هذه الاستطلاعات يمكن أن يواصل الائتلاف الحالي (المسيحي الديمقراطي والاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر) الحكم لأربع سنوات أخرى قادمة.وفي حالة عدم حصول ذلك، فهناك إمكانية اللجوء إلى ما يعرف في ألمانيا بـ "الائتلاف الكبير" الذي يتكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاجتماعي المسيحيمن جهة والحزب الاشتراكي الديمقراطي من جهة أخرى.
وبما أن كل المؤشرات لا تخرج عن هذين الاحتمالين، يتساءل البعض عن جدوى بذل مزيد من الجهد في هذه الحملة الانتخابية. ويقول ينس توراو مراسل DWفي برلين مؤكداً غياب الحماس عن الحملة الانتخابية الحالية: "لم أعايش من قبل حملة انتخابية يفتقد فيها كثير من السياسيين للحماس عند ذهابهم للتظاهرات الانتخابية".
ويفتقد توراو إلى الأسئلة المستقبلية المصيرية التي تهم الناخبين: كيف يمكن إصلاح النظام الصحي بشكل يجعله أكثر إنصافاً؟ وكيف يمكن التعامل مع تحديات شيخوخة المجتمع وارتفاع أعداد المحتاجين للرعاية؟ ما هو موقف ألمانيا من الأزمة السورية. وماذا بشأن السياسة الألمانية إزاء أوروبا؟ كل هذه الأسئلة لا تُطرح إلا لماما، بحسب ينس توراو.
لدينا ديمقراطية، لكن لا أحد معني بالمشاركة
لكن ما هي دلالات أن تكون الحملة الانتخابية فاترة دون نقاشات سياسية حقيقية؟ ألا يغيب في هذه الحالة جزء مهم من ممارسة العملية الديمقراطية؟ المستشار السياسي شبرينغ، يقول في هذا الصددمشيراً إلى المناظرة التلفزيونية الأخيرة التي جمعت بين المستشارة أنغيلا ميركل ومنافسها بير شتاينبروك: "كان لدينا مناظرة سياسية بين مرشحة لا ترغب في القيام بحملة انتخابية ومنافس لا يستطيع القيام بحملة انتخابية". وتساءل شبرينغ كيف يمكن للناخبين أن يكونوا متحمسين؟ لكنه يتوقع بأن تكون الانتخابات البرلمانية القادمة مغايرة لما هو عليه الحال الآن.
بيد أن تورستن فاز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماينس، لا يبدو متفائلاً بخصوص ظروف الانتخابات القادمة، إذ يذكر بنسبة المشاركة المنخفضة التي عرفتها الانتخابات البرلمانية عام 2009، والتي لم تتجاوز نسبة 70 في المائة، وهي أقل نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات في البلاد. ويقول فاز "إذا كانت نسبة مشاركة هذه السنة قريبة من ذات النسبة، فلا أتوقع أن يختلف الأمر عن ذلك في الانتخابات القادمة". ولا يتفق أستاذ العلوم السياسية مع الرأي القائل أن الألمان لا يهتمون بالأمور السياسية،باعتبار أن وضعهم الاقتصادي أحسن من وضع نظرائهم في باقي الدول الأوروبية. ويعتبر فاز "تفسير نظرية العزوف عن الانتخابات كعلامة على الارتياح الكبير بأنها خرافة ولا علاقة لها مع الواقع".