آفي بريمور: "غالبية الشعب الإسرائيلي تؤيد الانفصال عن الفلسطينيين"
٢٧ مارس ٢٠٠٦دويتشه فيله: ما هو الموضوع الذي يطغى على برامج الأحزاب الإسرائيلية المشاركة في انتخابات الـ 28 مارس/آذار 2006 ؟
بريمور: تلعب القضايا الاجتماعية والاقتصاديّة دوراً كبيراً في البرامج الانتخابية، إلا أنها لا تمثل أهمية قصوى بالنسبة لمعظم الناخبين. أما مسألة الأمن ومستقبل الأراضي المحتلة والعلاقات مع الفلسطينيين فتعد من أهم النقاط بالنسبة للناخب في هذه البرامج. ويرجع نجاح حزب شارون الجديد كاديما إلى الوعود، التي أخذها على نفسه، أي استكمال ما بدئه شارون من انسحاب أحادي الجانب من المناطق المحتلة، لاسيما من الضفة الغربيّة، ذلك لأن غالبية الشعب الإسرائيلي تؤيد الانفصال عن الفلسطينيين، وذلك بغض النظر إلى طبيعة هذا الانفصال وآليته.
ما مدى التوافق والتباين بين الأحزاب الإسرائيليّة فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية؟
حزب الليكود اليميني لا يريد الانفصال عن الفلسطينيين، بل يدعو إلى إحكام السيطرة على الأراضي الفلسطينية والتوسع الاستيطاني، في حين أن حزب كاديما ينادي بانسحاب أحاديّ الجانب من الأراضي المحتلة دون إجراء مفاوضات مع الجانب الفلسطيني مع إزالة المستوطنات من المناطق المزمع إخلاؤها. ومن جهة أخرى فإن حزب العمل يدعو إلى انسحاب من الأراضي المحتلة على أساس المفاوضات مع الفلسطينيين إلا أنه يبقي على خيار الانفصال قائماً.
ما هي توقعاتك لنتائج الانتخابات وأيّ الأحزاب ستفوز بأغلبية مقاعد البرلمان الإسرائيلي؟
يرى الخبراء أن استطلاعات الرأي ليست إلا مجرد مؤشرات للمناخ العام المرافق للانتخابات، وأنها لا تعكس طبيعة الآراء الحقيقية. إلا أن نتائج استطلاعات الرأي تتسم بالثبات منذ شهرين، وذلك على ما كان متوقع. تبلغ عدد مقاعد البرلمان الإسرائيلي 120 مقعداً، وحسب استطلاعات الرأي فإنّ حزب كاديما سيحصل على ما بين 38 و 40 مقعد. في حين يتوقع أن يحصد حزب العمل 20 مقعداً وحزب الليكود 14 مقعداً. أما الأحزاب الأخرى على اختلاف توجهاتها السياسية فهي صغيرة. وإذا جاءت النتائج على هذا النحو فسيكون من المحتمل تشكيل ائتلاف حكوميّ بين حزبي العمل وكاديما. وهذا ما سينتج عنه في الغالب حكومة معتدلة.
هل تتوقع أن تتسم عملية تشكيل الحكومة المقبلة بالصعوبة؟
إذا أحرزت الأحزاب النتائج التي تنبأت بها استطلاعات الرأي فلن يكون هذا الأمر صعباً، إذ أنه من الممكن لحزبي كاديما والعمل أن يحصلا على أغلبية مطلقة في البرلمان. لكن قد تكون هناك صعوبات إذا لم يتمكن كلا الحزبين من تحقيق النتائج المتوقعة، الأمر الذي قد يفضي إلى ضغط يتولد عنه تحالفات حزبية مع الأحزاب اليمينيّة. هذه السيناريوهات ستبقى قائمة ما لم تحدث تحولات جذريّة في توجهات الناخبين نتيجة لأعمال إرهابيّة قد تصب في مصلحة حزب الليكود والأحزاب اليمينيّة الأخرى وتؤدي إلى نتائج سلبية على حزبي العمل وكاديما.
هل تعتقد أن ايهود أولمرت هو الرجل المناسب لمنصب رئيس الوزراء وهل بإمكانه أن يحل محل شارون؟
أعتقد أن في استطاعة أولمرت أن يحل محل شارون، لاسيما وأنه قد قام بإثبات جدارته من قبل في أي منصب شغله. إنه من المهم جداً أن ننظر إلى سيرة هذا الرجل الذاتية، لأننا سنلاحظ أنه تحول من اليمين المتشدد إلى تبني سياسات معتدلة. لقد شارك أولمرت كنائب لرئيس الوزراء في صياغة سياسة شارون الأخيرة المتعلقة بالانسحاب من غزة، وتحدث، حتى قبل شارون نفسه، عن الانسحاب ليس من غزة فحسب وإنما من كافة المناطق المحتلة أيضاً. هذا الرجل، الذي تحول إلى الاعتدال ليصبح سياسياً وقيادياً فاعلاً، لن يكون رئيس وزراء سيئ بشرط أن يحصل الأغلبية اللازمة في البرلمان.
ما هي الطريقة التي ينبغي على الحكومة الإسرائيلية إتباعها تجاه حركة حماس؟
إن ذلك يتوقف على حركة حماس نفسها. فإذا استمرت الحركة في التمسك بأيديولوجيتها المتطرفة، التي تسعى بصورة واضحة إلى تدمير دولة إسرائيل متخذة من الإرهاب وسيلة لتحقيق ذلك، فلن تكون هناك بالطبع مفاوضات معها. وهذا ما يصرح به كل السياسيين. لكن من جهة أخرى فإن هذا الموقف مرتبط بالحملة الانتخابية، إذ أنه من المتوقع أن تتصرف حماس بعد الانتخابات بطريقة مختلفة. ففوزها قد تحقق على أرض لا تتمتع بالاستقلال، أو تتمتع في أفضل الظروف بالحكم الذاتي، وهى في الحقيقة محتلة من قبل إسرائيل، إذ تحكم عليها إسرائيل سيطرتها براً وجواً وبحراً، الأمر الذي لا يعطي حماس حيزاً كبيراً للمناورة السياسيّة. والشعب الفلسطيني ينتظر من حماس أن تحدث تحسينا في أوضاعهم المعيشية والاقتصادية. وهذا بدوره يتوقف كلياً على الجانب الإسرائيلي، الذي يمسك في يده بمفاتيح التنقل من المناطق المحتلة وإليها والتواصل مع العالم الخارجي والتبادل التجاري وحتى المساعدات الخارجيّة من خلال السيطرة على قطاع الخدمات كبنوك وغيرها. وفي ضوء ذلك فإن حماس لا تستطيع أن تحصد ثمار فوزها بمعزل عن الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي سيجعلها تخسر شعبيتها بنفس السرعة التي كسبتها بها، إذا لم تبحث عن سبل للتفاهم مع الحكومة الإٍسرائيليّة. لذلك أعتقد أن حماس ستتبنى خطاباً سياسياً عقلانياً معتدلاً. أما على الجانب الإسرائيلي، فإذا تم بالفعل تشكيل ائتلاف حكومي من صفوف حزبي كاديما والعمل فسوف يتبنى هذا التحالف سياسية تتسم بقدر أكبر من البراغماتية في التعامل مع حماس مما هو عليه الحال حالياً.